بسم الله الرحمن الرحيم
الغيب الحبيب
وتتوالى مواسم الخيرات والبركات بين رجب وشعبان ورمضان، وقد أهل علينا شهر شعبان المعظم الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا بالبركة فيه..
كان يقول صلى الله عليه وسلم:
(اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ..) رواه أحمد عن أنس بن مالك .
وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يخص هذا الشهر بالصيام فقد روت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها قالت:
(مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ). رواه البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
و(سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الصَّوْمِ أَفْضَلُ بَعْدَ رَمَضَانَ فَقَالَ شَعْبَانُ). رواه الترمذي عَنْ أَنَسٍ
وكان يقول لهم صلوات الله وسلامه عليه وهو يحدثهم عن شعبان:
(ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهرٌ ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم). رواه النسائي عن أسامة بن زيد مرفوعاً.
ففي كل سنة موعد لصعود الأعمال ..
فالأعمال ترتفع كل يوم وترتفع كل سنة، وارتفاعها كل سنة له خصوصيته ، ففي هذا الموسم تنزل المقادير .. مقادير السنة وترفع الأعمال كلها ، يُقيَّم العبد أو يقَوَّم، فإما أن يكتب في السنة من الصالحين وإما أن يكتب من غيرهم ..
(ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهرٌ ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين).
في هذا الشهر كان تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، وفيه ليلة النصف من شعبان تلك الليلة العظيمة التي فيها ما فيها من التجليات الخاصة.
أخرج ابن ماجة عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
(إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ
أَلا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ أَلا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ أَلا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ أَلا كَذَا أَلا كَذَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ). رواه ابن ماجه عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
وفي سنن ابن ماجة عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ
إِلا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ) رواه ابن ماجه عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ
وتروي السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها كما في جامع الترمذي قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فخرجت فإذا هو بالبقيع فقال: أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله، قلت يا رسول الله إني ظننت أنك أتيت بعض نسائك فقال:
(إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ). رواه الترمذي عَنْ عَائِشَةَ
وهي قبيلة تعرف بكثرة عددها فكان صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة في بقيع الغرقد يقف في الليل في مشهد يرتفع فيه الإنسان عن المحسوسات .. إذ لا يمكن للإنسان وهو يقف بين المقابر في سكون الليل في مكان لا تجد فيه من زخرف الدنيا شيئاً إنما تنظر فيه للمواكب التي سبقت وارتحلت .. تنظر فيه إلى الأحبة الذين نزلوا في حضرة الحبيب، وهكذا خرج المصطفى صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة ليلة النصف من شعبان عن البيوت والمساكن، ووقف في المقبرة قريباً من أولئك الذين ارتحلوا عن الدنيا ..
إن هذا الشهر يا إخوتي شهر ما فيه من المعاني يدعو المتأمل والعاقل المؤمن إلى أن يخرج قلبه خارج دائرة المحسوس حتى يستشعر معنى صلة القلب بمولاه، ويستشعر معاني الآخرة ، ويورد على قلبه معاني الغيب ..
قال بعض السلف ومنهم عكرمة تلميذ حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما، في مطلع سورة الدخان :
( حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ، فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) الدخان: 1-4.
قال : الليلة المباركة التي يفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة النصف من شعبان، وقال غيره إنها ليلة القدر .. لكن لا يمنع أن يكون النزول في شهر شعبان نزولاً خاصاً يتميز عن النزول في ليلة القدر، وقد جمع المحققون بين هذين القولين فقالوا إنهما نزولان : نزول فرقيٌّ فيه يفرق كل أمر حكيم ليلة النصف من شعبان ، ونزول في ليلة القدر يكون فيه التجلي القرآني الجمالي الذي تتشرف بأنواره ملائكة الله وأهل الملكوت ، في ليلة النصف من شعبان يقضي الله سبحانه وتعالى كل خلق وأجل ورزق وعمل إلى مثلها، وتنزل مقادير السنة ..
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنك ترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى ..
نزل اسمه فيمن نزل في أسماء الموتى وهو غافل عن ذلك يمشي في الأسواق.
إن وقوف المصطفى صلى الله عليه وسلم ليلة النصف من شعبان في البقيع ليعطينا معنىً ينبغي لنا أن نحضره في قلوبنا ..
حتى لا يكون شهر شعبان وليلةُ نِصفه طقوساً تتوقف عند طاعة الدعاء .. لا .. إنها مناسبة سنوية ترحل فيها قلوبنا عن كثائف الدنيا ومحسوساتها، وتعلقاتها، وعلائقها التي تشدها إلى الأرض ، ترحل عن شهواتها.. لتنظر إلى أفق الغيب بعيداً حيث الغيب الحبيب الذي ينتظر أهل الإيمان ..
يستفاد من وقوفه صلى الله عليه وسلم في البقيع ضرورة أن ترحل قلوبنا إلى الآخرة ، أن نخرج الدنيا بكل ما فيها من القلوب ..
تلك هي خصوصية الزمان .. هي خصوصية ارتحال وانتقال، يرحل فيه القلب من أحواله الظلمانية إلى أحواله النورانية، ومن تعلقه بالدنيا إلى تعلقه بالآخرة، ومن مراقبته للخلق إلى مراقبته لرب الخلق.
أحضروا يا إخوتي في قلوبكم ذلك التقابل الذي حكاه ربنا بين الفريقين، بين فريق الإيمان وفريق الكفر ..
اقرؤوا قوله تعالى وهو يحكي ذلك التقابل الغيبي:
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.. يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا - كنتم في الدنيا وكنتم تستطيعون التماس النور وكنتم تستطيعون الانتقال والارتحال إلى الأنوار لكنكم ضيعتم تلك الفرصة- فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمْ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) الحديد: 12-13.
ينادي المنافقون والمنافقات أهل الإيمان ألم نكن معاً ! ألم نكن مختلطين في تجمع واحد ! ألم نكن ندخل بيوت الله نصلي معكم، نحضر الصلاة معكم ( لكن كانت تلك الصلاة صورية ) .. قوم دخلوا فتوجهت قلوبهم إلى الله , وقوم دخلوا فركعت أجسامهم ولم تركع قلوبهم, تكبرت وتجبرت قلوبهم, أجسامهم تحركت بالطاعات لكن قلوبهم لم تعرف معنى الذل بين يدي الله سبحانه, ما خضعت ولا ركعت ولا ذلت لله ..
(يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمْ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) الشيطان غرَّكم.
(فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا) لا من أهل النفاق ولا من أهل الكفر.
(مَأْوَاكُمْ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) هي التي ستنصركم.
كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه أن يقولوا : (الله مولانا ولا مولى لكم ) ومن كان الله مولاه فإنه سبحانه وتعالى كافيه, ومن لم يكن الله سبحانه وتعالى مولاه فلن ينصره أحد.
(مَأْوَاكُمْ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)
شتان شتان... بين مشهد أهل النفاق والكفر وبين المشاهد التي أعدها الله لأوليائه وأحبابه في الغيب الحبيب.
كان صلى الله عليه وسلم يحدِّثهم في حديث المعراج: أن جبريل انطلق به حتى انتهى به إلى سدرة المنتهى, وغشيها ألوان, قال صلى الله عليه وسلم: (لا أدري ما هي) ما أعرف تلك الألوان .. ليست من ألوان الدنيا التي أعرفها, (وغشيها ألوان ما أدري ما هي , ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا فِيهَا حَبَائلُ اللُّؤْلُؤِ وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ). رواه البخاري
كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول لهم :
لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ يَعْنِي سَوْطَهُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلأَتْهُ رِيحًا وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا (ما تتجمل به على رأسها من الخمار) خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. رواه البخاري عن أَنَس بْنَ مَالِكٍ
كان صلى الله عليه وسلم يحدثهم عن ذلك الغيب الحبيب, فيقول لهم:
(إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً رَجُلٌ صَرَفَ اللهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ قِبَلَ الْجَنَّةِ...-وفي الحديث : ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتَهُ فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ فَتَقُولانِ الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا وَأَحْيَانَا لَكَ...) رواه مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
وكان صلى الله عليه وسلم يصلي مرة فتناول شيئاً, فقال أصحابه رأيناك يا رسول الله تناولت شيئاً في مقامك, قال:
(إِنِّي أُرِيتُ الْجَنَّةَ فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا.)رواه البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
عنقود واحد من الجنة يكفي أهل الدنيا إلى أن تقوم الساعة, ذلك هو الغيب الحبيب...
وكان صلى الله عليه وسلم يقول لهم:
(مَا فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِلا وَسَاقُهَا مِنْ ذَهَبٍ.) رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
يا من يتعلق بالذهب, تعلق بذلك الغيب المنتظر الذي يدعوك الله إليه, في جنة عرضها السموات والأرض.
وكان صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه:
(فِي الْجَنَّةِ مِائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مِائَةُ عَامٍ.) رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وكان صلى الله عليه وسلم يخبرهم أن العالمين لو اجتمعوا في درجة واحدة من درجات الجنة لوسعتهم
وكان صلى الله عليه وسلم يخبرهم فيقول:
(أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَا يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ أَمْشَاطُهُمْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمَجَامِرُهُمْ الْأَلُوَّةُ وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ) رواه البخاري
كان صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه:
(إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لا نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا.) رواه البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
(أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي) وما أحلى أن يرضى الله عنا..
وهل غاية أسمى وأعلى من رضوانه؟
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليت الذي بين وبينك عامر
إذا صح من الود يا غاية المنى
وليتك ترضى والأنام غضاب
وبيني وبين العالمين خراب
فكل الذي فوق التراب تراب
أيها الأحبة..
هذا موسم الإقبال على الله, تذكروا أن الناس الذين تلاحظهم قلوبنا سيصاحبوننا إلى عتبة القبر ثم يرجعون, ما أحد منهم سيدخل معنا قبورنا...
فقد أخبر صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه:
(يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاثَةٌ فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ) رواه البخاري ومسلم عن أَنَس بْن مَالِكٍ
لن ينفعنا الخلق, ولن تنفعنا الأموال, إلا قلب سليم توجه إلى الله سبحانه بالكلية .. إلا قلب سليم صفا من الكدورات فأفاض الدموع, وأظهر الخشوع, وأظهر الخضوع ... إلا قلب تخلص فكان له الخلاص.
أيها الأحبة..
هذا موسم الخيرات أقبل علينا فلا تفوتوا خصوصيته, وإن الذي تفوته مواسم الخيرات لن يأتي من سلوكه بعد ذلك خير, ولن يكون قادراً على بناء نهضة ..
وأي نهضة تبنى لا تكون بواعثها العبودية لله ..
لن يكون سلوكه معطاءً , وأي عطاء سوف ينفع الناس لا تكون بواعثه ذلة بين يدي الله تثمر عزة وقوة.
اللهم لا توجه قلوبنا إلا إليك
ولا تجعل اعتمادنا في الأمور كلها إلا عليك
اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
أقول هذا القول واستغفر الله
|