أمضينا وقتا طويلا نؤوي لاجئًا فلسطينيا أخرجه الكيان الصهيوني العنصري ... ولا نفرق بينه وبين أهلينا وأولادنا ...
ودخل المحتلُّ الأمريكي إلى العراق ففتحنا بيوتنا لإخواننا اللاجئين العراقيين ... وكنا نرى فيهم أصالة العروبة وسلالة بني العباس ...
وشنَّ اليهود عدوانهم على جنوبِ لبنان فتدفق إخوتنا من الجنوب إلينا، فكان اللاجئون اللبنانيون إخوتنا وأهلنا ... وفتحنا البيوت وأنشأنا القرى السياحية إكراما ودعما للمقاومة والممانعة والتحدي والصمود...
لكنَّ المحزن المبكي أن نسمع عن ( اللاجئين السوريين ) الذين يخرجون في هذه الأيام من ديارهم باحثين عن الأمن والأمان...
أطرقتُ طويلا ... أصابتني الكآبة ... لفّني الحزن ... دمعت عيناي ...
فأنا لم أسمع في تاريخ سورية عن لاجئين سوريين ...
أيعقل أن يخاف السوري من السوري؟
أيصدق أن يهرب السوري من السوري؟
أيُقبلُ أن يُلاحِق السوري السوري؟
ويتجمعُ آلاف السوريين في مخيمات اللاجئين... ينتظرون فتات العالم ...ويستمطرون شفقته ...
وبعدها... أتأمل في ذلك المشهد الذي تناقلته وسائل الإعلام:
مجموعة ممن يلبس زيا عسكريا ... يركلون مدنيين مقيدين قد أُلقوا على الأرض ثم يرتقون على ظهورهم ... يدوسون عليهم ...
لن أناقش القضية من حيث من هم؟ ... ولا من يكونون ...؟
ولكنني أقول:
1- ليس من الرجولة أن يَركُلَ الرجل شخصًا مقيّدا، فالرجولة تقتضي أن يقابل الرجلُ الرجلَ وجها لوجه لا أن يركله وهو مقيد ...
2- ليس من الإنسانية أن يحتقر الإنسانُ الإنسانَ، أو أن يهينه، أوأن يدوسَ على ظهره...
أيا كان هذا الفاعل فإنه منعدمُ الإنسانية، فاقد الكرامة، حقيرٌ في وضاعته، فالإنسانُ مهما كان دينه أو مذهبه مكرَّمٌ بسبب إنسانيته، والله تعالى الذي خلق هذا الإنسان هو القائل: ( ولقد كرمنا بني آدم ) ... فالذي يعتدي على كرامة الإنسان لا يستحق النسبة إلى جنس الإنسان...
إننا نعيش أزمة إنسانية حقيقية ... فإما أن نعود إلى كرامتنا وهويتنا الإنسانية .... وإما أن نختار باطن الأرض.... لأنه سيكون خيرا لنا من ظاهرها...