الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Sermons المنبريات
 
طرق انحطاط النفس
Al Adiliyya Mosque, Aleppo جامع العادلية - حلب
9/9/2005
 
ملف نصي   كتاب إلكتروني   استماع ²
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا
بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد : 11]

تلك هي حقيقة نبّه إليها ربنا تبارك
وتعالى.

ولئن كنا تحدثنا فيما مضى عن طريق
ارتقاء النفس، فإنه من خلال كتاب الله تبارك وتعالى لا بد أن نتعرف إلى طريق انحطاطها
وانحدارها وهبوطها؛ لأننا إن كنا نزعم أننا حقيقة نريد التغيير دون أن نعرّج على
تغيير النفوس، ودون أن نعلم أن منطلق التغيير هو تغيير النفوس، فإننا نخادع أنفسنا
في التغيير، ونتوهم أننا نقدر على التغيير.

أولًا- إن النفس حينما تُترك سائبةً
من غير رعاية ومن غير عناية، ومن غير منهج تهذيب وتزكية، فإنها ستكون مصدر فوضوية
سلوكية، وستكون مصدر أمر بالسوء.

قال الله سبحانه وتعالى :

(إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ
بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ) [يوسف : 53]

ورحمة الله سبحانه وتعالى قريب من
المحسنين، قال تعالى:

(إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ
مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف : 56]

(إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ
بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ) أي إلا من تعهّدته الرحمة حينما اعتنى
بنفسه فأحسن ولم يسئ.

فإذا تُرِكَت النفس دون أن يوضع لها
منهج تزكية ورعاية وتوجيه، فستأمر بالسوء، وسنرى على أرض الواقع منكرات كثيرة،
وفساداً كبيراً وتحللاً في الأخلاق.

لماذا يتجه الغرب اليوم إلى التحلل
الأخلاقي؟.

لأنه وجّه نظَره إلى تطوير المادة
وحسب، وانعدمت أو كادت في البواطن لديه فكرةُ توجّه القلب إلى الله.

ولقد أقسم الله سبحانه وتعالى أحد
عشر قسماً، وما تجد في كتاب الله تبارك وتعالى كهذا التأكيد، أقسم أحد عشر قسماً
قبل أن يقول :

(قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا) .

وقد للتحقيق، وسُبِقَت بأحد عشر
قسماً يقسم الله سبحانه وتعالى به:

(وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ،
وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ، وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ، وَاللَّيْلِ إِذَا
يَغْشَاهَا ، وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا ، وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ،وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا )

ثم أتى بعد كل هذا بقوله سبحانه : (
قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ) [الشمس: 2-8]..

والأمثلة كثيرة من كتاب الله تبارك
وتعالى التي تؤكد هذه الحقيقة؛ حقيقةَ أمرِ النفس بالسوء لمن لم يعتنِ بها تزكية
وتهذيباً وتأديباً.

اقرؤوا في سورة المائدة قوله تعالى :


(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ
أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [المائدة : 30].

ومعنى قوله تعالى فطوعت له نفسه: أي
سهلت نفسه عليه الأمر وشجعته عليه.

(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ
أَخِيهِ فَقَتَلَهُ)سينتشر القتل في العالم، وسينتشر الدمار فيه ، وسينتشر التخريب
فيه طالما أن الذين يريدون إصلاح المجتمعات لا يعتنون بمنهج تغيير النفوس ورعايتها
وتأديبها وتهذيبها، ويظنون أنّ العناية بالنفس قضية فردية فتُنَظّم للمجتمع طرقه
المادية، ولا تُنَظَّّم له طرقه المعنوية، بل وتُغذّى النفوس بما يسمح لها بزيادة
الفوضوية.

واقرؤوا قوله تعالى في سورة النساء:

(وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ
فَمِن نَّفْسِكَ)[النساء : 79]

واقرؤوا قوله تعالى في سورة الحشر:

(وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ
فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[ 9] فبين بذلك أن النفس تأمر بالبخل والشح.

كان من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم من لا يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عن الشر حتى يجتنبه، حين كان
الناس يسألونه عن الخير، فلا يكفي أن نتعرف إلى طرق ارتقاء النفس بل لابد من معرفة
انحدارها وأسبابه وطرقه.

ثانيًا- فعل الإثم أو معصية الله
سبحانه وتعالى يزيد النفس ظلمانية فتنحدر أكثر وأكثر، وتزداد انحطاطاً و انحداراً
.

نفهم ذلك من قوله تعالى :

(وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا
يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ ) [النساء: 111] .

فالنفس في توجهها أصلًا تأمر بالسوء
إن هي تركت من غير تزكية، فإذا زاد الإنسان بفعل الإثم فستزداد انحداراً
وانحطاطاً.

وقال سبحانه وتعالى :

(وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ
بِمَا كَسَبَتْ) [الأنعام: 70] .

يعني ذكر الناس بالقرآن(أَن تُبْسَلَ
نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ) أي أن تهلك نفس بما كسبت من الآثام.

فالله سبحانه وتعالى أمر حبيبه
ومصطفاه سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم، وأمر كل الدعاة من بعده أن يُذَكّروا
الناس بالقرآن وبمضموناته، وبمواعظه، وبتخويف الله سبحانه وتعالى عباده فيه، وبترغيب
الله سبحانه وتعالى لأحبابه فيه.

(وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ
بِمَا كَسَبَتْ)لأن هذا التذكير حين ينعدم ويُفقد؛ فستهلك النفوس.

أيها الأحبة: لا يكفي أن نجعل منهجنا
نشر التلاوة, ولا يكفي أن نفتح فرصة لسماع التلاوة، لا..

(وَذَكِّرْ بِهِ) معناه: لا يقفُ عند
التلاوة, إنما ينفذُ إلى التدبر, حتى يُلامسَ معنى القرآن القلوبَ, وعندما يلامس معنى
القرآن القلوبَ فإنها ستتعظ, وستخشى.

(لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ
عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللهِ) [الحشر:
21]

فإذا عرَّضنا قلوبنا للقرآن؛ فإن
سلطان القلب على النفس, يمنعها من الهلاك.

ثالثًا- إن الإنسان إذا وصل إلى حالٍ
لا يجد فيه ثقلاً عند ارتكابه للإثم؛ فإن ذلك يعني أنه قد وصل إلى مرحلة سَفَه
النفس.

وذلك حينما تجده يتحرك بخفة إلى
معصية الله سبحانه وتعالى, دون أن يشعر بثقل الذنب, ودون أن يشعر بثقل ظلمانيته,
ودون أن يشعر باللوم والتأنيب, فلا تجده متردداً, وتجده خفيف النفس إلى المعصية,
يلتَذُّ بها.

وحين يظهر هذا الحال فإنه يعني أن
النفس قد وصلت إلى السّفَه.

والسّفَه معناه في اللغة: الخِفّة.

وهذا السَّفه يخرجه بعد ذلك عن الدِّين
خروجاً تاماً, وإذا خرج عن الدِّين لم تبق له مساحة في ساحة الإيمان.

واقرؤوا هذا المعنى في قوله تعالى:

(وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ
إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ) [البقرة: 130]

من الذي يرغب عن الدِّين؟

من الذي يزهد في دين الله؟

ومن الذي يزهد في توحيد الله؟

ومن الذي يزهد في معنى:

(وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا) ليتوجه بكليته إلى الله؟

من الذي يعرض هذا المعنى مُنشغلاً
بالأشياء؟

من الذي يُعرِض عن التوجه إلى الله؛
منشغلاً بالعلائق؟

إنه من سَفِه نفسه, أي من أصبحت نفسه
في السفه, الذي هو خفة انتقالها إلى مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى.

وما أسوأ ذلك حينما يمهِّد الإنسان
الطريق لنفسه, لتخرج خارج مساحة الدِّين, بعيداً عن مرضاة الله سبحانه وتعالى وقبوله.

أيها الإخوة الأحبة: المؤمن إذا أذنب
يشعر كأن جبلاً فوقه يريد أن يقع عليه.

إذا خالف شريعة الله سبحانه وتعالى؛
فإنه يشعر في باطنه أن جبلاً سيقع عليه.

أما المنافق الذي سفه نفسه, فلا يشعر
مع هذا الحال بأي ثقل فوقه, ويكون كالذي وقفت ذبابة على أنفه فأطارها.

إنه حال خطير؛ أن تقع في مخالفة أمر
الله ولا تشعر بثقله.

(وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ
إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ)

لهذا نرى اليوم كثير ممن زهدوا في الدِّين,
وإن حدَّثتهم عن الدِّين حدَّثوك عن المادة, فلا يحبون حديث الدِّين, ولا يحبون
طريق الدِّين, ولا يحبون مظهر الدِّين, مع أنه هدية الله سبحانه إلى الإنسان,
ليخرج من الظلمات إلى النور بإذن الله.

رابعًا- أن تصل نفسه والعياذ بالله،
إلى الاستكبار والعُتُو.

فإذا وصلت نفسه إلى العتو
والاستكبار؛ فإنها تُنكر الغيب, ولا تتعلق إلا بالمحسوس, ولا تثق إلا بالمحسوس.

واقرؤوا ذلك في قوله سبحانه:

(وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ
لِقَاءنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ
اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا) [الفرقان: 21]

فما أنكروا الغيب, وطلبوا أن يتحول إلى
محسوس؛ إلا حينما وقعوا في الاستكبار والعتو.

وفي قوله (لَقَدِ) :تحقيقان؛ لأن قد:
للتحقيق. واللام: للقسم.

(لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي
أَنفُسِهِمْ)

فيقسم الله سبحانه وتعالى، وتأتي
بعدها قد: للتحقيق, وللتأكيد، لبيِّن لنا أن سبب إنكار الغيب, والبعد عن حقائقه ؛
كان بسبب استكبار النفس وعتوها.

متى نفهم يا إخوتي أن ذل النفس إلى
الله طريق إليه؟

متى نحوِّل مفهوم (أَذِلَّةٍ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ) إلى واقع؟

واليوم حين يلتقي المسلم بالمسلم,
يلتقي بالاستكبار وبالعتو, وينظر من عَلٍ إلى أخيه..!

ألم يقل:

(فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى
الْكَافِرِينَ)[المائدة: 54]

أما حالنا اليوم, فإنه (أذلة على
الكافرين, أعزة على المؤمنين).

نختصم فيما بيننا, يتكبر بعضنا على
بعض, قد وقعنا في العتو والاستكبار, وكادت الرحمة من القلوب والذلة للمؤمنين والتواضع
أن يكون مفقوداً..

أين الذي يبحث عن تحقيق الذل
والانكسار لأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, في نفسه وقلبه؟

قد حصل الاجتراء, وكَثُر التكفير,
وأمعنت الأيدي في القتل, واستبيح دم المسلم وغيره, وانعدمت الرحمة العالمية من
القلوب, وكَثُر العتو..!

لقد قال واحد من أهل القَبول:

ذهبتُ إلى الأبواب, أبوابِ الطرق إلى
الله, فوجدتُ الناس قد ازدحموا عليها, إلا باباً واحداً, بابَ الذل والانكسار,
فدخلتُ منه, ووصلتُ والناسُ على الأبواب.

ما أكثر من يقف على أبواب الصلاة,
وما أكثرَ من يقف على أبواب الأذكار..

أما الذي يتحقق بمعنى الذل والانكسار
لأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, والذي من خلاله تَثبتُ حقيقة الذل لله فقليل.

نقول لبعضهم: لم لا تتواضع لأخيك؟ فيقول:
هو الذي بدأني, وهو الذي ظلمني, وهو الذي شتمني..

فنقول: ويحك, ألم تقرأ كتاب الله,
أين قوله تعالى:

(وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا
كِرَامًا) [الفرقان: 72]

أظهر عزتك على أرض المعركة حين تكون
أمام أعداء الله، أما أن تُظهر الاستكبار مع قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، فلا.

إن الحبيب المصطفى صلى الله عليه
وسلم كان يأمر قادة جيوشه إن هم سمعوا الأذان في مدينة أو قرية أن لا يدخلوها،
فكان مجرد سماع الأذان يمنع الجيوش من الدخول، فكيف نسينا ثوابتنا، وكيف نسينا حُرُماتنا.

خامسًا- أن النفس تصل إلى حال تخدع
فيه نفسها.

قال الله سبحانه وتعالى :

(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ
آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ، يُخَادِعُونَ
اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ)
[البقرة : 7-9]

يخدع نفسه وما يشعر أنه يخدعها.

لا يخرجنا عن هذا الخداع إلا
العبودية الصادقة لله سبحانه، فينبغي على الإنسان أن لا يتوهم له مزية، وينبغي عليه
أن لا يتوهم أنه بفعل كذا أو كذا صار له شأن، لا ..

(فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ
أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)[النجم : 32 ].

فخداع النفس لنفسها مع عدم الشعور
بذلك مصيبة كبيرة وانحدار وانحطاط.

الخلاصة:

لابد يا إخوتي أن نتحول من مملوكين
لأنفسنا إلى مالكين لها.

وهل تُملك النفس؟

نعم، والشاهد من كتاب الله على لسان
موسى عليه الصلاة والسلام:

(قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ
إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي) [المائدة : 25].

فكان هذا يعني أن له سلطانًا على
نفسه، وأن له سلطانًا على أخيه لأنه كان القائد الذي يأمر فيطاع.

كان في وقت من الأوقات يأمر قومه فلا
يطيعه إلا أخوه فقال:

( رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ
نَفْسِي وَأَخِي) فكان مالكاً لنفسه.

ولن يستطيع أحدٌ أن يكون في السلطنة،
والقيادة، والإمارة، بحقيقتها إلا إذا كان مالكًا لنفسه.

لابد من منهج التزكية، قال تعالى:

(وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ
رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ،فَإِنَّ
الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [النازعات :40-41].

إنه الطريق إلى الجنة، الطريق المحفوفة
بالمكاره.

(حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار
بالشهوات).

يا شباب، الشهوات كثيرة في الممر،
أما المقر فإنها جنة عرضها السموات والأرض، فإذا ترك الشهوة لله سبحانه وإذا ملك
نفسه ونهاها عن هواها من أجل الله سبحانه فإنه يكون قد ضمن المقر.

(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي
نَفْسَهُ) [البقرة : 207].

إنها عملية بيع وشراء .

(إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ) [التوبة :
111].

تَهَب كلك لله .

فالفتى من سلبته جملة لا
الذي تسلبه شيئًا فشي.

إما أن تهب نفسك بكليتها لله، وإما
أن تبقى للأغيار لأن الله تعالى لا يقبل في البيع الشركة.

إما أن يشتري نفسك وحده وإما أن يترك
نفسك للأغيار.

فلا يقبل الله سبحانه أن يشترى نفساً
فيها العلائق أبداً.

اللهم ردنا إليك واقبلنا عباداً لك
واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أقول هذا القول واستغفر الله
أعلى الصفحة