بارك الله لكم أيها الأخوة الأحبة في هذا الشهر الأغر وأسأله تعالى أن يجعلنا فيه من المقبولين.
ويدخل حبيباً على قلوبنا ذلك الغائب المنتظر الذي تشتاق القلوب إليه كل عام, تنتظر أن تُغسل فيه بالثلج والماء والبرد, وأن تنقى من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس .. تشتاق الأرواح إليه في لياليه التي تحلو فيها المناجاة , وتسكب فيها العبرات..
نشتاق إلى هذا الغائب أيها الأحبة, وهو الذي مع إطلالته الرحمة, وفي أوسطه المغفرة, وعند رحيله العتق من النار.
وقال ربنا تبارك وتعالى:
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)البقرة:185
فكانت الهداية الأولى: هداية الأرواح إلى الله, وكانت الهداية الثانية:هداية الاستقامة على التقوى.
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ) والقرآن يهدي الأرواح إلى الله.
(وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) والفرقان يسوق السلوك إلى الاستقامة.
وما أحلى أن تتصل الأرواح بحضرة حُبها وحِبها, وما أحلى أن يتغير الإنسان من السلوك الفاسد إلى السلوك الذي يحبه الله تعالى ويرتضيه.
شهر رمضان :
أما الشهر يا إخوتي فإنه القمر كما يقول علماء اللغة , سمي بذلك لشهرته وظهوره , ثم سمي العدد المعروف شهراً لأنه يشهر بالقمر , وفيه علامة ابتداءه وانتهاءه .. ولا غبار يا إخوتي حينما تختار الأمة دخول الشهر بحسابها, فالبعض اليوم يثيرون قضية دخول الشهر بالحساب الفلكي أو الرؤية , ولقد نص أكثر من محقق من علمائنا رضي الله تعالى عنهم, منهم السُبكي , أن الحساب الفلكي حينما يصبح يقيناً يقدم على الرؤية الظنية ..
فلتجتمع الأمة على شيء , وما أحلى أن تجتمع الأمة.
فما معنى رمضان أيها الأحبة ؟
ما دلالة الكلمة التي من خلالها نستطيع أن نأخذ معلماً لسلوكنا في هذا الشهر المبارك؟
رمضان في دلالة لفظته يعطي أربعة من المعاني:
1 - فإذا قيل رَمِضَ الصائم معناه: اشتدت الحرارة فيه, عطش وصار جوفه ملتهباً.
الدلالة الأولى الحرارة.
2 - والدلالة الثانية: الانتظار, فالترميض : الانتظار.
3 - والدلالة الثالثة : الرقة, فالعرب يستعملون الرمض , فرمض السكين : ترقيقها .
4 - أما الدلالة الرابعة فهي: الحدة, وكل حاد عند العرب رميض.
هذه دلالات اللغة, وبين المعاني والألفاظ يكون السلوك .
أولاً - من الحرارة يؤخذ في هذا الشهر :
أ - حرارة المجاهدة , فقد قال سبحانه وتعالى:
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)العنكبوت:69
حينما يجاهد الإنسان نفسه , فيكون ذلك شديداً عليه ..
وهذا موسم المجاهدة يا إخوتي .. حينما تطلب النفس شيئاً فيعيش الصائم حرارة المجاهدة معها .. تطلب النفس منه ما كانت تطلبه قبل شهر رمضان لكنه يقول لها: بدأ موسم المجاهدة ولا خيار لك إلا أن تكوني من أصحاب الطاعة لله سبحانه وتعالى والموافقة له.
وفي هذا المعنى قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:
(من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) صحيح البخاري
فليست المجاهدة يا إخوتي في أن نجوع ونعطش وحسب , لا...
فشهر رمضان رياضة للنفس , وإذا لم نخرج منه بأخلاق جديدة .. وإذا لم نخرج منه بترويض وتشذيب وتأديب وتهذيب فكأنما لم ندخل في هذا الشهر ولم نخرج منه ..
الرياضة والترويض التي نعيش فيها حرارة المجاهدة حين تطلب النفس الزور وأنت تسوقها إلى الحق .. حين تطلب العمل بالباطل وأنت تسوقها إلى الحق.
وقال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: (الصيام جنة)
يعني حصن حصين يحصن النفس لأنه موافقة لله سبحانه وتعالى وخصومة مع كل ما يغضبه.
(الصيام جنة ، فلا يرفث ولا يجهل ، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه ، فليقل إني صائم - مرتين - والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي)
وهكذا يدخل الإنسان في هذا الموسم في امتحان.
كنا في المواسم الماضية نرى في الأسواق خصاماً .. ونرى في الأسواق غضباً وانفعالاً , ليس هذا من شأن الصيام, ليس هذا من شأن الطائع في موسم شهر رمضان ..
يقترب المغرب فتشتد الخصومات , ويزدحم السير فتزداد الانفعالات , ما هذا شأن الصائم يا إخوتي ..
الصائم وطَّن نفسه على العبودية , ووطَّن نفسه على مخالفة نفسه فيما يغضب الله وفيما لا يرضاه ..
فلنتعلم في هذا الشهر الحلم , ولنتعلم فيه الصبر, ولنتعلم السماحة, ولنتعلم الجود , ولنتعلم الكرم, ولنتعلم العفو, اعف عمن ظلمك, صل من قطعك, هذا هو الامتحان والاختبار ..
في أول يوم من أيام هذا الشهر المبارك فلنهيء أنفسنا حتى نكون فيه أصحاب الخُلق, وعندها نستفيد من حرارة المجاهدة.
ب - ومن الحرارة ومعانيها : حرارة الجهاد.
والله سبحانه وتعالى الذي قال:
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) قال سبحانه وتعالى:
(وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لله خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ )الأنفال:41
فسمى الله سبحانه وتعالى يوم بدر الذي كان مطلع جهاد الأمة , وكان فرقانها الذي به أصبحت صاحبة السيادة في العالم, سماه يوم الفرقان ..
والعجيب يا إخوتي أننا بدأنا نحدث العالم ونقول له : إن اختلاط الشعوب يجعلنا أصحاب السلام العالمي الذي ندعو فيه إلى الإسلام بالحجة والبرهان ..
ونقول لهم: إن ربنا قال لنا: وادخلوا في السلم كافة ..
لكن غيرنا يأبى إلا أن يطغى في بلادنا .. يأبى إلا أن يكون مع عنصريته .. يأبى إلا أن يكون مع نحلته ..
هذه تركيا قالت للعالم نحن مسالمون .. ونحن في العالم مظهر للأسلوب الجديد المعاصر, لكن ماذا قال الغرب لها؟
قال: لا ولا ولا لانضمامك في ساحاتنا فأنت دولة مسلمة.
تقول تركيا لهم : أما ترون الإباحية ؟ أما ترون مجلات العهر ؟ أما ترون في كل صحيفة عرياً ؟ أما ترون أننا لا نجرِّم الزنا مع أن الله سبحانه وتعالى جرمه ؟
ويقول الغرب لها: لا لا لا تفكري , نحن على استعداد على أن نعاملك عن بعد , أنت الدولة العثمانية ..
تقول لهم : لم يبق من الدولة العثمانية شيء , حولتُ المساجد إلى متاحف , فماذا تريدون؟
يقولون: لا, لا نقبلك لأن أبناءك أبناء الإسلام.
ندعوا إلى التعايش وندعوا إلى المساواة الإنسانية, وندعو إلى التساوي بين المسلم وبين غير المسلم في السلوك والمعاملة, ونقول لهم: إن الإسلام عالمي, ونحن فوق كل صراعات الإنسانية لأن ربنا سبحانه وتعالى جعلنا رحمة للعالمين ولأن محمدنا رحمة للعالمين ..
لكن فرنسا يطمئنها قادتها, ويقولون لها: لا تخافوا, لن ندخل تركيا في الاتحاد الأوربي.
يا سبحان الله...
وعلى صعيد آخر تدمر طائراتهم بيوتنا .. ماذا صنعت الفلوجة حتى تنهمر القذائف عليها .. وحتى يخونها أبناء جلدتها .. يقولون لها : إنكم تحملون في قلوبكم .. في نفوس أطفالكم .. في ذرياتكم تحملون نَفَس المقاومة .. يراد لنا الاستسلام , يراد لنا أن نكون في أعتاب الغير لا نملك سلاحاً، ولا نملك علماً ، ولا نملك ثقافة ولا نملك هوية، ولا نملك خلقاً...
حرارة الجهاد التي تبنى على الجيوش القوية التي بوجودها يرتدع أعداء الله، فيعلمون أن للإسلام حماة ..
أين جيوش الإسلام ؟
جيوش الإسلام بوجودها يرتدع أعداء الله عن مثل هذا ، كل يوم يذبح العشرات في غزة ورفح وجنين، ويقتل العشرات في الفلوجة والرمادي وغيرها، ولكن لا حياة لمن تنادي في العالم
(الله الله في من ليس له إلا الله)
حصل إيذاؤنا عندما أهملت هذه الأمة مفهوم الجهاد وخافت من الإعداد الذي قال الله سبحانه وتعالى فيه:
(وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ) الأنفال: 60 .
إن إعداد الجيوش وتماسكها رادع حتى وإن لم تتحرك تلك الجيوش ، فقد كانت أمتنا في الماضي أيام خلافة خلفائها لا يجرؤ أحد على المساس بثغورها، واليوم انتُهكنا .. أصبحنا منتهكين في كل بقعة من عالمنا الإسلامي ..
وفي رمضان كان يوم الفرقان ، كانت حرارة الجهاد التي بها كانت القلوب تشتاق إلى الجنة ويطعن الصحابي فيقول: " فزت ورب الكعبة" .
ج - ومن الحرارة حرارة المحبة :
فالناس صنفان صنف في حرارة المجاهدة وصنف في حرارة المحبة ، صنف يحترقون لأنهم يخالفون نفوسهم، وصنف يحترقون لأن الشوق إلى مولاهم أحرق قلوبهم ، هذا صنف تستطيع أن تأخذ معناه من الصيام حين تقرأ قوله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل كل عمل ابن آدم له إلا الصيام هو لي)
يا أيها الصائمون انتبهوا إلى ما يقول ربنا ، لي ، إنه في معنى (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) المائدة: 54
إنه له، وإذا كان له فأنت لا تفعل ما تفعله من التخلق إلا حباً، إلا من أجل الذي تعامله، أنت في صيامك لا تعامل الخلق ولكنك تعامل الله ..
وحين كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يفطر كان يتوجه إلى الله سبحانه وتعالى ويقول في ساعة إفطاره بعد صيامه: (اللهم لك صمت) لم أصم لجسدي ، والذين يتحدثون عن الصيام على أنه مفيد للجسد يتحدثون عن حكمة من تشريع ربنا لكن هذا ليس من مقاصدنا ، فنحن نصوم لله لا نصوم لأجسادنا لا.. ولا نصوم للفقير، نحن نصوم لله ..
ورسول الله كان يقول: (اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت)
وقال صلى لله عليه وسلم: (قال ربكم عز وجل عبدي ترك شهوته وطعامه وشرابه ابتغاء مرضاتي)
تلك هي الدلالة الأولى من رمضان: الحرارة .
ثانياً - أما الدلالة الثانية يا أحباب محمد صلى الله عليه وسلم ونحن في موسم الخير والبركة ، فهي الانتظار: فالترميض في اللغة الانتظار.
وكم تنتظر القلوب المحبة خصوصية هذا الموسم وبركته كل عام ..
هذا الموسم العظيم الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم ، وسلسلت الشياطين)
هذا الموسم الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وكم هي ذنوبنا كثيرة يا أيها الأحبة.
وفي سنن ابن ماجة، قال صلى الله عليه وسلم وقد ذكر شهر رمضان (شهر كتب الله عليكم صيامه ، وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)
أنت في حج إذا صليت الصبح في جماعة وجلست تذكر الله أو تستمع إلى علم حتى تطلع عليك الشمس ثم صليت ركعتين كان لك أجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ..
فأكثر في هذا الموسم من هذا الحج والعمرة، هو موسم خير لا تفوته ، وقد قال الزهري رحمة الله عليه تسبيحة في رمضان أفضل من ألف تسبيحة في غيره.
ثالثاً - الدلالة الثالثة الرقة: فرمْض السكين ترقيقها بدقها.
ومنها رقة النفس وصفاؤها ..
قال صلى الله عليه وسلم كما أخرج البزار والبغوي وغيرهما:
( صوم شهر الصبر يعني شهر رمضان وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدر ) يعني حقده وغيظه، فلا يبقى في الصدر من الحقد شيء ، لا تترك في قلبك حقداً ..
إذا كنت تريد أن تكون ممن استفاد من شهر رمضان إياك أن تترك في صدرك حقداً ، كن من أهل الجنة الذين قال الله فيهم :
(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا) الحجر: 47.
لا تترك في صدرك غلاً ولا حقداً ، والذين اساؤوا إليك سامحهم، (أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم)، كان يهب عرضه ، يقول يا رب وهبت لك عرضي، سامحت من وقع في عرضي ..
وهكذا يرتقي الصائم ، وهكذا تصفو النفس ، وهكذا يخرج الصائم عن شحها ليصبح أجود الناس، وكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان ، وسئل صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل قال صدقة في رمضان لأنها صدقة تخرج مع صفاء النفس .
رابعاً - الدلالة الرابعة من لفظة رمضان: الحدة :
والحدة الصلابة في الدين ، والورع ، وهي من ثمرات شهر رمضان وقد ورد في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم كما أخرج الطبراني وأبو يعلى والديلمي وغيرهم: (الحدة تعتري خيار أمتي)، وورد في حديث أخرجه ابن عدي في الكامل ( الحدة تعتري حملة القرآن ) ..
والحدة والصلابة في الدين مطلوب أمرها في هذا الشهر بل هي مقصوده لأنه سبحانه قال:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة: 183 .
فمقصود الشهر حدتك في الدين ، والتقوى والورع .
هل ستتركون اللهو ؟. هل ستحولون السمر والسهر إلى طاعة أم أننا على ما نحن عليه نتأسى بالخيم الرمضانية الماجنة الفاسدة التي يقضيها أصحابها في طعام وشراب ولهو غناء، بيتك ماذا تصنع فيه في الليل، هل أنت كما أنت؟ أم تغيرت ليلتك وهي ليلة فيها عتقاء لله من النار، في كل ليلة من شهر رمضان أخبر رسول الله أن فيها عتقاء لله يعتقهم ، أين أنت وهو يعتق الناس ؟ سوق الخير فتحت فأين أنت ؟
أسماء العتقاء تعلن وأنت في ليلة لهو ؟
هل ترتضي أن تعلن أسماء العتقاء كل ليلة واسمك ليس فيهم لأنك مشغول باللهو ولأنك مشغول بالمعصية ، ولأنك مشغول بكلام الغيبة بالنميمة ؟ لا...
زوروا بعضكم بعضاً وتدارسوا في العلم تدارسوا في الأخلاق ، وتدارسوا في الطاعات ، اقرؤوا القرآن ، تدارسوا في القرآن، تدارسوا كتاب الله، اجعلوه شهر قربات ولا تجعلوه شهر مخالفات، إذا لم نتغير في هذا الشهر يصيبنا دعاء رسول الله وجبريل لأنه قال:
(تعس من أدركه شهر رمضان فلم يغفر له)، دعا جبريل وأمن المصطفى صلى الله عليه وسلم ..
الذي لا يغفر له سيناله ذلك الدعاء .
وإذا أراد الإنسان أن يتعرف إلى نتيجة صيامه وقيامه هل غفر لي ؟ وهل دخلت في العتقاء ؟ هل توجد علامة لذلك ؟.
نعم توجد علامة : إذا رأيت بعد القيام والصيام نفسك متوجهة إلى لله كارهة للمعاصي محبة للطاعات فقد غفر لك ، هذه هي العلامة، انظر في باطنك فإذا كنت تألف معصية ثم رأيت في باطنك نفرة منها فقد غفر لك لأن اله سبحانه وتعالى قال:
(فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء) الأنعام: 125 .
فإذا وجدت قلبك ينقبض عند ذكر الطاعات إذاً لم يغفر لك ، وإذا وجدت قلبك ينشرح عند ذكر القربات .. عند ذكر الدعاء .. عند ذكر المناجاة ...فاستبشر .
شتان بين من يدخل المسجد لصلاة التراويح وهو ينظر في الساعة متى سأخرج من المسجد ، لقد أطال الإمام كـأنه محبوس ، وبين من يدخل إلى المسجد مستمتعاً متلذذاً يحلو له القيام كما يحلو له الصيام، هذا من أهل شهر رمضان وذاك من أهل طقوسه لأنه ربما أنبه ضميره إذا لم يذهب إلى صلاة التراويح .
فإذا دخلت إلى المسجد ووجدت أنك في سعادة ، دخلت إلى حضرة النور، ودخلت إلى بيت الله واستمعت إلى كلام الله، ووقفت تدمع العين .. تخشع .. تخضع .. تركع .. نعم ...، عندها فلتستبشر أنك ممن غفر له وأعتق من النار.
اللهم لا تحرمنا بركات هذا الموسم ، اللهم اجعلنا من عتقائك في هذا الشهر العظيم يا رب العالمين واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
أقول هذا القول وأستغفر الله
|