الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Sermons المنبريات
 
باركنا حوله ..
Al Adiliyya Mosque, Aleppo جامع العادلية - حلب
10-9-2004
 
ملف نصي   كتاب إلكتروني   استماع ²
بسم الله الرحمن الرحيم
باركنا حوله ..

(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الإسراء: (1)
وإنه لشرف عظيم أن نشهد في هذه الأيام اجتماع الزمان والمكان فقد خصنا الحق سبحانه وتعالى بشرف البركة .
فالزمان الخاص يمر على العالم كله ونأخذ نحن منه حظنا ، أعني زمان الإسراء والمعراج ، إسراء النبي صلى الله عليه وسلم ومعراجه ..
لكن حينما تجتمع هذه الخصوصية الزمانية مع شرف الخصوصية المكانية ونحن في بلاد الشام التي ورد فيها قوله سبحانه: (بَارَكْنَا حَوْلَهُ) والمراد بلاد الشام .
فقد كان الإسراء إلى المسجد الأقصى والذي حول المسجد الأقصى هي بلاد الشام التي تمتد من الغرب من سيناء وهي من بلاد الشام إلى ما يسمى اليوم بأرض فلسطين ولبنان وسوريا .
ولقد تتبعت ورود البركة لبلاد الشام في القرآن الكريم فرأيت أنها قد ذكرت ست مرات في القرآن :
في قوله تعالى في سورة الأعراف :
(وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا) الأعراف (137).
والمقصود بلاد الشام.
وفي سورة سبأ :
(وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً )سبأ( 18).
وفي سورة ألأنبياء :
(وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء (71).
وفي سورة القصص :
(فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )القصص(30).
وفي سورة الأنبياء أيضاً:
(وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ) الأنبياء (81)
تضاف إليها آية الإسراء والمعراج :
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)
فيكون الورود ست مرات.
تتبعت لفظ البركة أين ورد في القرآن الكريم فوجدت أن ذكر الإنسان المبارك في القرآن ست مرات :
في سورة هود:
(قِيلَ يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) هود (48).
في سورة الصافات :
(وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ -أي على إبراهيم- وَعَلَى إِسْحَاقَ) الصافات (113).
في سورة مريم :
(وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا )مريم(31)
وفي سورة هود أيضاً :
(قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) هود (73).
فكان ورود البركة في الإنسان في كتاب الله سبحانه وتعالى ست مرات أيضاً.
وقد وردت البركة مقترنة بالقرآن الكريم أربع مرات في كتاب الله .
في سورة الأنعام في قوله :
(وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ) الأنعام (92).
وفي سورة الأنعام أيضاً :
(وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الأنعام (155)
وفي سورة ص :
(كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) ص (29)
وفي سورة الأنبياء :
(وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ) الأنبياء(50)
بركة الأرض بين الكواكب التي خلقها الله سبحانه وتعالى وردت في القرآن مرة :
(وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ) فصلت (10)
بركة الكعبة المشرفة وردت في القرآن مرة :
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا) آل عمران (96)
بركة ليلة القدر في الزمان ذكرت مرة :
(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) الدخان (3)
في النبات والشجر ذكرت شجرة الزيتونة بالبركة مرة:
(يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ) النور (35)
في الماء ذكرت بركة المطر مرة :
(وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) ق (9)
في أنواع التحية التي يحيي الإنسان بها أخاه ذكرت بركة السلام ، مرة:
(فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً) النور (61)
البركة الموعودة التي يصيب الله سبحانه وتعالى بها من آمن وأتقى ذكرت في القرآن الكريم مرة :
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) الأعراف (96).
بركة توليه سبحانه لأحبابه وأوليائه ذكرت في القرآن الكريم مرة في خطابه سبحانه وتعالى لنوح عليه الصلاة والسلام :
(فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(28) وَقُلْ رَبِّ أَنزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ) المؤمنون (29)
أي أنزلني إنزالا مباركا، كما أخرجتني من البر إلى الفلك إخراجا مباركا.
وكان سيدنا علي رضي الله عنه إذا دخل المسجد قال: اللهم أنزلني مُنـزلا مباركا .
فحينما يخرج الإنسان عن حوله وقوته ويتبرأ منهما إلى حول الله وقوته فلا يدخل إلا بالله ولا يخرج إلا بالله ولا ينـزل إلا بالله يتولاه الله .. وقل رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين أي أنزلني إنزالاً مباركاً بتوليك وأنت الذي تتولى أحبابك.
فإذا رجعنا إلى ما بدأنا منه إلى اجتماع الخصوصيتين ونحن يا أهل الشام نستشعر المنَّة التي قد نعطيها مقتضاها من التكليف وقد تمر بنا دون أن يكون لنا فيها حظ القيام بأداء العبودية لله سبحانه وتعالى .
بركة بلاد الشام تُذكر في القرآن ست مرات، والإنسان المبارك يذكر في القرآن الكريم ست مرات ، ألا نأخذ من هذا إشارة يا أحباب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..
إن الإنسان في بلاد الشام إذا لم يكن مباركاً فلن تكون له خصوصية البركة ..
ولقد كنت أقرأ في دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم : (اللهم بارك لنا في شامنا) فقرأت في دعائه معنى جديداً فبلاد الشام مباركة لكن المصطفى صلى الله عليه وسلم يدعوا لأمته أن تحظى بهذه البركة ، فلم يقل صلى الله عليه وسلم اللهم بارك بلاد الشام لأن الله سبحانه وتعالى أثبت أنها مباركة لكنه قال بارك لنا في بلاد الشام ..
فإذا لم يكن الإنسان في بلاد الشام مباركاً وإذا لم يحظ ببركة بلاد الشام فإنه سيكون ممن ضيع الخصوصيات ..
رحم الله العثمانيين الذين كانوا يطلقون على بلاد الشام ( شام شريف )، فإذا دخلوا إلى بلاد الشام استشعروا خصوصيتها .
وأحببت أن أقدم لكم بعض الأحاديث التي رويت عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في بلا الشام
فمنها : في سنن الترمذي عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(سَتَخْرُجُ نَارٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ أَوْ مِنْ نَحْوِ بَحْرِ حَضْرَمَوْتَ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ تَحْشُرُ النَّاسَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ) .
وفي سنن الترمذي عَنْ قُرَّةَ بن إياس قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(إِذَا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ فَلَا خَيْرَ فِيكُمْ ..).
وفي مسند أحمد : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين جاء بلاد الشام فقيل له إن فيها الطاعون فمنعه الأصحاب من دخول بلاد الشام -فقال : أَلَا وَلَوْ قَدْ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَفَرَغْتُ مِنْ حَاجَاتٍ لَا بُدَّ لِي مِنْهَا لَقَدْ سِرْتُ حَتَّى أَدْخُلَ الشَّامَ ثُمَّ أَنْزِلَ حِمْصَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَيَبْعَثَنَّ اللهُ مِنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ عَلَيْهِمْ..)
وفي مسند أحمد عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
( الأبدَالُ يَكُونُونَ بِالشَّامِ وَهُمْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا كُلَّمَا مَاتَ رَجُلٌ أَبْدَلَ اللَّهُ مَكَانَهُ رَجُلًا يُسْقَى بِهِمْ الْغَيْثُ وَيُنْتَصَرُ بِهِمْ عَلَى الأَعْدَاءِ وَيُصْرَفُ عَنْ أَهْلِ الشَّامِ بِهِمْ الْعَذَابُ ).
والأبدال هم الذين تبدلت أعمالهم، كانت خبيثة فصارت صالحة ، وتبدلت أوصافهم فصارت سنية ، وتبدلت أحوالهم فصارت مرضية..
وفي مسند أحمد قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخاطب الصحابي ابن حواله :
(يَا ابْنَ حَوَالَةَ كَيْفَ تَصْنَعُ فِي فِتْنَةٍ تَثُورُ فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ كَأَنَّهَا صَيَاصِي بَقَرٍ قَالَ قُلْتُ أَصْنَعُ مَاذَا يَا رَسُولَ الله قَالَ عَلَيْكَ بِالشَّامِ) .
وفي مسند أحمد - وهي رواية أخرى للحديث السابق- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (سَيَكُونُ جُنْدٌ بِالشَّامِ وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ فَقَالَ رَجُلٌ فَخِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكَ بِالشَّامِ عَلَيْكَ بِالشَّامِ ثَلاثًا عَلَيْكَ بِالشَّامِ فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ .... فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ ..
وفي رواية لأحمد في هذا الحديث
(سَيَكُونُ أَجْنَادٌ مُجَنَّدَةٌ شَامٌ وَيَمَنٌ وَعِرَاقٌ ... وَعَلَيْكُمْ بِالشَّامِ أَلا وَعَلَيْكُمْ بِالشَّامِ أَلَا وَعَلَيْكُمْ بِالشَّامِ فَمَنْ كَرِهَ فَعَلَيْهِ بِيَمَنِهِ ..)
أما رواية أبي داود عَنْ ابْنِ حَوَالَةَ ففيها يقول صلى الله عليه وسلم:
( سَيَصِيرُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً جُنْدٌ بِالشَّامِ وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ فَقَالَ عَلَيْكَ بِالشَّامِ فَإِنَّهَا خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ ..
وروى الحاكم في مستدركه والطبراني في الكبير
عن أبي أمامة : ("الشام" صفوة الله من بلاده، إليها يجتبي صفوته من عباده فمن خرج من الشام إلى غيرها فبسخطة، ومن دخلها من غيرها فبرحمة ).
ولفظ الحاكم في المستدرك :
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (الشام صفوة الله من بلاده، يسوق إليها صفوة عباده، من خرج من الشام إلى غيرها فبسخطه، ومن دخل من غيرها فبرحمته).
وليس المراد من الدخول والخروج إلا الهجرة , أما الدخول والخروج حين يكون لغاية التجارة أو العلم أو أمر يرضاه الله سبحانه وتعالى فإنه لا يدخل في هذا المعنى.
من أكرمه الله سبحانه بالسكنى في بلاد الشام فإن عليه ألا يهاجر منها إلى غيرها, هجرة تتغير معها بلاده وموطنه ..
وفي مسند أحمد :
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا حِينَ قَالَ طُوبَى لِلشَّامِ طُوبَى لِلشَّامِ قُلْتُ مَا بَالُ الشَّامِ قَالَ الْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَجْنِحَتِهَا عَلَى الشَّامِ... وفي رواية: إِنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَنِ بَاسِطَةٌ أَجْنِحَتَهَا عَلَيْهَا .
وفي مسند أحمد أيضاً , قال صلى الله عليه وسلم:
أَلاَ إِنَّ عُقْرَ دَارِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّامُ .
أما الحديث الذي خص به صلى الله عليه وسلم أهل بيت المقدس, ثم ذكر بلاد الشام المحيطة به فهو في مسند أحمد أيضاً :
عن أبي أمامة قال قال رسول الله  :
لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ، لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواءَ ( أي ما أصابهم من شدة من عدوهم ) حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ، قالوا يا رسول الله وأين هم ؟
قال : ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس .
سلَّم الله الأيدي التي نذرت أرواحُها نفسهَا لله سبحانه وتعالى تدافع عن بيت المقدس, تبذل الروح رخيصة في سبيل الله سبحانه وتعالى حين خذلهم الناس من حولهم, سلَّم الله تلك الأيدي التي تجاهد ليلاً ونهاراً في سبيل الله أمام أعداء الله من الصهاينة الذين لطخوا المقدسات, ونوَّر الله تلك الوجوه التي أشرقت بأنوار الإيمان ..
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يؤيدهم بنصره, ونسأله سبحانه تعالى أن يصرف عنهم كيد عدوهم.
نحن في أكناف بيت المقدس وهم في بيت المقدس والمصطفى صلى الله عليه وسلم يخص من كان في بيت المقدس ومن كان في أكناف بيت المقدس, فماذا عنا يا سكان الشام؟
ماذا عن إيماننا؟ ماذا عن أوصافنا؟ ماذا عن أحوالنا؟ ماذا عن سلوكياتنا؟ ماذا عن أُسَرنا؟ ماذا عن صلواتنا؟ ماذا عن صلتنا بالله؟ ماذا عن صلتنا بسيدنا محمد رسول الله؟
كيف هو حال أولادنا؟ كيف هو حال تلاميذنا الذين دخلوا المدرسة؟ كيف هو حال معلمينا في المدرسة؟ كيف هو حال بائعينا في الأسواق؟ كيف هو حال صناعنا في المصانع؟
أتراهم استشعروا خصوصية بركة بلاد الشام فانقادوا إلى الله سبحانه فحظيت نفوسهم ببركة بلاد الشام ؟
ماذا عنا يا إخوتي في الأويقات المباركة؟ ماذا عنا في أويقات السحر؟ ماذا عنا في صلاة الفجر في المساجد؟ وقد أعرض الكثير من الناس عن صلاة الصبح في المساجد.
ماذا عنا بين يدي كتاب الله سبحانه تلاوة وفهماً وتدبراً؟ ماذا عنا في فهم سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
ترى هل يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل الشام لخصوصية في أجسامهم, أو في ألوانهم, أو في أوصاف عيونهم, أو في أوزانهم البدنية؟ لا.... إنه تبني الإسلام, ما خصهم بما خصهم به إلا لأنه صلى الله عليه وسلم يحضهم على تبني الإسلام, ويبين لهم أن البركة في بلاد الشام تنفعهم وتعينهم, يؤيدنا الله سبحانه-يا أهل بلاد الشام- إن نحن تبنينا الإسلام, وإن نحن دعونا إلى الله, وإن نحن كنا أصحاب هوية واضحة, لا نفاق فيها ولا اعوجاج ..
يؤيدنا الله سبحانه حينما لا نوفر وسيلة من الوسائل في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى .. حينما نوظف الكلمة, ونوظف الأجهزة والوسائل, وحينما لا نوفر أسلوباً يمكن للعالم أن يستفيد منه إلا ونأخذ به خدمة لله سبحانه وتعالى ورسوله.
خصوصية بلاد الشام وخصوصية أهلها جاءت من مفهوم الإنسان المبارك الذي ذكر
وكل الذين ذكروا من أهل البركة الإنسانية كانت مساحة دعوتهم بلاد الشام.
فنوح عليه الصلاة والسلام كانت دعوته في بلاد الشام , واستوت سفينته على الجودي وهي على حدود بلاد الشام ..
وإبراهيم عليه الصلاة والسلام وإسحاق كانا في بلاد الشام.
وعيسى عليه الصلاة والسلام كان في بلاد الشام.
وآل إبراهيم الذين قال الله فيهم: (رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) كانوا في بلاد الشام
فالإنسان المبارك الذي ورد ذكره ستة مرات في القرآن كان في بلاد الشام.
فهل سنكون الإنسان المبارك يا إخوتي؟
أم أننا سنصر على عاداتنا وتقاليدنا؟.
الشباب لا يجدون فرصهم في الزواج, لأن العادات والتقاليد تحكمنا, ولا نثق بكلام الله سبحانه وتعالى, ولا نثق بكلام المصطفى صلى الله عليه وسلم, والله يقول: (إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِه)النور(32)
المهور أصبحت تقيد الشباب, مع الشروط التعجيزية التي لا يقدر عليها إلا من كان ذووه أصحاب يسر, أما الشاب المبتدئ فيستحيل عليه من حيث العادة أن يحقق شيئاً منه, ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أننا ندعو الشباب إلى التفلت, فيبقى الشاب مدة طويلة يتخبط في شهواته وغرائزه, فهل هذا يليق بأهل بلاد الشام؟
سألت واحداً من إخواننا المسلمين في بلاد الغرب: كم هي المهور عندكم؟, وكيف هو الزواج؟
فقال: المهور لا تتجاوز المائة أو المائتين من الدولارات, هذا هو المهر.
أيكون هذا في بلاد الغرب ولا يكون في بلاد الشام؟
تقاليد حلب, تقاليد دمشق, وربما كانت تقاليد حلب أشد من تقاليد غيرها.
واعذروني يا إخوة.
فلنعد إلى خصوصية بلاد الشام..
متى سنتوب ومتى سندعو الشباب إلى التوبة ؟
متى نجعل بيت الله سبحانه وتعالى سكناً لقلوبنا فنأوي إليه, حتى تدمع العيون, وتتطهر النفوس.
متى نعبر في طرقاتنا وشوارعنا وأسواقنا ومصانعنا عن الهوية, ولا نرتكب الغش والكذب والحلف وما يشين؟
متى نتوب من المعاملات الربوية؟
إن بلاد الشام أرادها الله في آخر الزمان أن تكون شمساً مشرقة على الأرض ..
أرادها أن تكون السراج المضيء في زمن العتمة, فهل تهيأنا يا شباب؟ هل تهيأنا أن نكون السُّرج والشموس المشرقة؟
أم أننا نتعثر بنفوسنا, و نتعثر برغباتنا التي تمنعنا على الحق.
اللهم لا تمنعنا من خصوصية بلاد الشام, وبارك لنا في بلاد الشام, وانفع الأرض بالهدي في بلاد الشام, وانصرنا وانصر بنا وأهدنا واهدي بنا يا رب العالمين.
أقول هذا القول واستغفر الله
أعلى الصفحة