الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Sermons المنبريات
 
الفرعون الدولي الجديد
Al Adiliyya Mosque, Aleppo جامع العادلية - حلب
9-4-2004
 
ملف نصي   كتاب إلكتروني   استماع ²
بسم الله الرحمن الرحيم

(وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ، وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ، وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ) النجم (50-52). ، فجمع الله سبحانه وتعالى في حربه هذه نماذج الطغيان الكبرى التي أفسدت في الأرض وتجبرت وتكبرت وتجاوزت حدودها التي تتناسب مع عبوديتها لله تبارك وتعالى .
والظلم والطغيان إذا اجتمعا في الإنسان مع إنذار الله سبحانه وتعالى على لسان الرسل والدعاة سيكون ذلك بداية النهاية للطغاة .
(وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى) : وهي الحضارة التي لم يخلق مثلها في البلاد.
(وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى) : ما ترك منهم من بقية .
(وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى) والظلم تصرف في ملك الغير من غير إذنه ، والطغيان تجاوز الحدود ، والخروج عن دائرة المعهود إلى حالة سبعية ذئبية ، فإذا اجتمع مع وجود الظلم والطغيان الإنذارُ على لسان الرسل والدعاة تبييناً وتحذيراً وتوضيحاً لمضمون خطاب الله سبحانه وتعالى المتوجه إلى الإنسانية ليخرجها من الظلمات إلى النور ، فإما أن يصدق صاحب الطغيان والظلم دعوةَ الله سبحانه وتعالى ويرجع عن ظلمه وطغيانه ، وإما أن يكون الإنذارُ سبب زيادة في الاستكبار والتكذيب فيعمى الطاغي عن رؤية الحق ويزداد ظلماً ..
والقرآن الكريم صرح أن الطغيان سببُ التكذيب ، وذلك بقوله سبحانه : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا) الشمس (11) فلما وجد الطغيان كان سبباُ للتكذيب ..
فظهر أن بين الطغيان والتكذيب تلازماً وتآلفاً يستديم كلٌّ منهما صاحبَه .
ومجمل الصراع بين الحق والباطل صراع في باطن الإنسان بين نفسه وقلبه، فالنفس تتطلع إلى ظلم الآخرين .. تتطلع إلى مراداتها ونزعاتها وشهواتها من غير حدود ، تشتهي ما ترغب .. وتنفذ ذلك حين لا يكون عليها رقيب أو ضابط فتشاكل بذلك الوحوش والذئاب : (إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) يوسف (53) .
فإذا لامس الحق شغاف القلب ورأى الإنسان ببصيرته نور الله سبحانه وتعالى الذي يبصّره بما ينفعه ، ويعرِّفُه ما يضره يبدأ الصراع في باطن الإنسان بين النفس والقلب ، فإذا عمي القلب لم يبق في ساحة الصراع إلا النفس التي تتجبر وتتكبر وتعتدي وتطغى..
وحكى القرآن الكريم عن فرعون مصر فقال : (ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى ) النازعات (22) فدلَّ أن وصفه الإدبار لا الإقبال .
الإيمان يدعوك لتكون مقبلاً تلقى الناس بوجهٍ طلق ، وتزف البشرى إلى العالم ، وتقبل على كل شيء بالإحسان ، فيكون وصفك الإقبال، ومن أقبل على الشيء نفعه ، ومن تولى عنه وأدبر ازدراه واستخف به ، ولم يأخذ من نفسه أي تكريم .
(فَحَشَرَ فَنَادَى) النازعات (23). نادى في الناس ، وأراد أن يكون صوته مع إدباره وطغيانه مرتفعاً . . ألم يقل : (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) غافر (26).
قاله وهويصف كليم الله موسى عليه الصلاة والسلام ..
وهكذا يقلب النداء الفرعوني صورة الحق ليصورها باطلا ، إنه يريد قلب الحقائق .
( فَحَشَرَ فَنَادَى، فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى) النازعات (23-24) ولن يكون آمر غيري ، ولا موجه يوجهكم غيري ، ولا مهيمن يهيمن عليكم غيري .
( ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى، فَحَشَرَ فَنَادَى، َقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى، فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى) النازعات (22-26).
من تصور أن هذه الفرعنة تنحصر في فرعون مصر فهو مخطئ ..
إنها وصف مستمر تشهده الإنسانية في كل وقت ..
كانت الفرعنة تتمثل في شخص استخف قومه فأطاعوه، فتطورت إلى أشكال متعددة حتى عاش العالم اليوم فرعنة الأمركة الجديدة ، ( الفرعون الذي يتمثل في إدارة ) ، أصبحت الفرعنة دولية ، والفرعون الجديد فرعونٌ عالمي ..
الوصف هو هو لم يتغير ، إن لم يكن زاد سوءاً وبغياً وطغياناً وكذباً وعدواناً .
( ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى، فَحَشَرَ فَنَادَى، فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى) النازعات (22-24).
أليس هذا ما يعيشه العالم اليوم في كل مكان ، وهو يصغي إلى نداء الفرعون الدولي الجديد ، أوربة تحسب له ألف حساب .. الدول الإسلامية أصبحت هدفاً عسكرياً له، فلسطينُ العربية المسلمة أصبحت مرماه ، الصومال العربية المسلمة ، أفغانستان المسلمة ، واليوم المأساة الكبرى في العراق ..
الفرعون الدولي الجديد الذي يخاطب بفرعنته كل العالم .. يخاطب الأنظمة كلها ، ويخاطب الحكام كلهم حتى لا يبقى في العالم إلا الفرعون الأعلى ، البلاد العربية التي يرسل إليها مشروع الشرق الأوسط الكبير.
نشرت صحيفة الشرق التي تصدر في الدوحة مذكرة رفعها الكونغرس الأمريكي، تنص على إيعاز يتوجه إلى البلاد العربية ، وأمر يصدر إلى الحكومات العربية، فاللغة لم تعد لغة حوار، ولغة الفرعون صارت لغة إيعاز وأمر .
تقول المذكرة :
(المؤتمرات والندوات والجلسات الرسمية التابعة للحكومات العربية ، وما يدخل في نطاق العمل الحكومي والبرلماني والقضائي والعسكري يجب أن تختفي منها كل الشعارات الدينية ( التي منها الافتتاح بالقرآن الكريم ، أو بسم الله الرحمن الرحيم ، لأن ( بسم الله الرحمن الرحيم ) رمز ديني ، ولا يجوز لرئيسٍ عربي أن يبدأ بشيء من هذا)

هكذا أصبح المشرع الأمريكي يشرع لحكام العالم ما يجوز وما لا يجوز.
ثم أعطى هذا الكونغرس مدة ستة أشهر للحكومات العربية لتعديل قوانينها وإحداث هذه الإصلاحات ، فالإصلاحات بالمنظور الفرعوني أن لا يبدأ رئيس عربي ببسم الله الرحمن الرحيم ، وأن لا يبدأ تجمع رسمي بافتتاحية قرآنية ، كما قال فرعون الأمس :
(إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) غافر(26).
فالفرعون الدولي الجديد يخاف أن يبدل القرآن دينَ الأمركة ، ويخاف أن يكون سبباً للفساد !
وتسفك الدماء اليوم غزيرة غزيرة غزيرة على أرض الإسلام في العراق ..
شتان شتان بين فاتح يحمل الرحمة يوم كنا في الأمس نتحرك إلى العالم بالرحمة والنور لا نريد منه جزاء ولا شكوراً ، نقدم إليه النور والهداية ، نقول لأبنائه : نريدكم أن تتعرفوا إلى خطاب الله تعالى الرحيم الذي يخرجكم من الظلمات إلى النور ، شتان بين هذا الفاتح وبين ظالم باغٍ معتد يعيث في الأرض فساداً شرقاً وغرباً باحثاً عن زيادة ثروته .

ملكنا فكان العدل منا سجية
وحلّلتمُ قتل الأُسارى وربما
فحسبكُـمُ هذا التفاوت بيننا
ولما ملكتم سال بالدم أبطحُ
غدونا على الأسرى نمن ونصفحُ
وكلُّ إناء بالذي فيه ينضحُ


إن الفرعون القديم كان يميز بين النساء والرجال ، وكان يقول: (سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ) الأعراف (127) ، لكن الفرعون الجديد قطع أشلاء النساء على مرأى من العالم ، والفلوجة تنزف دماً بأطفالها وشيوخها ونسائها .. تقطع الأوصال في الطرقات ، أي عالم هذا ؟
نداء امرأة يوماً حرك المعتصم وجيشه ، ونداء المستضعفين في العالم لا يستجيب له أحد والطائرات العملاقة تقصف الأطفال والنساء ..
هذه شريعة الفرعون الدولي الجديد .
تُستنزف دمائهم ، وكأن العالم وهو يرى يقدم لذلك الفرعون القرابين زيادة في الطاعة. وهذا الفرعون الذي هرب من الصومال ، وهرب من فيتنام لماذا يصبر مع كل ما يسقط من جنوده القتلى ؟
إنه سؤال ينبغي لنا أن نفهم جوابه يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
عندما حاربوا في فيتنام حاربوا لمجرد الطغيان والبغي والعدوان ، وفي العراق يحاربون لا لمجرد الطغيان وحسب .. إنهم يحاربون لتنفيذ مخطط صهيوني ، مخطط يستند إلى تعاليم التوراة ، وهم مضطرون أن يصبروا ، ومضطرون أن يقدموا القتلى، فهي خدمتهم لليهود .
أصبحت اليهودية حاكمة على شعب أمريكا، والفرعون الجديد أصبح رأسه وإداراته إدارة صهيونية لا شك في هذا ولا ريب .
أذكر لكم جزءاً من خطاب قديم قاله أحد مؤسسي أمريكا عام 1787 ، وهذا الخطاب محتفظ به في مؤسسة فيلادلفيا في بنسلفانيا .. خطاب لرئيسٍ أمريكي قديم هو فرانكلين قال في خطابه :
( إذا لم يُبعد اليهود عن الولايات المتحدة فإن سيلهم سيتدفق إليها في غضون مائة سنة إلى حد يقدرون معه على أن يحكموا شعبنا ويدمروه ويغيروا شكل الحكم الذي بذلنا في سبيله دماءنا ولن تمضيَ مائتا عام حتى يكون مصير أحفادنا أن يعملوا في الحقول لإطعام اليهود ) .
وهاهي مائتا عام تمضي على ذلك الخطاب ، وأصبح جنود أمريكا لا يعملون في حقول الأشجار والبساتين خدمةً لليهود لكنهم يعملون في حقول البترول والدم خدمةً لهم ..
يا شعب أمريكا استفق ، يا شعب أمريكا أنت شعب طيب ، أن شعب تصدق ما يقال لك .
يا شعب أمريكا إنها لعبة أصبحتَ ضحيتها ، صورت اليهودية لك يا شعب أمريكا وياشعوب العالم ( الإسلام والمسلمين ) على أنهم مصدر الإرهاب ، وعلى أنهم مصدر الوحشية ، وأُنفقت في سبيل ذلك ملايين الدولارات ..
أنتج اللوبي الصهيوني على سبيل المثال ، إعلاناً بثته قنوات أمريكا يعرض صورة رجل يرتدي الزّي الإسلامي ذي لحية طويلة يحاول اغتصاب فتاة ، فتستعمل في وجهه سائلاً مخدراً ، وحينما يقع على الأرض تبصق عليه ..
ملايين الدولارات تبذل في سبيل تصوير أبناء الإسلام على أنهم الوحوش والإرهابيون ومن سنة 1970إلى سنة 1998أنتج أكثر من 700 فيلم لتشويه صورة المسلمين كما يقول مجلس العلاقات الأمريكية المعروف بـ ( care)
أكثر من 700 فيلم أنتجه اللوبي اليهودي حتى يحقن مجتمع أمريكا والعالم بالحقد على الإسلام والمسلمين ..
(فيلم الحصار) نموذج أنتجته هوليود اليهودية ، صوّر الحياة اليومية للمسلين خمراً ومخدرات واغتصاباً مع الوضوء والصلاة والأذان وقراءة القرآن ، فجمع في الفيلم بين الصلاة والوضوء وقراءة القرآن ورفع الأذان ؛ والخمر والاغتصاب والمخدرات ، وصوّر الطلبة من المسلمين والعرب في أمريكا على أنهم جاؤوا لتفجير المباني والحافلات .
وقال وزير خارجية أمريكي سابق : ( إن شخصيات الإدارة الأمريكية لا تستطيع مناقشة أي قرار في الكونغرس وغيره يمس مصالح إسرائيل دون أن تعلم الحكومة الإسرائيلية به ، وإذا طُرح قرارٌ يتعارض مع سياستها يصل على الفور مبعوثون من تل أبيب لدفع أعضاء الكونغرس على الاستياء ) فأُلزم هذا الوزير بالاستقالة .
إن هذا لا يعني يا أمة الإسلام ويا شعوب العالم التي تبحث عن الحقيقة أن الطغيان سيدوم ويستمر لا .. بل إن الطغيان علامة على بداية النهاية ، تلك هي حقيقة ينبغي على الإنسان أن يعلمها ، فقد قال الله سبحانه تعالى في كتابه:
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ(15)البقرة .
فسنة الله سبحانه تعالى أنه يمد الطاغية بطغيانه .. يسلطه على عباده حتى يستفيق عباده ، وما كانت الشعوب يوماً تستفيق إلا بالمحن ..
شعب مستمر في لهوه وعبثه لا تغيره إلا محنة ..
تحول شباب الفلوجة وشيوخهم ونساؤهم إلى صورة تماثل صورة شباب فلسطين ، وأصبحوا كالأقمار .. رجعوا إلى إنسانيتهم .
لكن هل تحوّل سلوكنا أيها الشباب .. أيتها الفتيات ؟
هل تحول سلوكنا ، هل تغير ؟
ها نحن في سورية إلى جوار العراق ، هل شعرنا بالمحنة ؟
هل كان في قلوبنا من الوحدة الشعورية شيء أم أنَّ لهونا هو لهونا ؟ ..
وغفلتنا هي غفلتنا ، و بعدنا هو بعدنا ؟
واللامبالاة التي نعيشها اليوم تخيم وتطبق علينا .
هل أعاد أبناء الإسلام حساباتهم ؟ وهل علموا أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ؟
هل أعدنا حساباتنا ، أم أننا ننتظر المحنة ؟
هل صححنا المعاملة ؟ هل ارتدع المرتشي عن رشوته ؟ هل امتنع الكذاب عن كذبه؟ هل توقف الغاش عن غشه ؟ هل تصححت معاملة الموظف ؟ هل ارتدع أستاذ الجامعة الفاسد الذي يقبل الرشوة مقابل نجاحِ طالبٍ في مادة دراسية ؟
هل توقفنا عن ظلم بعضنا لبعض ؟
إن الحرية التي تطلبها الشعوب ينبغي أن تبدأ بحرية الباطن ، وحرية الباطن لا تكون إلا حين يتحرر الإنسان بإرادته من رق الأشياء ، وحين يتحرر من العبودية لها ، يتحرر أولاً من النزعات النفسية ، فإذا تحرر الباطن وفهم هذا الإنسان معنى العبودية لله سبحانه وتعالى وتحرك بما يتناسب مع العبودية عندها تأتي الحرية في الظاهر .
ومن كان عبد نفسه في الباطن فمهما نال من الحرية الظاهرة لن تسوقه إلا إلى زيادة فوضوية وعبثية .
الحرية تبدأ بحرية الباطن ، حين يفهم الإنسان أن نفسه هي أعدى أعدائه ، وعندها يستطيع أن يقوم سلوكه .. وعندها يستطيع أن يرى أن الحياة في مرضاة الله تساوي الموت فيها .. وعندها لن يبالي ، وعندها سيكون حراً كريماً .
قبل أن تصيح الشعوب في المظاهرات ، وقبل أن تندد في الطرقات ، علينا أن نصيح على أنفسنا ، ها نحن نهزم أمام أنفسنا ، نعلم الحق من الباطل ، ثم نهزم أمام الباطل في بواطننا ، ومن يهزم في باطنه لا ينتصر في ظاهره ، والذي يهزم في باطنه يستحيل أن ينتصر في ظاهره ..
لا تظنوا طغيان أمريكا نصراً لها .. إنه خزي وعار وذل وخسة ، وقد سقطت من عيون العالم ..
إن الفرعون الدولي الجديد ساقط وسيسقط أمام شعبه ولا بد، لأنه لا يمثل الفضيلة ، ولايمثل الإنسانية ، إنه بعيد كل البعد عن القيم والأخلاق ، إنه ساقط وهو يمتطي طائراته ..
أما ذلك الشاب الذي يمسك في يده سلاحاَ خفيفاً فهو والله المنتصر .. وهو والله صاحب الكرامة والعزة ؛ لأنه يدفع العدوان عن أرضه ، ويدفع العدوان عن عرضه .
قد تحرر من كل شيء ، وتطلع إلى الجنة ، وتطلع إلى الغيب ، وارتقى فوق المادة ، ولم تعد نفسه تحكمه .
ألن يسري حالهم فينا يا شباب ؟
ألن تتغير بيوتاتنا .. جامعاتنا .. مؤسساتنا ؟
أم أننا ننتظر مشروع أمريكا الذي يريد أن يستأصل حتى (بسم الله الرحمن الرحيم) من كلامنا .
لمّا ذهب عمر ليتسلم مفاتيح بيت المقدس تلقاه أبو عبيدة ، وأراد أبو عبيدة أن يقبل يد عمر ، فنزل عمر على قدم أبي عبيدة يريد أن يقبلها ، فامتنع عند ذلك أبو عبيدة ، وامتنع عمر ، وأمسك بيده عمر وسارا إلى القدس ، فاعترضتهم في الطريق مخاضة فيها ماء ، فرفع عمر ثيابه ووجهاء القدس ينظرون إليه من بعيد .. أمسك عمر بثيابه ورفعها ، وقد تزين سادة القدس ، وبطاركتهم ، وهم ينظرون ، فقال أبو عبيدة يخاطب عمراً : قد صنعت اليوم صنيعاً عظيماً عند أهل الأرض ، وهي فعلة لن يستحسنها هؤلاء !
و عمر الذي أراد أن يقبل قدم أبي عبيدة قبل قليل ، ضرب صدر أبي عبيدة وقال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ، كنتم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس فأعزكم الله بالإسلام، نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله .
وفي محكمة إسرائيلية أصدر رئيس القضاة حكماً بالسجن المؤبد والأعمال الشاقة على ستة من الشباب ، وكانوا قد جوعوهم طويلاً ، ومنعوا عنهم الطعام والماء ، وبعد قراءة الحكم قال لهم: أليس لديكم طلب تطلبونه ، ولم يكن في قلبه شك من أنهم سيطلبون الطعام والماء ، لكنهم صاحوا جميعاً بصوت واحد :
خيبر خيبر يا يــــــــهود جيش محمد سوف يعود .
اللهم أعزنا بالإسلام ، وردنا إلى ديننا رداً جميلاً ، وأيقظ في قلوبنا حرارة الإيمان ، واجعلنا من القوم الذي يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، أقول هذا القول واستغفر الله .


أعلى الصفحة