قالوا سنغير خارطة الشرق الأوسط ...
وابتلعوا مهد الرشيد ..
وهدَّموا صومعة الأمين ..
وسرقوا سيوف المعتصم ..
ولما تعلقت أرجل الأخطبوط بجذور حضارة الإسلام في بغداد؛ تطاير شرر الشرير من عينيه إلى دمشق ..
وفي دمشق ما يزال الجامع يتحدث عن الخولاني أبي إدريس في حلقة المحبوب معاذ ..
وما يزال ابن عبد العزيز عمر ينثر على نجوم السماء من أنوار عدالة الأخيار .
وفي دمشق ما يزال قلبٌ ينبض بأسرار أبدال الشام , وقلمٌ يقطر مداده من معارف النووي والحاتمي ..
ما يزال الزنكيُّ نور الدين يحمل راية جهادٍ وحقٍ ..
وما يزال الأيوبيُّ صلاح الدين ينادي في وجوه المتخاذلين : ويحكم أتنام لكم عينٌ والقدس تقطر كل يوم بألف دمعة وألف قطرة دم ..
ما يزال في دمشق الراكعون الساجدون وما تزال فيها القانتات المؤمنات .. فكيف يهنأ الشرير وشرره لم يحرق بعدُ فضائلها ومكارمها ؟
لكن ( خارطة الطريق ) التي يريدون بها تغيير الشرق الأوسط تقول : إن شرر الشرير يدخلُ بغداد ليحرق متحَفها ، ويهدّم منارة أبي حنيفةَ فيها ..
أما دمشق فقصة دخول الشرر إليها كما يريد الشرير قصةٌ مختلفة الوسائل متحدة الغايات ..
( خارطة الطريق ) لا تريد تهديم المتحف الدمشقي ..
إنها تريد أن يبقى مزركشاً برّاقاً بشرط واحد : أن يُوضع فيه مجسَّمٌ ذهبيٌ لهيكل صهيون ..
( خارطة الطريق ) لا تريد تخريب الجامع الدمشقي العتيق ..
ولا تريد تهديم الكنيسة الشرقية القديمة ..
لكنها تريد حاخاماً يجلس للدرس في الجامع ، أو للقداس في الكنيسة وليس من مانعٍ لديها أن يكون متقنعاً بعباءة من خزانة بني أمية ، أومتلفحاً بمسوحٍ من مسوح تلامذة السيد المسيح..
تغيير الشرق الأوسط لا يراد منه تحويلُ الحدود وتنقيلُ السدود المراد منه تغيير العقول ، ولو بقيت على ألوانها كل الجلود ..
فهل تدرك أمتي ما يحاك لها قبل فوات الأوان . |