رسخ نبينا الكريم في عقول المسلمين فكرة المساحة الجغرافية المتصلة التي يتحد فيها الزمان والمكان حين قال:
(وجعلت لي الأرض مسجدًا)
ليكون اليوم على الكرة الأرضية يوما واحدا ويكون المكان على الكرة الأرضية مسجدا واحدا يُعبَدُ الله تعالى فيه صلاة وصياما وزكاة ومعاملة وعبادة ...
ليست مشكلة البلدان الإسلامية مشكلة خلاف فقهي حول اعتبار الحساب أو الرؤية أو جمعهما معا في إثبات الشهور ...
إنها مشكلة التشتت العام على جميع المستويات ..
فقد تعذر وجود وحدة سياسية في البلدان المسلمة..
وامتنع تحقق مرجعية إسلامية علمية واحدة ..
وجميع المرجعيات العلمية تابعة أو متأثرة بالشتات السياسي ..
(سايكس بيكو ) لم تقسمنا سياسيا فقط بل قسمتنا في الدين والفقه والاقتصاد والاجتماع ..
أصبحت عقولنا متقسمة وفق معايير (سايكس بيكو ومن بعدَهما قد جاء) وقلوبنا ونفوسنا وعواطفنا وأحكام صلواتنا وصيامنا وزكاتنا ومعاملاتنا وحروبنا ومعاهدات صلحنا ...
نحن اليوم نمثل الشتات والفرقة والتقطيع بإرادة أو بإكراه ..
قلت في الماضي شعرا وأقتطف منه:
(وضاعت سَفينٌ طاب بالأمس ركبها
ولم يُرَ في بحر الغياهب ربانُ
لكل (بُلَيدٍ) دُوقُه ونشيده
وحُكمٌ ودستورٌ وخَتمٌ وديوانُ
وحبسٌ و ( بوليسٌ ) وجيشٌ عرمرمٌ
وشعبٌ له من جيشه الفذّ أكفانُ
على بعضنا نحن الضياغم في الوغى
ومنا إلى الأعداء صفحٌ وغفرانُ ) ..... الخ..
لا تستغربوا خلافنا على مواعيد الصيام والأعياد ..
نحن أمة ( مع وقف التنفيذ )
نتقن الاختلاف ...
ونكره الاتفاق والائتلاف ..
ونرفع على بعضنا كل يوم رايات الاحتراب ومعها الرماح والسهام والأسياف ...
نطور فنون الأحقاد ونبحث عن مبررات البغضاء ولا نعدم وجود من يفتي لنا بسلامة سلوكنا ويبارك لنا حُسن الحال وجمال المنهج والمذهب.
|
