تكشف الأزمات واقعَ نفوسنا من غير تصنع ولا تكلف ...
حين تكون هويتنا الخُلُقية سامية نؤثر فيمن يحبنا وفيمن يكرهنا، وفيمن يعدل فينا ومن يظلمنا...
وحين نظنُّ أن التغيير لا يكون إلا بالصراخ ... ونقسو على من يسعى من العقلاء والحكماء للإصلاح، ونخوِّنُ حين يخطر ببالنا التخوين، ونصنف أهل الحق وأهل الباطل بأهوائنا لا بالموازين والمعايير.... عندها سينحدر وصفنا ويتراجعُ ازدهارُ أخلاقنا ...
مصيبة المصائب أن يضع الإنسانُ تصورا جامدا متحجرا عن النتائج .... ثم يغمض عينيه عن المتغيرات الحاضرة في الوقت، والأسوأ من ذلك أن يتهم من خالفه بالتخاذل أو الفساد ...
ومن الملاحظات المهمة الآتي:
1- من المشكلات الخلقية أن تتحول المطالب إلى شتائم، وأن تتحول إرادة الإصلاح إلى انتقام.
2- التظاهر السلمي الهادئ الحضاري المنضبط أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، لكنه ليس الوسيلة المنفردة للإصلاح والتغيير.
3- إعراضُ المنتسبين للتديُّن عن معايير الشريعة، وإدارة ظهورهم عن موازينها الفقهية، والانطلاقُ من الأمزجة والأهواء بغير علم.
4- الاهتمام بالكثرة العددية، نسيانا منا بأننا أمة لا ينصرها العَدَدُ والعُدَد ( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا ) ... وغفلةً منا عن آثار التذلل بين يدي الله ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ) ... فمن يخرجنا من أزماتنا إلا الله ؟؟؟ الذي هو عماد من لا عماد له، وسندُ من لا سند له.
5- إذا عجزنا عن أن يستوعب بعضنا بعضا، أو تنافسنا في السباق إلى الشهرة والسمعة الطيبة باسم الحراك والعراك ... فكيف سيصدقنا الآخرون أننا أصحاب استيعابٍ باسم المواطنة والديمقراطية للمخالفِ الذي لا مجانسة بيننا وبينه؟
6- ببناء الإنسان، واكتمال الإيمان، ومنهج الإحسان.... سوف تتغير إلى الحضارة أحوال الأوطان ...
وعندها لن تؤثر على مسارنا العوائق، ولو اجتمع على عداوتنا كل الخلائق ...
( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) . |