على بساط رجب .
محمود أبو الهدى الحسيني.
ودخل الشهر الحرام ( رجب)
وقد قال الله تعالى:
( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ )
شرحها الحبيب المختار (كما في صحيح مسلم)
فقال: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض:
السنةُ اثنا عشر شهرا
منها أربعة حرم
ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم .
ورجب الذي بين جمادى وشعبان.
....
وجاء في هذا الحديث:
فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم ..
.....
وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم فلا ترجعوا بعدي ضُلّالا يضرب بعضكم رقاب بعض ...
....
(فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ..)
هذه هي الرسالة الكبرى في شهر رجب المفرد ..
وفي الأشهر الثلاثة الأخرى الحرم ..
وليس التأكيد في الأشهر الحرم على إزالة الظلم من السلوك البشري في أمة الإسلام إلا لتكون هذه الأشهر تدريبا استنفاريا استثنائيا على ترك الظلم في العام كله ...
وكما يدرب شهر رمضان الأمة على ترك المحظورات في أيام السنة وأشهرها كافة .. تدرب الأشهر الحرم الأمة على ترك الظلم في بقية العام ..
فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ : بقتل بعضكم بعضا ..
فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ : بالعدوان على الأعراض ..
فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ : بالحقد والكراهية والاستخفاف والازدراء وأكل بعضكم لحوم بعض ..
فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ: بسرقة الأموال وتضييع الأمانات وتضييع البلاد والعباد ..
فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ: بالعدول عن أسباب النهضة ومقدمات الارتقاء ومقومات الحضارة ...
لا تظلموا أنفسكم يا أمة أخرجت برسالتها للناس فصارت خارجة عن رسالتها إلى فتات الآخرين ..
لا تظلموا أنفسكم يا أمة انشغلت بصراعاتها وثاراتها الداخلية عن طهارتها وعلمها وعملها وإنتاجها وبنائها وتطورها حتى صارت في آخر الركب البشري ..
هل سنفهم قدوم شهر رجب موسما للصيام وتوزيع المعجنات والحلوى؟
أم سندرك أنه جاء ليغيرنا وليخرجنا من مستنقعات التدابر والتظالم إلى قلاع التراحم والتفاهم ؟؟
اشتق اسم رجب من الترجيب ، وهو التعظيم ، ليكون تعظيم الحرمات سبب تغيير إيجابي في السلوك..
لن يكون أحدنا مسلما حتى يسلم الناس من لسانه ويده. |