1- { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } : أي ذهب ضوؤها وحرارتها، واختفى إطلاقها لتوهجها وإشعاعاتها المضيئة، وقد أثبتت القياسات الحديثة أن الطاقة في الشمس والنجوم تتناقص.
2-{ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ } :لم يبق لها ضوء، وهو مفسَّر بما ذُكر.
3- { وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ } : سيرها الحق تعالى بعدما أرساها وثبتها في الدنيا.
4- { وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ } : هي النوق الحوامل التي مضى لحملها عشرة أشهر، وهي من أحسن ما تكون عليه الإبل عند أهلها، ولكنها عُطِّلَتْ: لأن أهلها أهمَلوها وتركوها بلا راعٍ بما أشغلهم من هول القيامة.
5- { وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ } : والوحوش ما لا يَستأنس عادة من دوابّ البر، ولكنها تنضم ويجتمع بعضها إلى بعض بعدما كانت متفرقة في الصحاري والغابات مستنجدة باجتماعها من هول ما يحصل من الأهوال الكونية.
6- { وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ } : تفجَّرت وخرجت منها نيرانُ البراكين.
والسَّجر الإيقاد.
7- { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} : أُلحِقَت بأشباهِهَا، فتبع المؤمن المؤمن، والكافر الكافر.
ويقترن كل رجل مع من كان يعمل بعمله، الفاجر مع الفاجر, والصالح مع الصالح. فيكون الناس أزواجا ثلاثة, السابقون زوج، وأصحاب اليمين زوج, وأصحاب الشمال زوج.
8- { وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } : الأنثى التي كانَت تدفَنُ وهي حيّةً.
وقد سميت بذلك لثقل ما كان يطرح عليها من التراب, فيؤودها أي يثقلها حتى تموت; ومنه قول تعالى: "ولا يؤوده حفظهما" [البقرة: 255] أي لا يثقله.
ويلتحق بها إشارةً ما يفعله كثيرٌ من الناس لإلغاء مكانة المرأة، ودورها الاجتماعي والعلمي.
9- {بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} : نبه الله بهذا السؤال فاعلي ذلك إلى بشاعة الفعلة، لأنها قتلت بغير ذنب، وقتل النفسِ في الإسلام يعدل قتلَ جميع الناس، قال تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (32) المائدة ، وقال أيضا:{وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} (68)الفرقان.
10- { وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ } : عرضت لحسابِ أصحابها، وهي صحف الأعمال التي كتبت الملائكة فيها ما فعل أهلها من خير أو شر، فيقف كل إنسان على صحيفته, ويعلم ما فيها, فيقول: "مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها" [الكهف: 49].
11- { وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ } : اقتلعت من مكانها، والكشط معناه: قلع الشيء بعد أن كان شديد الالتصاق، والله تعالى أعلم بكيفية ذلك.
12- { وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } : أضرمت للكفار وزيدَ في إحمائها، وقد ورد في سنن الترمذي قوله صلى الله عليه وسلم: (أوقد على النار ألف سنة حتى أحمرت, ثم أوقد عليها ألف سنة حتى أبيضت, ثم أوقد عليها ألف سنة حتى أسودت, فهي سوداء مظلمة"
13- { وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } : دَنَتْ واقتربَتْ من المتقين.
يقولون: تزلف فلان أي تقرّب.
14- {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} : أي ما عملت من خير وشر.
15- { فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ } : أي الملائكةُ التي تُلهِمُ الإنسانَ بخاطر الخير.
فالشيطان يُوَسْوِسُ إِلى العبد بخاطر الشر، والملك يلهمه بخاطر الخير.
فقد جعل تعالى من صنف الشر خاطراً شيطانيا خناساً ضعيفاً ، وجعل من صنف الخير خاطراً ملكيا خناساً ضعيفاً أيضا.
وأصل الخُنُوس: الرجوعُ عن الأمر، والاستخفاء منه.
16- { الْجَوَارِ الْكُنَّسِ } : الجواري: التي تسير وتجري.
وورد في صحيح مسلم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً ..) الحديث، وفي مسند أحمد ( إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ ..)
والْكُنَّس: الملائكة تكنس الذنوب بالاستغفار لأهلها.
17- { وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } : إذا لم يبق منه إلا اليسير.
وأصل العسّ الامتلاء ; فأطلق على إدبار الليل; لاستكمال امتلائه بظلامه.
18-{ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } : إذا خرج نسيمه النقي الصافي.
19- {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} هو سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وقيل جبريل.
20- { ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ } : أي هو ذو قوة ومنـزلة ومكانة.
21- { مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } : أي ينبغي أن يُطاع في أوامره، وهو أمين فيما ينقله عن ربه.
22- {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} : فليس محمد صلى الله عليه وسلم بمجنون حتى يتهم في قوله، أو يعرضَ أحدٌ عن طاعته .
23- {وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} : رأى محمدٌ صلى الله عليه وسلم ربه كما قال: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى، أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} [النجم: 11-12]، رآه في المعراج من غير كيفٍ ولا انحصار.
24- { وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ } : أي لا يضن عليكم بما يعلم من خبر السماء الغيبي.
25- {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} : أي ليس القرآن قَوْل شَيْطَانٍ مرجومٍ ملعون.
26- {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} : فإلى أين تنحرفون عن طاعته ؟ وإلى أي طريقة تسلكون بعدما بينتُ لكم؟.
27- {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} : فهو تذكيرٌ للعالمَينَ بالله .
28- { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ }: لمن أراد مِنكُمْ أن يتبع الحق ويستقيم عليه.
29- {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} : فلا يتوجه الإنسان إلى عمل صالح إلا بتوفيق الله، وهو من أسرار القدر التي اختبر الله تعالى قلوب أهل الإيمان به، فهي مع اجتهادها بالطاعات مؤمنة بقضاء الله تعالى وقدره، وهو من التوفيق العظيم.
|