غزوة الأحزاب : درسٌ مهم ومتكرر في عالمنا اليوم
ومن دروس شهر شوال تلك الغزوة التي سمى الله سبحانه وتعالى باسمها سورة من سور القرآن، وهي غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق، وكانت حدثاً كبيراً من أحداث سيرة النبي صلى الله عليه وسلم قال الله سبحانه وتعالى فيها بسم الله الرحمن الرحيم:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا، إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا، هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا، وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا، وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا، وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلا يَسِيرًا، وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللهَ مِن قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُولا، قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلًا، قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا، قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلًا، أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ َأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا، يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلا قَلِيلا، لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً، وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا، لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا، وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا) الأحزاب: 9-25.
هذه آيات وصفت ذلك الحدث الكبير الذي كان في السنة الرابعة أوالخامسة من الهجرة في شهر شوال، كهذا الشهر الذي نعيشه في هذه الأيام.
حدث كبير، كانت المحنة فيه على أهل الحق وكان فيهم إمام أهل الحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فقد اجتمع على المسلمين والإسلام في ذلك الحدث جهات ثلاثة:
الجهة الأولى المشركون
الجهة الثانية اليهود
الجهة الثالثة المنافقون من الداخل فكان البلاء شديداً.
كان سبب تلك الغزوة اليهود الذين حركوا وخططوا وجمعوا وألَّبوا، بدؤوا بمكة فكانوا يحركون فيهم رغبة غزو مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا لهم : حان الوقت حتى نستأصل الإسلام وشوكته ، وكان أهل مكة بعد غزوة أُحُد يتهيّبون قتال المسلمين لكنهم قالوا لهم : اليهود في المدينة سيقاتلون خلف المسلمين وسنجمع لكم القبائل، وتحركوا نحو نجد فجمعوا من قبائلهم حشوداً وكانت غطفان الرائدة في ذلك..
كان جيش المرتزقة قبيلة غطفان وما حولها من القبائل النجدية التي اتفقت أن تأخذ ثمر نخيل خيبر من السنة المقبلة مقابل أن تعين تلك القبائل جيش مكة..
واليهود منذ زمن يشترون بالمال الوقيعة بالإسلام ..
فخرج من المشركين أربعة آلاف مقاتل واجتمع من غطفان ستة آلاف وكان جيش المسلمين ثلاثة آلاف مقاتل.
كانت المدينة في واقعها حصينة من الجهات الثلاثة لكن جهة الشمال كانت الجهة التي يمكن الدخول منها إلى المدينة ..
كانت المدينة بين حرتين وهما أرضان صخريتان لا يمكن للخيل أن تعبر عليها ، ومن جهة جنوب المدينة كانت البساتين ، وكانت حصون اليهود ..
وكانت بين رسول الله صلى لله عليه وسلم وبين اليهود معاهدة .
وأشار سلمان كما تعرفون بتكميل تحصين المدينة بحفر الخندق من جهة الشمال ، فأصبحت المدينة محصنة من جهاتها الأربعة.
كانت خطة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن يتحصنوا في المدينة وأن يقاتلوا عدوهم فيكون عدوهم في العراء، وهم في بلدهم لديهم ما يحتاجونه ، لكن غدر اليهود كان حينما أسقطوا معاهدتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأرسل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ليتحققوا الخبر، فأخبرهم اليهود بذلك ونقضوا عهدهم ، بل وشتموا سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم وقالوا: ليس بينا وبينه عهد ..
وهكذا بقي المشركون ماكثين ما بين أحد والخندق من جهة شمال المدينة لكن ذلك الحصار لم ينفعهم شيئاً ولم يقدروا على دخول مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفراً لا يتجاوز عدد الأصابع عبروا من مكان ضيق خندق المسلمين، فعبروه بالخيول لكنهم قتلوا أو عادوا هاربين...
وبقي المشركون المكيون والنجديون شهراً ينتظرون فرصة حتى أرسل الله سبحانه وتعالى الجنود التي لا يرونها وأرسل الريح فاقتلعت خيامهم وقلبت قدورهم...
كان الاختبار في تلك الغزوة شديداً فاجتمع على الأصحاب الخوف والبرد، وكان الوقت وقت شتاء.
وهكذا كانت المحنة تفرز وتفصل بين أهل الثبات وأهل التذبذب، فظهر ما ظهر من المنافقين منهم من كان يقول كما وصف القرآن:
(إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا).
ومنهم من كان يُخَذّل ، فحينما كان صلى الله عليه وسلم يحفر مع أصحابه في الخندق ضرب صخرة كان الأصحاب عجزوا عن كسرها فرأى سلمان رضي الله تعالى عنه ضوءاً ونوراً يخرج وينتشر حين يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الصخرة ..
وأخبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أن فارس قد استضاءت قصورها وأنها ستفتح ...
وأن قصور الروم قد تـنورت بنور رسول الله ..
وأن قصور اليمن قد تـنورت بهذا النور ..
فكان المنافقون يهزؤون ويخذّلون ويقولون : إن محمداً صلى الله عليه يعدنا بالروم وفارس واليمن ونحن يخاف الواحد منا أن يخرج إلى الغائط ..
فكانوا يخذّلون وكانوا يفرون ..
أما أهل الثبات فإنهم ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رُغم الجوع والبرد وكانوا ممن قال سبحانه وتعالى في حقهم:
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ).
وهكذا كانت تلك الغزوة درساً كبيراً، ميز الله سبحانه وتعالى به بين أهل الثبات وأهل الفرار والتردد ..
وأراد الله سبحانه وتعالى أن يُظهر ماهية اليهود وأن يُظهر أنهم لا عهد لهم وأنهم مهما كتبوا من المعاهدات لا يثبتون عليها ..
ذلك هو واقعهم .. ولا يمكن أن يأمنهم إلا من لا يعرف ماهيتهم.
كانت تلك الغزوة في دروسها سفراً ينبغي لكل المسلمين أن يقرؤوه، وأن يزِنوا أنفسهم عليه..
قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ) وهم الأحزاب والحلفاء
(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا، إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ) يعني من فوق ذلك الوادي.
(وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ) يعني من أسفل الوادي.
(وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِر).
كانت حالة نفسية تعتري بشرية الإنسان وهو يرى ذلك التحالف الفظيع بين قبائل اليهود وبين المشركين، ثم مع ذلك تظهر الفتنة من الداخل، ويظهر من يخذل الصف من الداخل.
(وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ) من الهم والغم وكان الخوف و البرد و المحنة والشدة عظيمة.
وقال سبحانه و تعالى:
(إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا).
أرسل الله سبحانه وتعالى على المشركين مدداً لم ير واحد من المشركين شيئاً منه لكنه كان معه رعب وخوف فاُقتلعت الخيام وانقلبت القدور و انهزم المشركون وأدركوا أنه ليس بمُقام يمكن لهم أن يمكثوا فيه طويلاً.
وقال سبحانه:
(هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ) فقد كان اختباراً ، ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ : أي اختبر المؤمنون.
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ) البقرة 214
إنها سنة الله يا أخوتي ، والواحد منا يريد أن يكون من أهل الإيمان لكن لا يريد أن يمر باختبار ..
وسنّة الله سبحانه تعالى تأبى إلا أن يكون هذا المؤمن في الاختبار .. تأبى سنة الله سبحانه وتعالى إلا أن يعيش أهل الإيمان اختباراً ..
إيمان من غير اختبار ؟ لا يمكن أن يكون أبداً ، فلا بد أن يكون مع الإيمان الاختبار ..
وعندما يظهر الثبات ... وعندما يظهر الصدق ... وعندما يظهر الإخلاص ... وعندما يظهر الإقبال على الله : هناك تظهر حقيقة الإيمان ، فإن لم يظهر ذلك الثبات فعلى الإنسان عندها أن يفهم أنه في صف النفاق وأن عليه أن يتوب من ذلك النفاق و أن قلبه يحتاج إلى التعمير بالإيمان و أن عليه أن يأخذ بأسباب الإيمان.
(هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا، وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا)
يأتي الشك إلى النفوس في وقت المحنة والاختبار ..
العالم الإسلامي اليوم يعيش الاختبار ..
اليوم تحيط بنا الأحزاب ، واليوم نعيش تخذيلاً في الداخل ونعيش رعباً يحيط بنا من الخارج ..
المسلمون يعيشون محناً في بلادهم، و يظهر في ساحة المسلمين الداخلية من الداخل مَن يخذّل، ولا يرى إلا قوانين المادة ، وهو يغفل عن حقائق الإيمان، ولا يفهم سنة الله، و ينظر إلى ضرورة الإعداد...
رسول الله صلى الله عليه و سلم أعدّ في تلك الغزوة إعداداً كاملاً وأخذ بالأسباب وجلس المسلمون حول الخندق مرابطين لا يسمحون لأحد من المشركين أن ينفذ إلى مدينتهم وكانوا يرشقونهم بالنبال وكانوا يدافعون أشد الدفاع عن تلك المدينة المنورة ..
وكان الأخذ بالأسباب واضحاً من خلال التخطيط ، وحفر الخندق وكان مع الأخذ بالأسباب الثبات والإيمان...
هكذا يكون النصر يا أيها المسلمون ..
وهكذا يكون التأييد يا أهل الإيمان ..
جاء تأييد السماء بعد الأخذ بالأسباب شهراً ، وبعد أن فرز صف النفاق عن صف الإيمان.
(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا..
إلى قوله سبحانه و تعالى:
( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)
فهو الذي ثبت صلى الله عليه وآله وسلم و ثبت معه أصحابه.
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )
وهذه هي صفات من سيثبت، ومن يريد أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه و سلم :
- يكون في باطنه إرادة الله
- وطلبُ الآخرة (لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ).
فإذا أراد الله و طلب الآخرة ثم عزز ذلك بذكر الله سبحانه :
(وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) عندها سيكون من أهل الثبات ، و سيكون ممن يجتاز المحنة بثبات ..
فإن لم تكن عنده إرادة الله و طلبُ الآخرة و ذكرُ الله سبحانه الذي يعزز الإيمان و ينفخ في الإنسان العزيمة و القوة فإنه لن يكون من أهل الثبات.
(وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ).
انظروا إلى الصورتين :
إلى صورة المنافقين الذين يقولون: (مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا).
وإلى الصورة المقابلة صورة أهل الإيمان حينما ينقل القرآن عنهم:
(وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا : هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا).
فالثقة بالله سبحانه وتعالى هي من لوازم الإيمان والشك والريب هما من لوازم النفاق.
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا، لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ).
إنها فرصة أهل النفاق ليتوبوا لهذا قال سبحانه وتعالى:
(وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ).
يعني حينما يتوبون إلى الله ويرجعون عن نفاقهم إلى الإيمان، وتعمير القلب بذكر الله سبحانه وتعالى ونوره..
(إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)
هي فرصة، وهو فتح باب حتى يتوب أهل النفاق من نفاقهم.
والمسلمون مدعوون جميعاً إلى النظر في هذه المفردات التي أشار إليها ربنا سبحانه وتعالى...
خلاصة درس غزوة الخندق أو غزوة الأحزاب متمثل في قوله تعالى :
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً).
والعالم الإسلامي يعيش اليوم الأحداث القربية من تلك الأحداث التي عاشها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة التي هي درس من دروس شهر شوال.
اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلاً واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
أقول هذا القول وأستغفر الله
|