عن الزبير بن عُدَيْ قال: أتينا أنسَ بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فشكونا الذي نلقى من الحجَّاج، فقال:
(اصْبِرُوا، فَإنَّهُ لا يَأتي زَمَانٌ إلاَّ والَّذِي بَعدَهُ شَرٌّ مِنهُ حَتَّى تَلقَوا رَبَّكُمْ)، سَمِعتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. /رواه البخاري.
لو لم يقل سيِّدُنا أنس رضي الله تعالى عنه: سمعته من نبيِّكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، لكان الحديث موقوفًا عن صحابيٍّ، لكنه صرَّح بأن هذا اللفظ والمعنى هو من سيِّدنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فصار الحديث مرفوعًا عن سيِّدِنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والفوائد من هذا الحديث كثيرة:
أما الفوائد الظاهرة فمنها: أن الله سبحانه وتعالى لم يكلِّف هذه الأمَّة بالخروج على الظَّلَمة من الحُكَّام المسلمين، أما إذا وَجَدَ المسلمون كفرًا بَوَاحًا فيجب الخروج على الحاكم الكافر.
أما الحاكم المسلم الظالم الفاسق، إذا كان صاحب شوكة فلا يخرج المسلمون عليه، وهذا لأن مصلحة أمن المسلم مقدَّمةٌ على كل مصلحة.
وقد دعا سيدنا إبراهيم فقال: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ} [البقرة: 126] فقدَّم الأمن على الرزق، مع أن أولُّ ما يحتاج إليه الإنسان لبقائه ودوامه من حيث الظاهر هو الطعام والشراب ليعيش، لكنه قبل هذه الحاجة طلب من الله سبحانه وتعالى الأمن كما هو ظاهر في الآية الكريمة.
أما قتال عدو المسلمين الذي يقاتلنا في الدين، أو يؤذينا في الديار، فإنه واجب شرعي: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ} [الممتحنة: 8-9]
فمِنْ فقه سيدنا أنس رضي الله تعالى عنه أنه لم يأمر من شكا إليه بالخروج على الحجاج، مع أنه كان حاكمًا ظالمًا، وقد عُرِفَ منه الفسق، لكنه كان حاكمًا مسلمًا، فوجَّههم إلى الصبر.
ولا يجوز التوجيه إلى الصبر على حاكمٍ كافرٍ يقدر المسلمون على خلعه، أما إذا كانوا لا يقدرون فالتكليف لا يكون مع عدم الاستطاعة {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
ثم وجههم إلى الصبر، والصبر نصف الإيمان، لأن الإنسان إما أن يكون في صبر أو في شكر.
فإذا جعل الله سبحانه وتعالى قدَرَه في عبده نعمةً، يُظهِر هذا العبدُ الشكرَ، وإذا أنـزل الله سبحانه وتعالى قَدَرَه فكان محنةً وشدَّةً وابتلاءً، يُظهِر العبدُ الصبرَ.
وظُلْمُ الحُكَّامِ، والمحنُ التي تظهر بسببهم، سواء كان هذا الظلم نفسيًّا أو جسديًّا أو ماليًّا... هو من أنواع البلاء والمحن، ومن القَدَر الجلاليِّ الذي يقابله المسلمُ بالصبر.
لذلك قال لهم: اصْبِرُوا، فَإنَّهُ لا يَأتي زَمَانٌ إلاَّ والَّذِي بَعدَهُ شَرٌّ مِنهُ، فقد كان الحكم أولاً خلافة راشدة:
فسيدُنا أبو بكر الصدِّيق رضي الله تعالى عنه ما غيَّر ولا زاد ولا اجتهد، إنما أبقى الأمر في خلافته - التي لم تدم طويلاً - على ما كان عليه سيِّدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
ثم جاء بعده سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه - الذي طالت مدة خلافته - فاجتهد وفتح باب الاجتهاد، وسنَّ للأمَّة سُنَنًا، ونظَّم دولة الإسلام، ولم تكن في عهده الفتن، إنما كانت الشوكة لإمارة المسلمين فيها العزيمة والاستعانة بالله.
ثم جاء بعده سيدنا عثمان، فبدأت الفتن، والحبيب صلى الله عليه وسلم يبيِّن، لأنهم اشتكوا في زمنه صلى الله عليه وسلم فقال: (اصْبِرُوا، فَإنَّهُ لا يَأتي زَمَانٌ إلاَّ والَّذِي بَعدَهُ شَرٌّ مِنهُ)، فأفضل الأحوال ما كان عليه الأصحاب في عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد بدأت الفتن في عهد سيدنا عثمان، وتحرَّك اليهود لحلمه وأناته، حتى قتل رضي الله تعالى عنه شهيدًا وهو يقرأ في مصحفه.
فلما صار سيدنا عليٌّ رضي الله تعالى عنه خليفةَ المسلمين، اتَّخذ قومٌ من قميص عثمان سببًا للبغي، وكثرت الفتن، وسالت الدماء ... إلى عهد الحجاج الذي كان في العهد الأموي زمنَ الوليد وسليمانَ بن عبد الملك.
لقد كان الحجاج عالمًا بالقرآن، فقيهًا، صاحبَ حُجَّة، لكنه كان ظالمًا بطّاشًا، إلا أنه كان يرجع إلى الأمر إذا حاججه أحدٌ بالكتاب والسنة، على الأقل بالاعتراف ولو لم يكن بالسلوك.
فسيدنا أنس يروي الحديث ويقول لهم: هذا الحجاج الذي ترونه بليَّةً، سيأتي بعده حُكَّام أشدُّ بلاءً منه، وستأتي أزمنة ليس لدى الحكام فيها حُجَّةٌ ولا علمٌ بالقرآن، مع اجتماع كلِّ هذا الجهل إلى الظلم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (اصْبِرُوا، فَإنَّهُ لا يَأتي زَمَانٌ إلاَّ والَّذِي بَعدَهُ شَرٌّ مِنهُ).
وليس هذا من جهة السياسة والحكم فحسب، إنما من جهة الديانة أيضًا، فليست ديانة الأصحاب والقرن الأول كالديانة بعد ذلك، حيث فشا التعلق بالدنيا.
وليس هذا من ذلك الجانب وحسب أيضًا، بل من جهة كثرة الفتن وتنوعها، إلى وقتٍ أخبرنا عنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أنه تأتي فيه الفتن فيصبح الحليم حيرانًا.
فلا تكون الفتنة من قبل السياسة والحكم فحسب، إنما تكون في الأسرة، وتكون في العقيدة، وتكون في السلوك، وتكون في الحال، وتكون في النفوس، وتكون في العقول، وتكون في الشباب، وتكون في النساء، وتكون في الفتيات...
وتضيع الموازين، وتصبح العادات مقدَّمةً على العبادات، ويختلط على الإنسان الأمر، فيخلط بين العادات والأوامر الشرعية، ويصل الأمر إلى وقت يُذكَّرُ فيه بالأصل فيختلق الأعذار، ويبرر للعادات، ولا يرتدع عن غَيِّهِ وجهالته..
أين المرأة في عهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المرأة في عهدنا؟
أين الشباب في عهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشباب في عهدنا؟
أين الصُنّاع؟ ...
إذًا، الأمر لا يتعلق بالسياسة وحسب، إنما هو على جميع الأصعدة.
قد يقول قائل: ألم يرد في الحديث: (لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ)؟
نقول: نعم، لكن هذا من حيث الأغلب، فمجتمع المدينة كان مجتمعًا فيه حوالي عشرة آلاف شخص، وفيه من المنافقين بعد توبتهم اثنا عشر منافقًا شديدَ النفاق، وحصلت توبة المنافقين بعد أن صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسهم عبدِ الله بن أُبي بن سلول، فتعجبوا: أَبَعْدَ كلِّ هذا الإيذاء ورسولُ الله يكفِّنه بجُبَّته ويصلي عليه؟!
ويتحمل العتاب: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم} [التوبة: 84]
دُهِشَ المنافقون وتابوا، وبقي من المنافقين شديدي النفاق اثنا عشر، وهم من أصل عشرة آلاف.
هذا هو المجتمع الأول: (لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ)، ففي كل زمان هناك حوالي أربعمائة إلى خمسمائة شخص.
لكن كم هي النسبة بينهم وبين العشرة آلاف الذين هم نخبة الأصحاب؟
النسبة هي: 5%، وفي زماننا العالمُ الإسلاميُّ حوالي مليار ونصف، فلكي تكون النسبة نفس النسبة السابقة في المجتمع الأول، فينبغي أن يكون لدينا من الأولياء والصلحاء حوالي خمسٌ وسبعون مليون وليًّا في زماننا، لكننا رضينا بالخمس والسبعين ألفًا، بل بالخمس والسبعين مائة.
وصدق عليه الصلاة والسلام حين قال: (لا يَأتي زَمَانٌ إلاَّ والَّذِي بَعدَهُ شَرٌّ مِنهُ)، وهذا من حيث التغليب، أما من حيث العدد فهو باقٍ لا شكَّ، فالخمسمائة يورِّثون، وإن كان من وُرِّثَ لا يساوي في عمله وفيما يقدِّمُه العُشرَ في أعلى درجاته، لكنه لا يصل إلى العُشر.
ثم لا يوصف الزمان بفسادٍ ولا بخيريَّة، لأن الزمان وقتٌ ومقياسٌ، وهنا يوجد مُقدَّر، فإذا قيل: فسد الزمان، أي فسد أهل الزمان، لأن الزمان قيمةٌ مجرَّدةٌ لا توصف بالخيريَّة ولا بالفساد.
على أن هذا الحديث يشير في إشاراته إلى أن التجليات تأتي أولاً جماليَّة ثم تأتي جلاليَّة:
أما ترى أنك حين تدخل في السلوك ترى أنه جمالٌ صرف، وترى القيامة بعيدة قليلاً، لأنك تُقبِل أولاً بهمَّةٍ، وتضحية، وخدمة، وضبط .. ثم تبدأ الأحوال.
فدائمًا أوَّلُ السلوك بسط، ثم يأتي القبض، ثم يأتي الجمال، ثم يأتي الجلال، ويُختَم بالجلال لتكون الآخرة كلُّها جمالاً.
لهذا قال صلى الله عليه وسلم: (أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً الأَنْبِيَاءُ).
ومن قرأ السيرة النبوية بتدبُّرٍ يجد أن أوَّلَ ثلاث سنوات من بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانت كلُّها جماليَّةًً: فيها السيدة خديجة، وسيدنا علي، وسيدنا أبو بكر، ورسولُ الله يتعبَّد ...
وبعدها نـزل قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 64] وبدأ الجلال، ونزل: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] وبدأ الإيذاء، ودخلوا شِعبَ أبي طالب.
إذًا بدأ صلى الله عليه وسلم بالبسط ثم جاء القبض.
ثم هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وقالوا: "طلع البدر"، وجاء الجمال.
لكن ما الذي حصل بعد ذلك؟
- سبعون من شيوخ الأصحاب وأعلَمِهِمْ وأقرَئِهِمْ قُتلوا دفعةً واحدةً.
- وفي السنة التاسعة كم خرج ممن يدعي النبوة، منهم: مسيلمة، والأسود العنسي، مع وجود سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فما كانت أواخر الحياة النبوية إلا جلالية.
- وأشد ما كان من الجلال حين كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على فراش الموت وهو يقول لهم: هاتوا حتى أملي عليكم، وأكتب لكم الوصية، فيقولون: لا، فيقول سيدنا عبد الله بن عباس: الرزية كل الرزية فيمن منع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا فَعَلَه الأصحابُ اجتهادًا من باب سدِّ الذرائع، لكنْ كم هو جلاليٌّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو في آخر لحظة يريد أن ينتقل فيها إلى الرفيق الأعلى ويمتنع الأصحاب عن كتابة وصيته.
إذًا: أول الطريق بسطٌ ثم قبضٌ ثم جمالٌ ثم جلالٌ.
فإذا فهم الإنسان أن الحقَّ سبحانه وتعالى حينما يعامله بالجلال فإنه يدَّخر له في الآخرة جمالاً، ويتجلى له في الآخرة بالجمال، فإنه يثبت مع الجلال.
ولا يثبت في وقت الجلال إلا الصادقون، ومَنْ كتب الله سبحانه وتعالى له العنايةَ والولايةَ.
فهذا الإمام الجنيد تَسَتَّرَ في آخر عهده بالفقه من كثرة ما أوذي، وما عاد ينطق بكلمة واحدة من التصوُّف، وصار لا يعقد إلا مجالس الفقه، ويفتي على مذهب أبي ثور.
وسهل بن عبد الله التستري أخرج في آخر عمره من بلده.
وهذا الحلاج قتل، وكذلك السهروردي ...
نُسِبَ إليهم الكذبُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم بُرَآَءُ منه، ومن أراد أن يعرف عقيدة الحلاج فليقرأ الرسالة القشيرية في باب التوحيد، يجد أنه ما خرج عن مذهب أهل السنة والجماعة وما عليه الجمهور قيد أنملة، وأتحدى أن يكون قد خرج.
كلُّ الأولياء كانوا يعرفون مكانته، لكنه التجلي، {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ} [التوبة: 42]
وفي وقت من الأوقات يصل الذهبُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقسمه بين ستةٍ ويترك العشرة آلاف، ويأتي شخصٌ ثائر اللحية، حليق الرأس، فيقول: اتَّق الله يا رسول الله واعدل، فيقول له: (وَيْحَكْ، مَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ أَعْدِل؟).
تجليات..
هذه كلها دروس في المباني وفي المعاني..
في العبارات وفي الإشارات..
خليليَّ قُطَّاعُ الفيافي إلى الحمى ....... كثيرٌ، فأمَّا الواصلون قليلُ
نحن وجَّهْنا قلوبنا إلى الله، ونريد الله، ونسأله أن يقبلنا، ومن أراد أن يركبَ مع القافلة فليركبْ، إذ ليس لنا تعلُّقٌ في أن نصحب أحدًا أو أن يصحبُنا أحدٌ، فذاك زمان البسط والجمال..
وجِّهْ قلبَك إلى الله..
رَحِمَ الهُى الشيخَ سعد الدين الجيباوي، كان يقول (بالعامِّية): "بابْنا مفتوح، وقنديلْنا عمبيلوح، ويللي بيِجي بيِجي، ويللي بروح بروح".
لا تسألْ عن شيء، بل وجِّهْ قلبك إلى الله، وقم بواجباتك.
من أقبل يريد الحقيقة فاخدُمْهُ، فتلبيةُ كلِّ من جاء يطلب عونًا في الشريعة أو في الحقيقة واجبةٌ دون شكّ، أما ما سوى ذلك ...
عندما نذكر الجنيد نقول: رضي الله عنه، ونمسح صدورنا، ولكنه كان رضي الله تعالى عنه في آخر حياته يقرأ الفقه.
على كلٍّ، هذا الاجتماع مباركٌ، نوصيكم أن لا تبتعد قلوبُكم عن الشرب من خمرة معانيه، ففيه فيضٌ من المعاني، وفيه تجليات، وهو مجلس موصولٌ بالسند في الزمان والمكان، وفيه إشارات وبشارات.
بشراكُمُ خِلاَّني بالقرب والتداني ........ جمعُكُمْ في أمان...
نوصي بعضنا بالاستقامة على الشريعة، وبالخدمة لإخوانك إذا استطعت، وبمطالعة كتب القوم، وليكن لك وردٌ كلَّ يوم من مطالعة كتب القوم، في: طبقات الشعراني، أو الحلية، أو الطبقات للسُلمي ...
نصيحة: لا يمرّ عليك يوم لا تقرأ فيه من سير القوم أو كلامهم، ولو عشر دقائق أو ربع ساعة، لأن سِيَرَ القوم هي كالشرح والبيان لحياة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي رسول الله، وتأخذ منها خلاصاتٍ في الأحوال.
وآخر نصيحة أنصح نفسي وإخواني بها: لا تتركْ في قلبك أيَّ غبارٍ على أحدٍ من خلق الله، حتى لو كان مسيئًا إليك، ومهما أساء إليك، وذلك في حقِّ كلِّ إنسان على وجه الأرض، حتى لا يُبقيَ الإنسانُ في قلبه شيئًا على أحدٍ من إخوانه أبدًا مهما أساء.
فإياك أن تضع رأسك على الوسادة وفي قلبك غبارٌ على أحدٍ من خلق الله، مهما أساء إليك، فهذا هو مشرب الصفاء، وإلا كيف تكون رحمةً عالميةً موصولةً بالرحمة المهداة سيِّدِنا رسولِ الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم؟
الفتن كثيرة، لكن من اعتصم بسيِّدِنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الذي هو مظهر حبل الله يُحفَظ، فحبل الله القرآن ومظهرُه سيِّدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فمن اعتصم به ومعانيه وأحواله يحفظ، (هُمُ الْقَوْمُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ).
اللهم ألحقنا بهم بسر الفاتحة.
|