نحو منهجٍ إسلاميٍّ عالميّ
تحارِبُنا المادية الطاغية العالمية كافَّةً دون أن تفرِّق بين مسلمٍ وآخر، وصدق الله القائل: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً} [النساء: 102].
فالمَيلة الواحدة قديمة، تريد سحقِ الإسلام وأهلِه دون تمييزٍ بين شعبٍ وآخر، وطالما أنهم يحاربوننا كافَّةً فهذا يقتضي أن نرصَّ صفوفنا كافَّة.
مقصودُهم إطفاءُ النور {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ} [الصف: 8] ومقصودُنا إخراجُهم من الظلمات إلى النور.
نحن لا نقابل البغي ببغي، فالذي يريد إطفاءَ النور وبسطَ الشرِّ في الأرض نُقابلُه بإرادة نشرِ النور وبسطِ الخير في الأرض.
وعلى كلِّ مسلمٍ، مهما كانت جِنسيَّتُه أو عِرقُه أو قوميَّتُه، أن يفهم مراد الله تعالى منه: {أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ} وأسرتَك وأصحابَك وأبناءَ عِرْقِك والإنسانيةَ... {مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ}.
هذه هي الرسالة التي يحملها كلُّ مسلمٍ على وجه الأرض.
إنهم يعادونه لأنه مسلم {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ} [البروج: 8] ودَيدَنُهم إخراجُنا عن الإسلام بكلِّ الوسائل.
وقال الله سبحانه: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217].
هم لا يزالون يقاتلوننا ونحن لا نزال نخاطبهم بدعاية الله ورسوله، أن يا أيها الناس اجتنبوا عبادة الطاغوت وأنيبوا إلى الله، لتكون لكم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
ذاك هو دَيْدَنُهم وهذا هو دَيْدَنُنا.
لكن أما آن لنا، وللدعاة على وجه الأرض المحليِّين، أو العالميِّين.. أن يوحِّدوا فِكرَهم ارتقاءً إلى منهجٍ إسلاميٍّ عالميّ؟!
ها نحن نُحارَبُ وتُوضَع لنا الاستراتيجياتُ المتجدِّدةُ يومًا بعد يوم، ويُراد منها في النتيجة فصلُ الإنسان عن الإنسان، لا مجرَّد فصل الدولة عن الدولة.
كنَّا أمَّةً واحدة تُظلُّنا رمزيَّةُ الخلافة الإسلامية، فأثاروا النعرة القومية: التركية والعربية والفارسية والهندية... حتى مزَّقوا جَسَد الخلافة، وبعد ذلك دخل من يسمي نفسه بالاستعمار، وما هو إلا المُخرِّب، إلى مِساحة القوم الواحدة.
وكنّا نسمَّى وطنًا عربيًّا، فدخلت بريطانيا إلى جزء منه، وفرنسا إلى جزء، وإيطاليا إلى جزء وهكذا.. حتى رسَّخوا الإقليمية من خلال اقتسامهم مساحة الوطن القومي الواحد.
فأوجدوا سورية والأردن وفلسطين والعراق ومصر وليبيا والجزائر والمغرب...
ثم بدؤوا يتدخلون في القطر والإقليم الواحد ويثيرون الانتماءات المتعددة، ويربطون من هم في الداخل بِمَنْ هم في الخارج، ويحوِّلون المِساحة القطرية الصغيرة إلى أرضٍ يلعبون بها من الخارج... والمتلاعب بهم بعضهم باسم الموالاة وبعضهم باسم المعارضة، وكلٌّ منهم ينتمي إلى جهة خارجيَّة، كما أنهم حركوا من جديد داخل القطر الواحد الانتماءَ العرقيَّ والقوميَّ والمذهبيّ..
وحتى لو قسَّموا العراق ولبنان سيستمرُّون في التقسيم والتجزيء، حتى لا يبقى بين إنسان وآخر في عالمنا الإسلامي أيُّ رابطة.
ومن العجيب أنهم يعتبرون هذا في بلادهم من المحرَّمات، والقوانينُ التي يسنُّونها تتحدث عن المواطَنَةِ وعدمِ التمييز في العرق والعُنصر والجنس والدين والمذهب والاعتقاد..
ولو زرتَ على سبيل المثال أمريكا تجد فيها الأبيضَ والأسودَ، والمسلمَ والمسيحيَّ، وما لا يُحصى من الأشكال والمبادئ والأفكار.. والقانونُ يحارب بقوَّة صارمة أيَّ نوعٍ من أنواع التمييز..
أما في بلادنا فالأمر معكوسٌ تمامًا.
تدخَّلوا حتى في عباداتنا والتناقض الكبير الذي يشهده عالمنا في قضية رؤية الهلال وإثبات العيد، مهزلة كبيرة، فقد وصلت اللعبة العالمية إلى عيد الأضحى ويوم عرفة، ومعلومٌ عند كلِّ من لديه أدنى ذرَّةٍ من العلم من أهل الفلك، أنَّ مِنَ المستحيل أن يكون هناك إثباتٌ لهلال ذي الحجة على الشكل الذي أُثبِت به، وهذا باتفاق.
وقالوا: خرج بعضُ الشهود العدول ورأوا الهلال، وهذا كذب وافتراء.
لأن رؤية هلال ذي الحجة في اليوم الذي بعده غير ممكنة بالعين المجردة، إنما يُرى على شكل خيط بالتلسكوب فقط.
وهذا معلومٌ عند أهل المعرفة وأهل الخبرة، لكنهم وصلوا إلى التدخُّلِ في عباداتنا.
لهذا رأينا أن الحجيج يقفون على عرفات في يوم، وتركيا وماليزيا والمغرب توافق الرؤية بالتلسكوب وتعلن العيد في اليوم الذي يلي عيد الحجاز، وباكستان تعلن العيد وفق رؤية العين لا رؤية التلسكوب.. وهكذا حصل في هذه السنة ثلاثة أيام لعيد الأضحى.
إنَّ تمزيق الأمة صار فنًّا عندهم.
كل هذا يقتضي من الدعاة، بعد فَهْم اللعبة، أن يبدؤوا الارتقاء إلى المنهج الواحد، لأنَّ أعداءنا يشغلوننا في كلِّ مرحلةٍ بشيء لنُفكِّر فيها بحلٍّ جزئيّ، وإذا انتقلوا إلى المرحلة التالية نفكر في حلِّها أيضًا.
وبسبب ذلك نسينا رسالتنا، ونسينا أن على كلٍّ منَّا أن يُخرجَ قومَه من الظلمات إلى النور، وأن يذكِّرَهم بأيَّام الله، وأن يقول للناس: اجتنبوا الطاغوت وأنيبوا إلى الله لتكون لكم البشرى.
ونسي الإنسانُ على الأرض حِكمة خَلْقِه {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] ونسي لماذا هو على هذه الأرض؟ أمن أجل أن يأكل ويشرب ويتمتع وحسب..؟!
ما هي رسالته الكبرى التي فيها حكمة وُجُودِه؟
وأردت أن أبين في هذا الموقف المعالمَ الكبرى للمنهج الإسلاميّ العالميّ الذي ننشده، لا سيَّما أننا نتواصل عبر الشبكة الحاسوبية مع العالم، وهذا التبيين هو بمثابة طرح، نريد للدعاة أن يسمعوه، ولعلهم يبينون أيضًا ما هو عندهم، وكفى تفرُّقًا.
نحن بحاجة إلى منهجٍ إسلاميٍّ عالميٍّ يتجاوز المساحات الإقليمية والقطرية والمذهبية والعرقية.. وإلى عالميَّةٍ إسلاميَّةٍ تعيدنا إلى مبتدى أمرنا، وتصحِّحُ مسارَنا، وتأخذُنا عن الانشغال الذي نحن فيه اليوم بسبب المراحل المتعاقبة المتتالية، التي تجعلنا لا نكاد نصحو من حادثة حتى نُفاجَأ بحادثة أخرى يُقصد منها الإشغال.
والذي أبينه من معالم المنهج الإسلامي العالمي في هذه الوقفة العاجلة ملخص بعناوين خمسة:
1- كل من يدَّعي أنه صاحبُ دعوة وصاحبُ رسالة وينسب نفسه إلى الإسلام، عليه أن يرتقيَ في رسالته وحركته وفكره فوق كل القوميات والعرقيات، ليُعزز ويتعزَّز ويعتزَّ بالانتماء إلى الأمة الإسلامية الواحدة، لأنه الانتماءُ الأصيل المقبول في هذه المرحلة.
علينا أن نعيد إلى فِكْرِنا النظرةَ العالميةَ قبل أن نعيدها إلى الأرض، وكفانا أن ينحصر حديثنا في الأنبار ومحافظة صلاح الدين...
ينبغي أن تُعالَجَ المشكلةُ المحليَّة، أما الفكر والمقصود الذي نتبناه فينبغي أن يكون عالميًّا.
فالمطلوب في هذه المرحلة أن نرتقيَ إلى الشعور بالانتماء إلى الأمة الواحدة.
يا من يقرأ القرآن وينسب نفسه إلى القرآن، يقول الله سبحانه وهو يخاطبنا: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92] ويقول في آية أخرى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52].
كان في البيئة الأولى التي فيها سيِّدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم العربيُّ والعجميُّ والأبيضُ والأسودُ، وكان فيها الإفريقي والرومي والفارسي والعربي... وكلُّهم من اللحظة الأولى التي انطلق فيها الإسلام، كانوا يجتمعون لحمل الرسالة الواحدة.
وكانت هذه الأمة الواحدة تحتضن المُخالِف، فانتماؤنا إلى الأمة الواحدة لا يعني أننا نُلغي الآخرين، هناك من يصطاد من كلماتنا، ليقول: أنتم تريدون حذف الآخرين.
لا... نحن لا نسحق أحدًا، فهذا هو شأن المادية الطاغية، ومجتمعنا الأول في المدينة المنورة احتضن المنافقين واحتضن اليهود.
نحن لا نستأصل، ولا نتحدث عن الاستئصال، بل نحتضن المُخالِف.
فهذه هي ثقافتنا..
وهذا هو إسلامنا..
وانتماؤنا إلى الأمة الواحدة لا يعني إلغاءَ الآخر، أو سحقَه، أو استئصالَه، أو قطعَ رأسه وتشويهَه...
ولا بد في هذا الموقف من توجيه رسالة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تعلن أنها جمهورية إسلامية أقول فيها:
أليس عيبًا أن تختصم الجمهورية الإسلامية على اسم الخليج: أهو عربيٌّ أم فارسيّ؟
ألا يكفي أن يُقال: هو الخليج الإسلاميّ؟!
إذا كانوا يقولون: نحن جمهورية إسلامية، فليكن الخلاف بين إسلاميٍّ وعربيّ، أو فلنتَّفقْ - وليتَّفقْ أولئك الذين يجلسون في الخليج فوق ركام الأموال - على أن الانتماء الذي يجمعنا هو الانتماء إلى الإسلام.
من المعيب - ونحن في مواجهةٍ عالميَّةٍ أمام المادية الطاغية - أن نختلف على اسم الخليج أهو فارسيٌّ أم عربيّ؟
فانتماؤنا الأول ليس إلى فارس وليس إلى العروبة...
انتماؤنا الأول هو إلى الإسلام، وبالدرجة الثانية نعتزُّ أننا تشرَّفنا بالنسبة العربية، وتشرَّفوا بالنسبة الفارسية التي منها سيدنا سلمان.
انتمائي إلى الإسلام أعزُّ من انتمائي إلى العروبة.
وحين نُعلنُ هذا الانتماء تَظهرُ هويتنا.
علينا أن نكون واضحين، فلا نتناقضَ بين سلوكياتنا وما نعلنُه.
إنَّ الله سبحانه وتعالى نسب الأرض إليه، فقال {إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ} [الأعراف: 128] فلا تختصموا على فارسيٍّ وعربيٍّ، فالكرة الأرضية منسوبة إليه.
وقال سبحانه: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} [إبراهيم: 32] فأعلن أنَّ الأمرَ الصادر إلى البحر وإلى من هو فوق البحر هو أمرُ الله، فإذا كنا نقرأ القرآن علينا أن نفهمه وأن نطبقه.
الأرضُ لله، والبحرُ هو بأمر الله.
وإذا كنا نقول: نحن إسلاميون، فهذا معتقَدُنا وهذه مبادئنا وهذا فكرنا.
2- يا دعاة الإسلام في العالم.. أيها الدعاة المحليُّون.. أيها الدعاة العالميُّون.. أيها المسلمون في كلِّ مكان.. علينا الارتقاءُ فوق الحزبيات الإسلامية الإقليمية، لأن مشكلتنا اليوم لم تعد مشكلة محليَّة، بل هي مشكلة عالمية.
إنهم يحاربوننا كافَّة، وعلينا نحن أن نحمل الرسالة كافَّة، لتكون صفوفنا كافَّة.
إن المرحلة التي نشخصها ليست مرحلة إقليمية، وما يحصل في الأقاليم يشبه أحجار الشطرنج، فما أكثر الأدوات.
غايةُ ما تقصده تلك الأحزاب الإسلامية المحلية وترمي إليه بحسب الاستقراء مكاسبُ سياسيَّةٌ محليَّة، لكنَّ المطلوبَ مواجهةُ الواقع الحاضر العالميّ الذي ينقل الرشاد إلى العالم وينشر النور فيه.
الأحزاب تتصارع لأنها تريد المكاسب السياسية المحلية العاجلة، أما أصحاب المنهج الإسلاميِّ العالميّ فيتراحمون ويرحمون غيرهم، ويشفقون على القاتل أكثر من شفقتهم على القتيل.
نعم، لقد حَرَمَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قومه الغنائم، حَرَمَ أصحابَه من فقراء المهاجرين والأنصار وأعطى صفوانَ ابنَ أميَّةَ المشرك ذاك الوادي الذي كان يمتلئ بالغنائم.
إنه قاتِلٌ، وبينه وبين رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دم، في بدر وأحد والخندق.. لكنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يطمع في هدايته، ينظر صفوان إلى الوادي الذي امتلأ بالغنائم، فيقول له رسول الله: هل أعجبك؟ يقول: نعم، فيقول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هو لك، ويطيش عقل صفوان ويقول: أشهد أنك نبي، لأن هذا لا يعطيه إلا نبي..
لو كان له مقصودٌ في المكاسب المادِّيَّة فها هي المكاسب أمامه، لكنه صاحب رسالة.
أين هم اليوم أصحاب الرسالة؟
أين هم الذين ترفَّعوا عن المكاسب؟
أين هم عبيد الله وعباده؟
أين هم الذين أفنَوا عمرهم في الله ورسوله؟
أين هم الذين عزفوا عن الدنيا ووجَّهوا قلوبهم إلى الله؟
هؤلاء لا يكونون من الأحزاب، بل من أصحاب المنهج العالميِّ الإسلاميِّ الذي يحمل الرحمة والهداية.
يقول تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ} ولم يقل: العرب أو العجم أو الروم.. {مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم: 1].
3- علينا الاجتماعُ على الثوابت الإسلامية الكبرى، ولْيَعذُرْ بعضُنا بعضًا في المحتمِلات:
فلا نتحدث ونحن في الجمْع الإسلاميِّ العالميِّ إلا بالثوابت الكبرى، أما في المساحات الخاصة فلا مانع من المحتملات، فضمان اتِّحادنا هو الثوابت الكبرى:
دينُنا واحد، وإلهُنا واحد، ورسولُنا واحد، وقرآنُنا واحد، وكعبتُنا واحدة، وأركانُ إسلامنا واحدة، وأركانُ إيماننا واحدة...
4- علينا اجتنابُ المصطلحات المثيرة التي تنبثق من تلك الخصوصيات المحتمِلة، وأن نكتفيَ بالمصطلحات الإسلامية المتَّفقِ عليها:
فاصطلاح (المسلمين) مثلاً متَّفقٌ عليه، أما اصطلاح (الوهابية) أو (الرافضة) أو (الصوفية) أو (الطُّرُقية).. فمختَلَفٌ فيه... ويكفينا اصطلاح المسلمين إذا أردنا منهجًا إسلاميًّا عالميًّا.
5- علينا الترفُّع عن التحوُّل إلى أدواتٍ في أيدٍ خارجية:
من المعيب أن يتحوَّل داعيةٌ إسلاميٌّ إلى أداة في يدٍ خارجية، فهذا يتنافى مع إسلامنا.
عندما أراد مشركٌ أن ينضمَّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليقاتل تحت إمرته، قال: (إِنَّا لا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ)، أيكون هو تحت لواء مادِّيٍّ باغٍ طاغٍ، ثم يقول: أنا أحمل رسالة إسلامية؟!
أصبحت حكومةُ العراق أداةً في الأيدي الأمريكية، وأصبحت الرئاسةُ الفلسطينية أداةً في الأيدي الأمريكية، وأصبحت الحكومةُ الأفعانية أداةً في الأيدي الأمريكية، وأصبحت الحكومة الصومالية أداةً في الأيدي الأمريكية، والحبلُ على الجرَّار.
والتحالف يبدأ غالبًا مع من يُسمُّون أنفسهم بالمعارضة، وبعد ذلك تتحوَّل تلك المعارضة إلى أداة طيِّعةٍ لتدخل على دبابات المستعمِر المحتلِّ الباغي الذي له ما له من المآرب، كما حَصَل على أرض العراق حين دخل الذين على رؤوسهم العمائم إلى العراق كحلفاءَ لأمريكا!
عارٌ على من يقول: أنا (الحزب الإسلاميّ) وهو أداة في يدٍ خارجية.
وعارٌ على من يقول: أنا (مرجعية) وهو أداة في أيد أمريكية.
هل هذا منهجٌ إسلاميٌّ عالميّ؟! بل هل هذا منهجٌ إسلاميٌّ أصلاً؟!
أيها الإخوة، إنَّ المرحلة صعبة، وبمقدار تمسُّكِكُم بإسلامكم ورسالتكم، وبمقدار شعوركم بانتمائكم الحقيقيّ، وأصالتكم وإنسانيتكم.. تستطيعون تحقيق شيء، وعلى العكس بمقدار ما نتقوقع في (الأنا) و(الشخصانيات) و(الفرديات) والمكاسب والسمعة والشهرة.. تتجاوزُنا صفحاتُ التاريخ.
وربما يأتي وقتٌ يبصُق فيه التاريخُ على من أراد أن يبنيَ لنفسه الهالات، متجاوزًا وغافلاً وناسيًا المصلحة الإنسانية العامة الكبرى على الأرض.
رُدَّنا اللهم إلى دينك ردًّا جميلاً، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
أقول هذا القول وأستغفر الله.
|