قال خالق البشرية للبشرية : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) ..
لكنَّ أمتنا ما تزال تقرأ هذه الآية وتحفظها ولا تعرف في حياتها ومعاملاتها ودعوتها وحركتها تطبيقاً عملياً لها ..
وتعاون الآخرون بسبب مصالحهم ، وقام ( الاتحاد الأوربي ) ، ووجدت (الولايات المتحدة ) ، ونشأ ( اللوبي اليهودي ) ، واجتمع الكرادلة على (بابا ) ...
أما نحن فقد عميت عيوننا ( بالمنظور المادي ) عن مصالحنا ، ومستقبلنا ، و بناء حضارتنا المنتظر ..
وعميت ( بالمنظور الإيماني ) عن توجيه الخالق لهذه الأمة نحو سِرِّ وجودها ، وما أعماها إلا رعونات ( الأنا ) التي لا تبقي ولا تذر ..
إن الطريق إلى النهضة يحتاج دخوله إلى أمرين :
1 – تذليل النفوس لتحمل الآخرين ، وليس شيء يذلل النفس كنور التوحيد في القلوب ، والتوحيد فينا قد توقف عند ألسنتنا ولم يخالج أعماق بواطننا ولا أحرق رعونات أنفسنا ..
2 – الإدارة الجماعية المشتركة التي تتكون من عقلاء أمتنا وحكمائها وأصحاب التجربة فيها ..
ومن المؤسف أنَّ الفرد في أمتنا لا يريد التدريب على الانتظام في منظومة الجماعية ، ويصرُّ على حالة انفلاته الفوضوية العابثة ..
وفي أحسن الأحوال يسعى إلى تشكيل مجموعة صغيرة يقعد عليها كما تقعد الدجاجة على البيض ، ولا يريد للبيض أن يفقّس صيصانا ..
أما أن تكون تلك المجموعة وحدة متكاملة مع وحدات الأمة الأخرى في منظومة الإدارة الجماعية في بلدته أو مجتمعه فلا ..
وقد حكى القرآن عن أولئك الأنانيين الذين يرفضون الانتظام مطلقاً : (فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ )
وكان الرسول الهادي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ( لينوا في أيدي إخوانكم ) ، وكان يقول : (سووا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم )
فهل آن لنا أن نصحو ليكون لنا صفّ
كفانا شتاتاً ..
وكفانا أنانية ..
وكفانا نفسانيةً لا تصنع إلا تمزيقاً للتعاون وإبعاداً ..
والأيام لن تنتظرنا ، فإما أن نولد ، وإما أن نموت .