أولا- تمهيد:
الطفولة هي منطلق بناء الإنسان، وفيها تتكون مقدمات التكوين الحضاري في المجتمعات.
وبإهمالها يهجم طيف الانحراف السلوكي، وتبدأ علة الجمود الحضاري.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ .[1]
ثانيا- تصور الطفولة في القرآن:
من حيث البنية البدنية هي (ضعف):
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً (54)الروم
من حيث التعلق النفسي هي (قرة عين) وهي (زينة الدنيا):
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ (74)الفرقان
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (46) الكهف
من حيث الاعتقاد والمعرفة هي (موهوب من فضل الله) وهي (بشارة من الله):
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ (39) سورة ابراهيم، الآية: 39
وحكى عن إبراهيم:
وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ، رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ، فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (99) -(101)الصافات.
وحكى عن زكريا:
فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى (39)آل عمران
وحكى عن مريم:
إِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (45)آل عمران
قال النووي: (ويُستحبّ أن يُهَنَّأ بما جاءَ عن الحسين رضي اللّه عنه أنه علَّم إنساناً التهنئة فقال: قل: باركَ اللّه لكَ في الموهوب لك، وشكرتَ الواهبَ، وبلغَ أشدَّه ورُزقت برّه).
ثالثا- حقوق الطفولة في الإسلام:
والذي أراه أن حقوق الطفولة في الإسلام تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
حقوق الطفولة قبل وجودها.
حقوق الطفولة عند وجودها.
حقوق الطفولة بعد وجودها.
حقوق الطفولة قبل وجودها:
وهي حقوق لم تتعرض لها اتفاقية اليونيسيف الدولية.
حق الطفولة في حسن اختيار الأبوين:
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ (90)الأنبياء
القرطبي : قال ابن عباس وعطاء: كانت سيئة الخلق، فأصلحها الله فجعلها حسنة الخلق.
وورد في الخبر الذي أورده ابن عدي في الكامل:
"تزوجوا في الحـُِجْـزِ الصالح، فإن العرق دساس" (الحـُِجْـزِ: الأصل)[2]
وورد عند ابن عدي أيضا وابن عساكر بلفظ:
" تخيروا لنطفكم، فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن"[3]
وفي الحديث المتفق عليه:
"فاظفر بذات الدين تربت يداك"[4].
وفي حديث أبي داود والحاكم:
"المرأة الصالحة: إذا نظر إليها سرته" الحديث[5].
وفي حديث الترمذي:
"إذا خطبَ إليكُمْ من ترضونَ دينهُ وخلقهُ، فزوِّجوهُ". الحديث[6].
وكلها نصوص ترشد إلى حسن اختيار الأبوين.
حق الطفولة وقتَ تكوينها الحملي:(في مدة الحمل)
قال تعالى يصف هذا الوقت:
وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا {5}الحج
وحقوقها كما أرى في هذا الوقت:
حقها في استدامة الحمل وحظر إجهاضها:
قال تعالى:
وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ {205} البقرة
ومع اختلاف المجتهدين في أوان الإجهاض المحرم أهو من اليوم الأول كما ذهب إليه أكثر المالكية[7] وبعض الشافعية كالغزالي[8] وبعض الحنفية كصاحب الخانية[9] وبعض الحنابلة كابن الجوزي [10] أم أن هذا الإجهاض المحرم هو من الأربعين أو مع تمام الأشهر الأربعة، فكل الأقوال تتوجه في النتيجة إلى حماية الحمل واستدامة وجوده وإن اختلفت في حد اعتباره.
وجعل الإسلام نصف عشر الدية وهي خمس من الإبل أو ثمنها مع صيام شهرين متتابعين كفارةً وتوبةً من فعل الإجهاض.
حقها في الرعاية المادية مدة الحمل:
وذلك من خلال أحكامٍ كثيرة كإباحة الفطر في شهر رمضان عند الخوف من ضررٍ يلحق الجنين في بطن أمه، وقد قال تعالى:
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ {14} / لقمان
حقها في الرعاية المعنوية مدة الحمل:
قال تعالى:
إِذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)آل عمران
وهو دال على الرعاية المعنوية للجنين لأن أمه بدأت التصور عن تربيته وإدراكِ ما يسمو به في المعاني وهو ما يزالُ في بطن أمه، وألزمت نفسها بسلوك مستقبلي يتعلق بتربيته.
حقوق الطفولة عند وجودها:
الحقوق المعنوية:
حق الطفولة في التلقين الروحي الأول:
وذلك بالأذان والإقامة في أذنيه، وتعويذه بالله من عدوه الشيطان الرجيم.
قَالَ أبِو رَافِعٍ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذَّنَ فِي أُذُنَيِ الْحَسَنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ بِالصَّلَاةِ[11].
وقال تعالى يحكي عن امرأة عمران حين ولدت مريم:
وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36)آل عمران
حق الطفولة في التسمية الحسنة:
فتنتقى للطفل أحسن الأسماء التي تبعثه إلى منهجٍ مستقيم، وتكوين قويم، قال تعالى:
يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّـــرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا(7)مريم
وقال تعالى على لسان أم مريم:
وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ (36) آل عمران ومعنى الاسم خادمة الرب.
وقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ وَهَمَّامٌ وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ[12].
فعَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ : موجه إلى العقيدة ..
وحَارِثٌ وَهَمَّامٌ : فيه تفاؤل بالهمة و العمل الجاد ..
أما حَرْبٌ وَمُرَّةُ : ففيه إنذار بالشر، لذلك استقبحه r ..
حق ثبوت النسب:
وقد قَالَ النبي r لعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ حين شك في ولده:
"الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ "[13]
فلم يتركه أسير الحيرة في نسبه.
حق الطفولة في حضانة الأمومة:
وهي تضمن له الاستقرار النفسي مستقبلا لأنه بحاجة إلى حنانها، ورعايتها الأنثوية.
قال تعالى:
فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ (13)القصص
قَالَتْ امْرَأَة: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي.[14]
البخاري / عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ.[15].
حق الطفولة في رعاية الأبوة:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ r فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا.[16]
تتمة - فضله تعالى على الطفولة بالسلام على بعض أفرادها:
يحيى : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ (15) مريم
عيسى : وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ (33) مريم
الحقوق البدنية:
حق الطفولة في الرضاعة الوالدية:
قال تعالى:
وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ (7)القصص
وقال:
وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى {6}الطلاق
حق الطفولة في التحصين من المرض:
والتحصين من المرض يتم بالرضاعة الوالدية، وبالتحنيك الذي هو من سنن الإسلام، وهو يماثل اللقاحات في عصرنا، لأن تقديم الجزء القليل من التمر الممضوغ يعني تقديم جراثيم البيئة المضعفة بسبب أنزيمات اللعاب، واللقاح هو تقديم الجرثوم المضعف.
وقد حنك النبي r عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْرِ و دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ[17].
وحنك ابنَ أبي موسى الأشعري وسماه إبراهيم[18]
وحنكَ ابن أبي طلحة[19]
حق الطفولة في دفع أذى شعره الجنيني (العقيقة) بحلقه ومن السنة أن يقترن بصدقة وإطعام من نسك يذبح شكرا لله، وكم في هذا من التكريم له.
وقد عق النبي r عن الحسن والحسين[20]
وقد ثبت أنه r أمر بهذا النسك، الذي يذبح شكرا للواهب.
حقوق الطفولة بعد وجودها:
فائدة - التقسيم العُمْري:
ذهب كثير من قدماء الفلاسفة وأطباء العرب إلى تقسيم مراحل الطفولة والفتوة إلى أسباع، ويستأنس بحديثٍ ضعيفٍ أخرجه الطبراني في الأوسط/عن أبي جبيرة مرفوعا:
"الولد سيد سبعَ سنين، وعبدٌ سبعَ سنين، ووزيرٌ سبعَ سنين فإن رضيت مكاتفته لإحدى وعشرين وإلا فاضرب على جنبه فقد أعذرت إلى الله [21].
ولعل المستفاد من هذا التقسيم شدة الرفق في السبع الأولى، واستعمال التأديب في الثانية، حيث يبلغ في نهايتها سن البلوغ، وتكون السبع الثالثة مؤازرة وتهيئة لدخول ميدان الحياة من أوسع الأبواب.
وقد اهتم العرب بمراحل الطفولة وأطلقوا الأسماء على كل مرحلة:
الصريخ: في الأيام السبعة الأولى .
المحتنك: الذي حُنِّك .
الصديغ: الصبي أتى له من الولادة سبعة أيام لأنه لم يشتد صدغه .
الصبيُّ: من لم يفطم بعد .
المعفَّر: عفَّرت ولدها قطعته عن الرضاع، ثم ردته ثم قطعته إرادة للفطام .
الفطيم: الصبي إذا فصل عن الرضاع .
الدارج: إذا دب ودرج .
المميِّز: وهو الصبي إذا فهم الخطاب وردَّ الجواب .
المثغور: إذا سقطت أسنانه أو رواضعه .
المثغِر: إذا نبتت أسنان ثغره .
المترعرع: المتحرك.
الناشئ: البالغ عشراً من السنين .
المراهق: مقارب الحلم . وهو من عشر إلى خمس عشرة سنة .
اليافِع الذي شارَفَ الاحْتِلامَ
المحتلم: من كان في الخامسة عشرة.
البالغ: من جاوز خمس عشرة .
الغلام: الطارُّ الشارب .
الحزَوَّر: الغلام القوي .
الشارخ: بحصول شرخ الشباب له أي أول الشباب .
الفتى: من كان في فتوة الشباب .
الشابُّ: من لم يصل من الشباب بعد إلى سن الرجولة .
وحقوق الطفولة في هذه المرحلة نوعان:
الحقوق المعنوية:
حق الطفل في تكريمه:
قَالَ r :أَكْرِمُوا أَوْلادَكُمْ[22]
- فمن التكريم السلام عليه.
قَالَ أَنَسٌ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ [23].
- ومن تكريمه استئذانه.
فقد أتي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بشراب , فشرب منه , وعن يمينه غلام (هو الفضل بن العباس), وعن يساره الأشياخ ، فقال للغلام: ( أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟) فقال الغلام: لا والله يا رَسُول اللَّهِ ! لا أوثر بنصيبي منك أحداً , فتلّّه ( أي : وضعه ) رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم في يده[24].
- ومن تكريمه اصطحابه.
فقد كان صلَّى الله عليه وسلَّم تارة يصحب ابن عباس , وتارة يصحب أطفال ابن عمه جعفر , وأخرى يصاحب أنساً .
- ومن تكريمه استرضاؤه
فقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن مظعون , ومعه صبي صغير له , يلثمه , فقال له : ( ابنك هذا ؟ ) قال : نعم , قال : (تحبه يا عثمان؟) قال : إي والله يا رسول الله , إني أحبه , قال : ( أفلا أزيدك حباً له ؟ ) قال : بلى , فداك أبي وأمي , قال : ( إنه من ترضّى صبياً صغيراً من نسله حتى يرضى, ترضّاه الله يوم القيامة حتى يرضى )[25].
- ومن تكريمه تكنيته:
فقد نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم طفلا بكنيته وقال له : ( يا أبا عمير ! ما فعل النغير؟ ) [26]..
حق الطفل في الحنو عليه وإشعاره بالعاطفة:
وقد رأى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ عَلَى وَرِكَيْهِ وهو يقول: هَذَانِ ابْنَايَ وَابْنَا ابْنَتِيَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا[27].
وقدم ناسٌ من الأعراب على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقالوا: تُقَبِّلُونَ صبيانَكم؟ فقالوا: نعم، قالوا: لكنَّا واللّه ما نُقَبِّلُ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أوَ أمْلِكُ أنْ كانَ اللَّهُ تَعالى نَزَعَ مِنْكُمُ الرَّحْمَةَ؟"[28]
حق الطفولة في المساواة بين الذكر والأنثى:
أبو داود / عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ أُنْثَى فَلَمْ يَئِدْهَا وَلَمْ يُهِنْهَا وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ عَلَيْهَا قَالَ يَعْنِي الذُّكُورَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ [29].
حق الطفولة في توفير البيئة التربوية والقدوة الحسنة:
أخرج البخاري/ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بتُّ عند خالتي ميمونة ليلة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما كان في بعض الليل، قام رسول الله فتوضأ من شنٍّ معلق وضوءاً خفيفاً، ثم قام يصلي، فقمت , فتوضأت نحواً مما توضأ، ثم جئت فقمت عن يساره، فحوّلني , فجعلني عن يمينه، ثم صلى ما شاء الله ..الحديث[30]
الحاكم في مستدركه / عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بغلة , ... , فركبها ... , ثم أردفني خلفه , ثم سار بي ملياً , ثم التفت , فقال : ( يا غلام ) قلت لبيك يا رسول الله ! قال : ( احفظ الله يحفظك ....) الحديث[31]
وينبغي تجنيب الأطفال سماع الخصومات المنـزلية، فإن ذلك مخل بتربيته ونشوء شخصيته السليمة.
قال r:
لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ[32].
حق الطفولة في التعليم:
*وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ(13)وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ(14)وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(15) يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُنْ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ(16)يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ(17)وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ(18)وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ(19)* لقمان
حق الطفولة في إبداء الرأي:
يقول ابن عباس رضي الله تعالى ...قمت وراء النبي r، فأخذني، فأقامني حذاءه , فلما انصرف، قال: (ما لك؟! أجعلك حذائي فتخنس ) , قلت: ما ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك , وأنت رسول الله, فأعجبه، فدعا الله أن يزيدني فهماً وعلما[33].
حق الطفولة في التعبير:
دخل الحسين بن الفضل وهو طفل على الخليفة, وعنده كثير من أهل العلم , فأحب أن يتكلم , فزجره , وقال : أصبي يتكلم في هذا المقام ؟ فقال : إن كنت صغيراً فلست أصغر من هدهد سليمان , ولا أنت أكبر من سليمان حين قال له: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ (النمل:22)
و لما ولي الخلافة عمر بن عبد العزيز, وبدأت الوفود تزوره لتهنئه, تقدم غلام صغير ليتكلم باسم وفد , فقال الخليفة عمر: أما وجد القوم من هو أسن منك ليتكلم ؟! فقال الغلام : يا أمير المؤمنين ! لوكان الأمر في كبر السن لكان من هو أكبر منك في مقامك هذا ..
يا أمير المؤمنين ! أما علمت أن المرء بأصغريه : لسانه وقلبه ؟! فقال الخليفة عمر: عظني يا غلام ! فوعظه حتى أبكاه .
حق الطفولة في بعض الاختيار:
روى عبد الرزاق في مصنفه – بسنده- عن عبد الحميد الأنصاري عن أبيه عن جده : أن جده أسلم , وأبت امرأته أن تسلم , فجاء بابن له صغير لم يبلغ , قال : فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم الأب ها هنا , والأم ها هنا , ثم خيره , وقال : ( اللهم اهده ) فذهب إلى أبيه[34].
حق الطفولة في التدريب الاجتماعي والاقتصادي:
فقد شاهد النبي صلى الله عليه وسلم الطفل عبد الله بن جعفر وهو يبيع , فأقره ودعا له بالبركة .
من الحقوق المادية:
حق الطفولة في الرياضة واللعب:
أحمد في المسند / عن عبد الله بن الحارث قال: "كان رسول الله e يصُفُّ عبد الله وعبيد الله كثيراً بني العباس ثم يقول من سبق إلي فله كذا وكذا قال فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلزمهم[35].
رواه الحاكم في مستدركه / عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل , وهو يلعب مع الصبيان[36].
وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلاعب زينب بنت أم سلمة، ويقول: "يا زوينب، يا زوينب" مراراً [37].
وكتب عمر بن الخطاب إلى أهل الشام: (( علموا أولادكم السباحة والرمي والفروسية )) [38].
حق الطفولة المالي:
مسلم / عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ ..الحديث[39].
ويتبين مما تقدم أن مبادئ حقوق الطفولة في الإسلام تتفوق على المبادئ المعلنة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20/11/1959 المتعلقة بحقوق الطفل التي تزامنت مع تأسيس الهيئة الدولية المهتمة بالطفولة (اليونيسيف)
وقد تضمنت مبادئ الجمعية العامة للأمم المتحدة عشرة بنود:
حق التسمية.
حق الأمن الاجتماعي.
حق الرعاية.
حق العلاج.
مسؤولية الوالدين.
حق التعليم.
حق اللعب والرياضة.
حق الوقاية من المرض.
حق الحماية من العنف.
حق الحماية من أعمال الفساد.
حيث تضمنتها المبادئ الإسلامية وزادت عليها بكثير من المقدمات والنتائج.
|