الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Books كتب
 
المنازل البهية في الوصايا الشاذلية
تربية
 
المنزل الأول
( التوبة )
- اتق الله في الفاحشة جملة وتفصيلًا، وفي الميل إلى الدنيا صورة وتمثيلًا.
- إياك والوقوع في المعصية المرة بعد المرة فإن من تعدى حدود الله فهو الظالم، والظالم لا يكون إمامًا، ومن ترك المعاصي، وصبر على ما ابتلاه الله، وأيقن بوعد الله ووعيده، فهو الإمام، وإن قلت أتباعه.
- إذا ثقل الذكر على لسانك، وكثر اللغو في مقالك، وانبسطت الجوارح في شهواتك، وانسد باب الفكرة في مصالحك، فاعلم أن ذلك من عظيم أوزارك، أو لكمون إرادة النفاق في قلبك، وليس لك طريق إلا التوبة، والإصلاح، والاعتصام بالله، والإخلاص في دين الله تعالى، ألم تسمع قوله تعـالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} ولم يقل من المؤمنين فتأمل هذا الأمر إن كنت فقيهًا.
- عقوبة ارتكابات المحرمات بالعذاب، وعقوبة أهل الطاعات بالحجاب؛ لما يقع لهم فيها من سوء الأدب، وعقوبة المراكنات ترك المزيد، وعقوبة القلق والاستعجال هلاك السر.
ـ عليك بالاستغفار وإن لم يكن هناك ذنب، واعتبر باستغفار النبي صلى الله عليه وسلم بعد البشارة واليقين بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر. هذا في معصوم، فما ظنك بمن لا يخلو من الذنب والعيب في وقت من الأوقات.

المنزل الثاني
(الزهد في الدنيا والخلق)
وهو المراد في الشطر الثاني من قوله رضي الله عنه:
- اتق الله في الفاحشة جملة وتفصيلًا، وفي الميل إلى الدنيا صورة وتمثيلًا.
- خصلة واحدة إذا فعلها العبد صار إمام الناس من أهل عصره، وهي: الإعراض عن الدنيا واحتمال الأذى من أهلها.
- رأيت كأنني بالمحل الأعلى، فقلت إلهي أي الأحوال أحب إليك، وأي الأقوال أصدق لديك، وأي الأعمال أدل على محبتك، فقيل: الرضا بالمشاهدة، ولا إله إلا الله، وبغض الدنيا واليأس من أهلها.
- قال لي رجل: بم فقت الناس ولم أر لك كبير عمل، قلت: بواحدة افترضها الله على رسوله: الإعراض عنكم وعن دنياكم، قال تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}.
- أشقى الناس: من يعترض على مولاه، و أركس في تدبير دنياه، ونسي المبدأ، والمنتهى، والعمل لأخراه.
- علامة خروج الدنيا من القلب بذلها عند الوجود، ووجدان الراحة منها عند الفقد.
- أصدق الأقوال عند الله تعالى لا إله إلا الله على النظافة، وأدل الأعمال على محبته تعالى بغض الدنيا والإياس من أهلها على الموافقة، وإن أردت أن تصح على يديك الكيمياء، فأسقط الخلق من قلبك، واقطع الطمع من ربك أن يعطيك غير ما سبق لك، ثم أمسك ما شئت يكن كما شئت.
- اهرب من خير الناس كما تهرب من شرهم، فإن خيرهم يصيبك في قلبك، وشرهم يصيبك في بدنك.
- لا تسرف بترك الدنيا فتغشاك ظلمتها، وتنحل أعضاؤك، فترجع لمعانقتها بعد الخروج منها بالهمة، أو بالفكرة، أو بالارادة، أو بالحركة.
- برد الماء، فإنك إذا شربت الماء السخن فقلت: الحمد لله، قلتها بكزازة، وإذا شربت الماء البارد وقلت: الحمد لله، استجاب كل عضو فيك بالحمد لله، والأصل في هذا قوله عز وجل حكاية عن موسى عليه السلام: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ}، ألا ترى كيف تولى إلى الظل قاصدًا الشكر لله على ما يناله من النعمة.
آداب صحبة الخلق
- لا تصحب إلا من تكون فيه أربعة خصال: الجود من القلة، والصفح عن المظلمة، والصبر على البلية، والرضى بالقضية.
ـ طالب نفسك بإكرامك للناس، ولا تطالبهم بإكرامهم لك {لا تكلف إلا نفسك}.
- إذا جالست العلماء، فلا تحدثهم إلا بالعلوم المنقولة والروايات الصحيحة، إما أن تفيدهم أو تستفيد منهم، وذلك غاية الربح منهم، وإن جالست الزهاد والعباد، فاجلس معهم على بساط الزهد والعبادة، وحلِّ لهم ما استمروه، وسهل عليهم ما استوعروه، وذوقهم من المعرفة مالا يذوقوه، وإن جالست الصديقين ففارق ما تعلم تظفر بالعلم المكنون.
تحمل الأذى من الخلق
- علم الله ما يقال في أوليائه والصديقين، فبدأ بنفسه، فقضى على قوم أعرض عنهم فنسبوا إليه الزوجة والولد، فإذا قيل في صدِّيق: إنه زنديق، وقيل في ولي: إنه غافل عن الله تعالى غوي، فإن ضاق الولي والصديق بذلك ذرعًا، قيل له: الذي قيل فيك هو وصفك لولا فضلي عليك، وقد قيل فيَّ ما لا يستحق جلالي.
- إذا قيل فيك ما ليس فيك، فقل: الله يعلم مني ما يعلم، وإلى الله عاقبة الأمور.

المنزل الثالث
( رياضة النفس )
- التصوف: تدريب النفس على العبودية، وردها لأحكام الربوبية.
- أول منزل يطأ المحب للترقي منه إلى العلى النفس، فإذا اشتغل بسياستها ورياضتها إلى أن انتهى إلى معرفتها وتحققها، أشرق عليه أنوار المنزل الثالث وهو الروح، فإذا اشتغل بسياستها وتمت له المعرفة، هبت عليه أنوار اليقين شيئًا فشيئًا إلى تمام نهاياته، وهذه طريق العامة، وأما طريق الخاصة، فهي طريق ملوك، تضمحل العقول في أقل القليل من شرحها.
- إذا أردت أن يكون الحق راضيًا عنك، فتبرأ من نفسك، ومن حولك، وقوتك.
- إن أردت أن تكون مرتبطًا بالحق، فتبرأ من نفسك، واخرج من حولك وقوتك.
- إذا أراد الله هوان عبد، ستر عنه عيوبه، وإذا أراد عزه، بصَّره بها، ليتوب منها.
- إذا طلب الولي النصرة على من ظلمه، خرج من الولاية، قال تعالى للمعصوم الأكبر: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ}.
- إذا انتصر الفقير لنفسه، وأجاب عنها، فهو والتراب سواء.
- حقيقة زوال الهوى من القلب، حب لقاء الله تعالى في كل نفس، من غير اختيار حالة يكن المرء عليها.
- كل علم يسبق إليك فيه الخواطر، وتلتذ به الطبيعة، فارم به، وخذ بعلم الله الذي أنزله على رسوله، واقتد به، وبالخلفاء، والصحابة، والتابعين من بعده، وبالأئمة الهداة المبرئين عن الهوى ومتابعته، تسلم من الشكوك، والظنون، والأوهام، والدعوى الكاذبة المضلة عن الهدى وحقائقه.
- لا ترق قبل أن يرقى بك، فتزل قدمك.
- إذا عارضك عارض يصدك عن الله، فاثبت، قال تعالى: {ياأيها الذين أمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون}.
- أسباب القبض ثلاثة: ذنب أحدثته، أو دنيا ذهبت عنك، أو شخص يؤذيك في نفسك أو عرضك، فإن كنت أذنبت فاستغفر، وإن ذهبت عنك الدنيا فارجع إلى ربك، وإن كنت ظُلِمت فاصبر واحتمل، هذا دواؤك، وإن لم يطلعك الله على سبب القبض، فاسكن تحت جريان الأقدار، فإنها سحابة سائرة.
- أشقى الناس: من يحب أن يعامله الناس بكل ما يريد، وهو لا يجد من نفسه بعض ما يريد.

المنزل الرابع
( حسن الظن )
- قرأت ليلة من الليالي: {قل أعوذ برب الناس} إلى قوله: {من شر الوسواس الخناس}، فقيل لي: ((شر الوسواس: وسواس يدخل بينك وبين حبيبك، ينسيك ألطافه الحسنة، ويذكرك أفعالك السيئة، ويقلل عندك ذات اليمين، ويكثر عندك ذات الشمال، فيعدل بك عن حسن الظن بالله تعالى ورسوله، إلى سوء الظن بالله ورسوله، فاحذر هذا الباب، فقد أخذ منه خلق كثير من الزهاد والعباد، وأهل الجد والاجتهاد)).

المنزل الخامس
( الإرادة )
الذكر :
- إذا ترك العارف الذكر على وجه الغفلة نفسًا أو نفسين، قيض الله له شيطانًا فهو له قرين، وأما غير العارف فمسامح بكل ذلك، ولا يؤاخذ إلا في مثل درجة أو درجتين، أو زمن أو زمنين، أو ساعة أو ساعتين على حسب المراتب.
الجماعة :
- إذا لم يواظب الفقير على حضور الصلوات الخمس في الجماعة، فلا تعبئن به.
إشراق البصيرة :
- البصيرة كالبصر، أدنى شيء يقع فيها يعطل النظر وإن لم ينته الأمر إلى العمى، فالخطرة من صفات الشر، تشوش نظر البصيرة، وتكدر الفكرة والإرادة، وتذهب بالخير رأسا، والعمل بها يذهب بصاحبه عن سهم من الإسلام، فإن استمر على الشر تفلت منه الإسلام سهمًا سهمًا، فإذا انتهى إلى الوقيعة في العلماء والصالحين، وموالاة الظالمين، حبًا للجاه والمنزلة عندهم، فقد تفلت من الإسلام كله، ولا يغرنك ما توسم به ظاهرًا فإنه لا روح له، فإن روح الإسلام حب الله، وحب رسوله، وحب الآخرة، والصالحين من عباده.
مواهب ملكوتية:
- العلوم على القلوب كالدراهم والدنانير في الأيدي، أن شاء الله تعالى نفعك بها، وإن شاء ضرك معها.
الرضا:
- لا تختر من الأمر شيئًا، واختر أن لا تختار، وفر من ذلك المختار فرارك من كل شيء إلى الله تعالى، {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة} وكل مختارات الشرع وترتيباته، فهي مختار الله تعالى، ليس لك منه شيء، ولا بد منه، واسمع واطع، وهذا موضع الفقه الرباني والعلم، وهي أرض لعلم الحقيقة المأخوذة عن الله تعالى لمن استوى، فافهم، ولا تركن إلى علم، ولا عمل، ولا مدد، وكن مع الله بالله لله.
- خصلة واحدة تحبط الأعمال، ولا ينتبه لها كثير من الناس، وهي سخط العبد على قضاء الله تعالى، قال تعالى: {ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم}.
- إذا ضيق عليك المعيشة، فهو يريد أن يواليك، فاصبر ولا تضجر.

المنزل السادس
( المعرفة )
- العلوم التي وقع الثناء على أهلها وإن جلت فهي ظلمة في علوم ذوي التحقيق، وهم الذين غرقوا في تيار بحر الذات، وغموض الصفات، فكانوا هناك بلا هم، وهم الخاصة العليا الذين شاركوا الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام في أحوالهم، فلهم فيها نصيب على قدر إرثهم من مورثهم، قال النبي: {العلماء ورثة الأنبياء} عليهم الصلاة والسلام، أي يقومون مقامهم على سبيل العلم والحكمة، لا على سبيل التحقيق بالمقام والحال، فإن مقامات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد جلت أن يلمح حقائقها غيرهم.
- إنا لننظر إلى الله ببصر الإيمان والإيقان، فأغنانا بذلك عن الدليل والبرهان، وإنا لا نرى أحدًا سوى الملك الحق، وإن كان ولا بد فكالهباء في الهواء إن فتشته لم تجده شيئًا.
- ومن أعجب العجب أن تكون الكائنات موصلة إليه! فليت شعري هل لها وجود معه حتى توصل إليه! أوهل لها من الوضوح ما ليس له حتى تكون هي المظهرة له! وإن كانت الكائنات موصلة إليه، فليس ذلك لها من حيث ذاتها، لكن هو الذي ولاها رتبة التوصيل فوصلت، فما وصل إليه غير الهيئة، ولكن الحكيم هو واضع الأسباب، وهي لمن وقف عندها ولم ينفذ إلى قدرته عين الحجاب.
- حقيقة القرب: الغيبة بالقرب عن القرب، حقيقة القرب: أن تغيب عن القرب لعظيم القرب، كمن يشم رائحة المسك، فلا يزال يدنو، وكلما دنا منها تزايد ريحها، فلما دخل البيت الذي هو فيه، انقطعت رائحته عنه.
- ذهب العمى وجاء البصر بمعنى، فانظر إلى الله تعالى فهو لك مأوى، فإن تنظر فله، أو تسمع فمنه، أو تنطق فعنه، وإن تكن فعنده، وإن لم تكن فلا شيء غيره.
- الصوفي يرى وجوده كالهباء في الهواء، غير موجود ولا معدوم، حسبما هو عليه في علم الله.
- أبى المحققون أن يشهدوا غير الله تعالى لما حققهم به من شهود القيومية، وإحاطة الديمومية.
- إذا أردت الوصول إلى الطريق التي لا لوم فيها، فليكن الفرق في لسانك موجودًا، والجمع في سرك مشهودًا.
- اركز الأشياء في الصفات ركزها قبل وجودها، ثم انظر هل ترى للعين أينًا، أوترى للكون كينًا، أو ترى للأمر شانًا، وكذلك بعد وجودها.
- اعرف وكن كيف شئت.
- أثبت أفعال العباد بأفعال الله تعالى ولا يضرك ذلك، وإنما يضرك الإثبات بهم ومنهم.
- الحقائق: هي المعاني القائمة في القلوب، وما اتضح بها وانكشف من الغيوب، وهي منح من الله تعـالى وكرامات، وبها وصلوا إلى البر والطاعات، ودليلها قول النبي عليه الصلاة والسلام لحارثة: { كيف أصبحت يا حارثة} قال: أصبحت مؤمنًا حقًا... الحديث.
- إذا جاذبتك هواتف الحق فإياك أن تستشهد بالمحسوسات على الحقائق الغيبيات وتردها، فتكون من الجاهلين، و احذر أن تدخل في شيء من ذلك بالعقل.
- إذا عارضك عارض من معلوم هو لك، فاهرب إلى الله منه هروبك من النار، وهذه من غرائب علوم المعرفة في علوم المعاملة.

المنزل السابع
( الكمال )
- الأولياء على ضربين: صالحون، وصديقون، فالصالحون أبدال الأنبياء، والصديقون أبدال الرسل، فبين الصالحين والصديقين في التفضيل كما بين الأنبياء والمرسلين، منهم طائفة انفردوا بالمادة من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يشهدونها عن يقين، وهم قليلون وفي التحقق كثيرون، ومادة كل نبي وولي بالأصالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن من الأولياء من يشهد عينه، ومنهم من تخفى عليه عينه ومادته، فيفنى فيما يرد عليه، ولا يشتغل بطلب مادته، بل يستغرق بحاله لا يرى غير وقته، ومنهم طائفة أيضًا مدوا بالنور الإلهي.
أعلى الصفحة