أولا - تمهيد:
ما أن تتلفظ بـ (دولة إسلامية) حتى ترى حلبات المصارعة الكلامية منصوبة أمامك...
فهذا ينفي أصلا وجود (دولة إسلامية) في الماضي أو الحاضر، ويزعم أن النبي الكريم أسس في عاصمته دولة مدنية فصل فيها بين الدين والسياسة...
وذاك يدعي أنّ مفهوم (الدولة الإسلامية) موروث تاريخي لم يعد قابلا للتحقق وقد تجاوزه الزمان..
وآخرُ يهرفُ بما لا يعرف ويتوهمُ أن (الدولة الإسلامية) هي إعادة للاستبداد، وحكمٌ للشعب باسم خالقه، وتوقيعٌ (اختلاسي) في العالمِين عن رب العالَمين... وتراه يستجلب كل تجربةٍ خاطئة في تاريخنا ويسأل بعدها: إن كانت هذه هي (الدولة الإسلامية) فهل تريدونها اليوم؟
ورابع لا يرى أي فرقٍ بين (الدولة الإسلامية) والدولة المدنية الديمقراطية، ويدعي أنّ الطريق المعاصر إلى (الدولة الإسلامية) ما هو إلا تحوّل جميع الشعبِ إلى رجالٍ أتقياءَ صالحين، يقررون وجود (الدولة الإسلامية).
وهناك خامسٌ وسادسٌ وسابع...
لهذا أغتنم فرصة انعقاد مؤتمرٍ في آخر عاصمةٍ كانت تفخر بالإسلام، لأبحث مع الأساتذة الاختصاصيين هوية (الدولة الإسلامية) التي أتصورها وأسعى إليها زاعما أنني أنطلق في رسم هذه الهوية من قواعد الإسلام، وكلام علمائه.
وأؤكد في المقدمة على خطأ الخلط بين التجارب التاريخية أو الفهوم الوقتية بصواباتها أو بأخطائها من جهة، والقيم والثوابت الإسلامية التي نزل بها الوحي من جهة أخرى.
إن الدولة الإسلامية ليس لها صورة واحدة جامدة.. فهي تقبل عدة صور وتدور مع القيم العليا أينما تحققت وليس مفهوم الخلافة (على سبيل المثال) أو الإمارة أو السلطنة إلا نوعا من أنواع التنظيم لمؤسسة الرئاسة.
ثانيا - البحث:
1- ماهية الدولة وماهية هويتها:
من المعلوم أن الدولة: أرض – ومجموعة بشرية عليها – وسلطة.
والكلام على هوية الدولة يقتضي الكلام على هوية الأرض، وهوية البشر عليها، وهوية السلطة، ومن هنا ظهرت مع الدولة الإسلامية اصطلاحاتٌ تمنح العناصر الثلاثة هويةً كمصطلح دار الإسلام (أو العدل) ودار الكفر (أو البغي) للأرض، ومصطلح المؤمن والكافر للبشر، ومصطلحات الحكم بالعدل أو البغي، والانقياد في الحكم للشورى أو الاستبداد بالرأي للسلطة.
ولعلنا في البحث نحاول بيان الهوية للعناصر الثلاثة.
1-1 - هوية الأرض:
إن الباحث في أحكام الفقه الدولي الإسلامي، يجد كثيرا من المباحث في تعيين دار الإسلام ودار الكفر، ومسائل في أحكام المسلمين بدار الكفر، ومسائل في أحكام المستأمنين بدار الإسلام.
وهذا البحث لا يتسع لإيراد الأقوال، لكنني ألخص وأوجز ما يتعلق بهوية دار الإسلام، لأن مقصود البحث هو في هوية عناصر الدولة الإسلامية الثلاثة:
ملخص أقوال العلماء في دار الإسلام:
اتفقوا على أنه لا عبرة لعقيدة من يسكن الدار إسلاميةً كانت أو غير إسلامية لأن العبرةَ هي للسلوك العام بحسب الغالب.
وتعددت أقوالهم في تعريف دار الإسلام:
- فقال بعضهم: الدار التي تكون فيها الغلبة للأحكام الإسلامية هي دار إسلام.
- وقال آخرون: بل هي الدار التي يأمن فيها المسلمون وتكون فيها الغلبة للأحكام الإسلامية.
- وقال غيرهم: هي الأرض التي تكون غالبية أهلها من المسلمين وإن لم تكن الشريعة حاكمة فيها (وهو قول أبي حنيفة).
وذهب الجمهور إلى أن دار الإسلام لا تتحول إلى دار كفر ولو اغتصبها الكفار، وأنه يجب على المسلمين السعي لإعادة أحكام الإسلام فيها.( )
وأجمعوا على أن تحول دار الكفر إلى دار إسلام لا تشترط من أجله الحروب لأن الانتشار العفوي لأحكام الإسلام يحولها قطعا إلى أرض إسلامية.( )
وسمّى بعضهم الدارين المتقابلتين: (دار العدل ودار البغي)( ) بدل دار الإسلام ودار الكفر.
وأجمعوا على أن دار الكفر نوعان دار حربٍ ودار عَهد وهي الدار المرتبطة مع دار الإسلام بعهد.
والذي نراه أنّ مساحة عالمنا الإسلامي الجغرافية تعتبر دار إسلام لاعتبارين:
• لأنّها كانت في الماضي محكومة بالإسلام.
• لأنها تستوعب على أرضها اليوم غالبيةً مسلمة.
فالعنصر الأول من عناصر الهوية محقق وجوده في مساحة عالمنا الإسلامي الجغرافية، وهو عنصرُ الدار.
والبلادُ على بقية الأرض كافّةً إما دار كفر معاهدة والمسلمون فيها آمنون، كالسويد وألمانيا، وإما دارُ كفر محاربةٌ كأنغولا وميانمار.
1-2- هوية المجموعة البشرية على تلك الأرض:
العوامل الذاتية في المنظور الإسلامي (كالقومية واللغة والجنس واللون والروابط الجغرافية أو الدموية النسبية...): ما هي إلا عناصر للتكامل والتعارف. أما تكوين الأمة فيعود لعنصرين: (الإنسان، والرسالة الحضارية) مهما تباينت عوامل الإنسان الذاتية.
قال تعالى:{وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}الحجرات: 13.
وبانتفاء الإيذاء من قِبَلِ المخالفِ في العقيدة، يكونُ التعاملُ الإسلامي معه على أساس البر والعدل، قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الممتحنة: 8
وقد ساوى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في السلوك مع الكتابيّين والمشركين في فتوحاتهم خارج جزيرة العرب، وإلى هذا استند فقهاء الحنفية في التسوية( ).
وعليه:
• فإذا تحقق البرُّ والعدل مع المخالف المحايد في مساحة أرضٍ جغرافية...
• وانتفى التفريق السلوكي مع هذا المخالف المحايد...
عندها تكون المجموعة البشرية المكونة من المسلمين وغيرهم على تلك الأرض متعايشة متكاملة متعارفة، وتنعم بالسلم والأمن "وقد وردت الأدلة الكثيرة على صلح الصحابة لأقوام من أهل الكتاب دون جزية... والشأن فى النص الذي يذكر الجزية كالشأن فى النص الذي يعدد مصارف الزكاة.. فقد أجمع الصحابة على موافقة الفاروق رضي الله عنه فى عدم إعطاء المؤلفة قلوبهم.. إذ أوقف سهمهم لانتفاء العلة.. وعلة الجزية عدم المشاركة فى الدفاع وقد زالت.."( ).
نعم لن يكون سلمٌ ولا أمانٌ حين يكون المخالف محاربا للإسلام، أو مؤذيا للمسلمين.
وهكذا تكون هوية المجموعة البشرية على الأرض الإسلامية هوية سِلْمية، طالما أن غيرهم لا يعتدي عليهم، وقد سمى الله تعالى الإسلام (سِلْما).
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (سورة البقرة : 208)
وأكثر المفسرين ذهبوا إلى تفسير السلم بالإسلام.
وفي هذا الترادف المعنوي ملحَظٌ لطيفٌ لمن تأمل.
ثم إن القتال في آية القتال كان ردًّا على عدوان، قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}( الحج : 39).
وقوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ } (البقرة : 191) خاصٌ بالجزيرة العربية، في ظرف مخصص ووقت مخصص، على ما قرره العلماء.
وفي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (سورة البقرة : 208)
يقول د. بكار: (إن (كافّة) حال من (السّلم) على ما نرجحه، ويكون المراد آنذاك : الأمر بالأخذ بتكاليف الإسلام جميعها : ما تميل إليه النفس منها، وما يخالف هواها).اهـ.( )
على الناس أن يقرؤوا الإسلام جسدا تشريعيا متكاملا، لا يمكن اقتصاص جزء منه وإهمال غيره، ولا يجوز الحديث عن الحدود قبل الكلام على التكافل الاجتماعي والاقتصادي وتحقيق الكفاية والعدالة.
إن ربنا لم يُكْرهْ أحدا على عقيدة الإسلام، لكنه لن يقبل في الآخرة غير الإسلام، ومن أنكر الآخرة فعلى الله تعالى حسابه هناك.
لكنْ إن كان للإنسان كامل حريته واختياره في خصوصية نفسه وسلوكياته التي لا تتعدى آثارها للغير... فإنه في الوقت نفسه لا يجوز العدوان على الغير (باسم الحرية) في المِساحات العامة التي تنتفي فيها الخصوصية الفردية، لأن استبداد الحرية الخاصة ينتهي عند حدود الحرية العامة التي يشترك فيها الجميع.
إن المشكلة لا تكمن في الهوية النظرية المستمدة من الإسلام للمجموعة البشرية المنتسبة إليه، ولكنها تكمن في التطبيقات الخاطئة التي تنبع من الإفراط أو التفريط فيه.
1-3- هوية السلطة:
إن الكلام على العنصر الثالث في الدولة هو المقصود في البحث، لكن كان لا بد من المرور العاجل بالعنصرين السابقين.
يُعَرّف السياسي الأمريكي بيردو( ) السلطة : بأنها :"القوة المنظمة لحياة المجتمع".
فالقوة المنظمة للمجتمع في الدول الاستبدادية فرد أو مجموعة أفراد يمارسون السلطة وفق أمزجتهم وأهوائهم.
والقوة المنظمة للمجتمع في الأنظمة الديمقراطية حكومات تنبثق عن صناديق الاقتراع، والاستقراء يدل على أنّ تلك الحكومات وإن كانت قد خدمت شعوبها حينا؛ ولكنها تسببت في كثير من الأحيان على الأرض بكوارث إنسانية وكونية.
والقوة المنظمة للمجتمع في الدولة الثيوقراطية الكنسية تشبه سلطات الدولة الاستبدادية، لكن الدولة الثيوقراطية تزعم أنها تملك تفويضا إلهيا وتحكم الناس بحق إلهي مقدس مزعوم.
أما القوة المنظمة للمجتمع في نموذج الدولة الإسلامية فإنها تختلف عن النماذج الثلاثة المتقدمة.
فالسلطات كلها في نموذج الدولة الإسلامية محكومة وليست بحاكمة، ومراقَبَةٌ ومحاسَبَةٌ من الشعب كله وفق معايير العدالة.
2- أنواع السلطات في نموذج الدولة الإسلامية:
السلطة التشريعية في الدولة الإسلامية ربانية، وكونها ربانية لا يعني أنّ كل ما يحتاجُ إليه الإنسانُ منزّلٌ في نصّ جامد أو قالب ثابت، وهو ما توهّمه بعضُ الجهلة من المسلمين أو غير المسلمين.
فالله تعالى المشرّع حكيمٌ لا يطلب المثاليّات، ولا يُفرّطُ بالحقوق، بل يُوجّه توجيها يتناغم مع الواقع، ويتفاعل مع الممكن، ويعدلُ بين الجميع، ويعذُرُ عند الاستحالة.
لا تعسّفَ في نصوصه القطعية ولا ظلم، فرحمته تعالى تتسع للموافق والمخالف، وتطبيقاتُ أمره لا يُنازَعها أحدٌ في اليُسر والمرونة.
إنَّ التشريع أنواع:
• فمنه نصٌّ واضح قطعيٌّ لا توجد احتمالات متعددة لتفسيره، يؤكد على بعض الثوابتِ الفاضلة القطعية التي تحقق للإنسانية توازنها.
• ومنه نصٌّ محتملٌ في دلالاته، كثيرةٌ معانيه، عديدةٌ هي الاستنباطاتُ العملية منه، ومطلوبٌ من أهل الاختصاصاتِ المتعددة في الفقه والصناعة والتجارة والاقتصاد والزراعة والسياسة والاجتماع والطب والهندسة وشؤون الحياة العديدة... مطلوبٌ منهم جميعا اختيارُ الوجه العملي الأنسبِ للظرفِ الزماني والمكاني، والحالِ قوةً وضعفا...
• فدلالات هذا النصّ كثيرة، وتطبيقاته متنوعةٌ ومرنة وقابلة للتجدد والتطور.
• ومنه قياساتٌ عقلية على نصوصٍ محتملة، في مسائلَ لم يتعرض إليها نصٌّ أصلا.
• ومنه استحساناتٌ عقلية لأمور مستحدثة لم يرد بها نصٌّ ولا تتعارض مع المقاصد الفاضلة العامة.
• ومنه تنظيمُ مصالح الناس المرسلة، التي لم يأمر المشرّع بشيء منها ولم ينه منها عن شيء.
فالقيام في الدولة الإسلامية على تنظيم ما تقدم ذكره وتنفيذه بحرفية ومهنية يقع على عاتق السلطات الآتية:
2-1.السلطة التنظيمية:
وتتكون من برلمانٍ أو مجلس نوابٍ وشيوخٍ أو مجلس شورى... سمه ما شئت
المهم هو مضمونه.
2-1-1 . كيفية اختيارها:
يختارها الشعب، بعد تحقق شرطين اثنين فيها:
- الاختصاص.
- الصلاح والنزاهة، وقد يسهل تحديد المعايير في الشرط الأول لوجود المؤسسات العلمية والأكاديمية وشهادات الخبرة، لكنّ معايير الشرط الثاني ستكون راجعة إلى تزكية المجتمع الصالح، وقد قالوا: ألسنة الخلق هواتف الحق.
وبوجود الشرطين المذكورين يمتنع دخولُ الدخلاءِ الذين يشترون المناصب والمكاسب.
وتنوعُ الاختصاصات في هذه السلطة يكون بتنوع حاجات الناس.
2-1-2 .آلية عملها:
تقوم هذه السلطة بكتابة دستورٍ للبلاد يكون كالشرح لما تقدم في شرح أنواع التشريع، ويصادقُ على القوانين التي تقترحها الوزارات، والمؤسسات، بما لا يتنافى مع ثوابت السلطة التشريعية.
تراقبُ السلوك التنفيذي في الممارسات الرئاسية والوزارية، وترفعُ إلى القضاء المخالفات.
2-2 السلطة التنفيذية:
وتتكون من مؤسستين:
2-2-1 المؤسسة الرئاسية:
وفيها رئيسٌ (أو أميرٌ أو سلطانٌ أو خليفة) منتخبٌ، يستعين بالخبراء والمستشارين، يتصف بالصلاح والنزاهة والحكمة والقدرة على الإدارة والقيادة.
- يتحرك وفق الدستور والقوانين (من غير استثناءات).
ليس له أن يسنّ قانونا أو يصدر مرسوما من غير الرجوع إلى السلطة التنظيمية.
- يطالب المؤسسة الوزارية بتحقيق مصالح الشعب، ويراقب أداءها.
- يسهر على تطوير الدولة والارتقاء بها حضاريا وحمايتها في كل الأصعدة.
- يسعى لإقامة العلاقات الدولية معها مستعينا بالمؤسسة الوزارية، وذلك تحقيقا لمصالح الشعب، من غير أن يحول دولته إلى دولة تابعةٍ، فالدولة التابعة دولةٌ لا تملك استقلالها ولا إرادتها، كما أنه لا يجوز له بحالٍ إقامةُ العلاقاتِ مع دول العدوانِ والمحاربة للإسلام.
يمكن اختيار الرئيس (أو الأمير.....) من السلطة التنظيمية، كما يمكن اختياره من الشعب، بشرط وجود المعايير الثابتة للخبرة والنزاهة والقدرة على الإدارة.
2-2-2. المؤسسة الوزارية:
وفيها جميع التخصصات العلمية والعملية التي يحتاج إليها الشعب.
تنفذ الأعمال التي يحتاج إليها الشعب، أو تختار من ينفذها، وتقيم المشروعات مستعينة بأهل الخبرة والاحتراف، أو تختار من ينفذها.
لا تخرج عن بنود الدستور، ولا تخالف القوانين.
لا تختار إلا أهل الكفاية لإدارة المشروعات، بعيدا عن المحسوبيات والعلاقات المشبوهة.
يتم اختيارها من قِبَلِ مؤسسة الرئاسة، أو من قِبَلِ السلطة التنظيمية، وتشترط فيها المهنية والاختصاص والاحتراف مع النزاهة.
ومن الضروري أن يُعلم أنه لا فرق في المؤسسات التنفيذية ضمن الدولة الإسلامية بين مسلم أو كتابيّ.
2-3. السلطة القضائية:
تحكم في الخلاف بين السلطة والشعب.
وتحكم في الخلاف بين أفراد السلطة.
وتحكم في الخلاف بين أفراد الشعب.
تستند في أحكامها إلى بنود الدستور، وما اعتمد من القوانين.
يتم اختيارها من قِبَلِ السلطة التنظيمية، بعد تحقق الأهلية ووفق معايير ثابتة في العلم والحكمة والنزاهة والفطنة.
لا يُنتقصُ فيها من حقِّ غير المسلم على حساب المسلم، ولا من حق مسلم على حساب غيره، فالعدل والحرية والمساواة هي من أصول الإسلام.
3- الأساسيات الدستورية الإسلامية:
- (الشورى مهما تعددت أشكالها وأساليبها.
- العدل، بين الناس مسلمهم وكافرهم.
- الحرية، وآكدها الحرية في النقد السياسي.
- المساواة البشرية.
- حق مساءلة الحكام مع وجوب طاعتهم في غير معصية.( )
- إلزامية التكافل.
- إلزامية التعليم.
4- الدولة الإسلامية والعلاقات الدولية:
تقدم الكلام على هوية الأرض، وأنها:
- دار إسلام (أو عدل)
- ودار كفرٍ (أو بغي)
وأن دار الكفر نوعان:
o دار عهد ومسالمة.
o ودار عدوانٍ ومحاربة.
فالعلاقاتُ الدولية التي تسعى السلطة في الدولة الإسلامية إلى إقامتها تكون مع دار إسلامٍ أو دار عهدٍ ومسالمة، ولا تجوز مع دولة عدوانٍ ومحاربة.
(واحترام العهود والمواثيق مبدأ صريح شدّد عليه الإسلام. وإذا ساءت العلاقات بين المسلمين وغيرهم فالطريق المتعين هو المسالمة.. والمعاهدة والتسوية السلمية.
واسترداد حقوق المسلمين يتطلب المقاومة، واستردادها بالقوة إن أمكن، ويتطلب إلى جانب ذلك:
- الاعتراف المتبادل المتكافئ بين الدول.
- والاعتماد على الثوابت في إغناء الحوار، وتفعيله.
- والموضوعية والحياد في الوسطاء.
والإسلام في تشديده على حفظ العهود والمواثيق ألزم بالوفاء حتى بأحلاف الجاهلية ذات الطابع الخيّر الإنساني الرفيع.( )
ولا تشترط في العهود الهوية الإسلامية، بل يكتفى فيها بالهوية الإنسانية، وقد أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف الفضول، ولم يكن لذلك الحلف هوية إسلامية.
فأي اتفاق دولي يخدم العدل وينصر المظلوم ويحارب الظالم معتبر ومحترم.
ثالثا – الخلاصة والنتيجة:
مما تقدم نخلص إلى أن الدولة الإسلامية تمتلك هوية خاصة بها، في الأرض والشعب والسلطة، ولئن تنقلت الشعوب بين تجارب الانتماءات والهويات، فإننا اليوم في زمن الصحوة الإسلامية نتطلع إلى تجربة إسلامية مستقلة جادة تظهر فيها هوية الدولة الإسلامية، وهي وإن خاف من ظهورها الآخرون ستكون نموذجا في الإنسانية والحضارية والرقي.
|