الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Sermons المنبريات
 
الجاهليتان القديمة و الحديثة
Al Adiliyya Mosque, Aleppo جامع العادلية - حلب
22/7/2005
 
ملف نصي   كتاب إلكتروني   استماع ²
الجاهليتان القديمة والحديثة
نعيش اليوم أيها الأخوة الأحبة عصر الجاهلية الثانية..
أما الجاهلية الأولى فقد كانت قبل بعثة سيدنا محمد صلى الله وعلى آله وصحبه وسلم.
وربما كان من اللازم فهم الجاهلية الأولى, ومعرفة مضموناتها, ليكون ذلك طريقاً يقرِّبُ لنا فهم الجاهلية الثانية.
وسنرى من خلال المقارنة أن المشترك كبير, وأن الزمان دورة. ونخلص بعدها إلى أن الخروج من الجاهلية الثانية لا يكون إلا بالاهتداء بالخروج الأول من الجاهلية الأولى.
قبل بعثة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ كان في العالم يومها دولتان قويتان مادياً:
الدولة الرومانية الشرقية البيزنطية, ودولة فارس.
من حولهما شرق غارق في الانعزالية والظلام, وغرب غارق في الانعزالية والظلام.
وفي الوسط- في الأرض التي بعث منها سيدنا محمد صلى الله وعلى آله وصحبه وسلم- كانت الجزيرة العربية.
أما واقع بيزنطة, الدولة الأولى القوية مادياً, فكان أن الدولة تثـقل كاهل الناس بكثرة الأتاوات والضرائب, وكان الظلم كبيراً, وكان هَمُ الإمبراطورية اكتساب المال من أي وجه.
كان الحكم يعتمد على القوة, ولا يوجد عطف منه على الشعب, ولا شعور بآلامه وأحاسيسه.
كانت سورية ومصر قبل بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تابعتين لبيزنطة, التي كانت عاصمتها القسطنطينية.
وكان الغليان بين الناس في مِساحة الإمبراطورية يظهر أثره في السلوك من خلال شكلين اثنين:
- الشكل الأول : الاضطرابات الثائرة, التي كانت الإمبراطورية تقابلها بالقمع الشديد, ويذكر التاريخ أن عام خمسمائة واثنين وثلاثين ميلادية قُتل في اضطراب واحد في مدينة القسطنطينية العاصمة ثلاثون ألف شخصاً.
ومن كثرة الظلم أصبح الناس الذين يسكنون في مساحة الإمبراطورية تلك يفضلون أي حكومة أجنبية على حكومتهم.
- أما الشكل الثاني فتجلى عند شريحة أخرى بمحاولة إشغال الباطن عن الواقع, فنشأت الأفكار المتصارعة والجدال العقيم الذي عُرف فيما بعد بالجدل البيزنطي, حتى أصبح مثلاً يُضرب للجدال الذي لا ثمرة له.
ولامتصاص نقمة الناس, كانت الإمبراطورية تحرص على إشغال الناس بإشاعة أنواع اللهو واللعب, والطرب, وأُسست الميادين الرياضية التي يتسع الواحد منها لثمانين ألف من الناس.
وكانوا إمعاناً في إشغال الناس عن الظلم الواقع عليهم يقسمون في الميادين الرياضية الناسَ إلى قسمين اثنين.
- القسم الأول يلبس اللون الأزرق, والقسم الثاني يلبس اللون الأخضر, ويكون التنافس مُشجَّعاً من قبل أصحاب اللونين.
هذا باختصار هو واقع الدولة الرومانية البيزنطية قبل مبعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فإذا انتقلنا إلى واقع دولة فارس, رأينا فيها أن الإمبراطور أو الملك كان الإنسان الأول الذي يُطالَب الناس بعِبادته.
وموارد البلاد كلها كانت ملكاً للملوك, وقد بالغوا في تجميع الثروة وادخارها واكتنازها.
وكان الشعب يعاني من البؤس والشقاء, وكانوا يجتهدون للحصول على ما يسد رمقهم, ويستر عورتهم، ومع هذا كانت تُفرض عليهم أثقال الضرائب, تماماً كما هو الواقع الحاصل في بيزنطة, لكن شعب الدولة الفارسية كان خانعاً.
هناك في بيزنطة كانت الاضطرابات الثائرة, وهنا كان الشعب خانعاً, يحاول نسيان ما هو فيه وتغطيته من خلال ظاهرتين:
- الظاهرة الأولى: الإمعان في اللامبالاة والفردية, فكل لا يشغله إلا شأن نفسه.
- والظاهرة الثانية: شيوع بيع الضمائر, فكان الإنسان يشتري قوت يومه من حكامه من خلال الافتراء والنميمة والبهتان والكذب, وكان الناس يفترون على الناس, ليحصلوا على المال والحُظوة عند حكامهم.
سلوك دولة فارس, كان يتأرجح بحسب تتابع الملوك بين مظهرين اثنين:
- المظهر الأول الاستغراق في المتع والمادة.
- والمظهر الثاني إظهار التدين المتطرف الذي يتمثل بإلزام الناس بعبادة النار, والترهب, والبعد عن الزواج بدعوى أنه الطريق الأسمى, وكانوا يُعذِّبون المعارضين لهذه الأفكار, ويقتلونه ويزيلونه من الوجود.
فإذا انتقلت إلى الشرق, تجد أن ألمع التجمعات الشرقية كانت في الهند, لكن الواقع فيها كان مريراً أيضاً, فالتفاوت الطبقي كان كبيراً بين طبقات الشعب, وانقسم الشعب إلى طبقات:
- طبقات ثرية جداً لها اعتبارها.
- وطبقات لا قيمة لها أبداً.
وسادت الفوضى الإدارية فكان مجتمعاً فوضوياً, يعاني من التمزق الشديد.
وانتشرت الخلاعة إلى درجة مزرية.
وكانت سمتها الانغلاق, وانعدام العلوم والآداب, والجهل بما يجري حولهم في العالم.
وإذا انتقلت غرباً إلى أوربة القديمة, وجدت الأمية والجهل, والبعد عن الحضارة, إلى درجة أنهم كانوا يبحثون: هل المرأة حيوان أم إنسان؟.
وكانت تطحنهم الحروب الدامية بين أعراقهم المختلفة.
كانت أجسامهم قذرة, ورؤوسهم مملوءة بالأوهام.
وكانوا منعزلين عن العالم, فلا شأن لهم بالعالم, وقد نسيهم العالم بسبب سوء واقعهم.
أما قلب العالم ووسطه, الذي كان الجزيرة العربية, فقد كان ينقسم أسلوب العيش فيه إلى نوعين اثنين:
النوع الأول : القبائل.
والنوع الثاني : الممالك.
والممالك العربية كانت ثلاثة: اليمن والعراق والشام.
أما واقع القبائل في الجزيرة العربية, فكان الغالب عليها عبادة الأوثان, والتعلق بالخرافات من خلال الكُهَّان والعرَّافين, وكانوا مولعين بالخمر والقمار, والزنى متفشٍّ بينهم, وكانت القبيلة تفخر بالغارة على القبيلة المجاورة, وكانوا يقطعون الطريق على القوافل, وكانوا يقتلون الأولاد خشية تعذر الإنفاق عليهم, وكان منتشراً بينهم وأد البنات..
أما واقع الممالك:
ملوك اليمن كان واقعهم واقع صراع بين اليهودية والمسيحية, وكانت اليهودية أقوى, فاستنجدت المسيحية بمسيحية إفريقيا, وكان ذلك سبباً لدخول الأحباش إلى اليمن باسم المسيحية, إلى أن فكروا باحتلال الجزيرة العربية, والقصة معروفة لديكم وموثقة في القرآن الكريم بما يعرف بحادثة الفيل.
ملوك الشام كانت تبعيتهم الثقافية والدينية والسياسية تبعية لبيزنطة, الدولة الرومانية.
وكان ملوك الحيرة في العراق أصحاب تبعية ثقافية ودينية وسياسية لدولة فارس.
هذه هي المناطق الخمسة: بيزنطة وفارس الهند وأوربا القديمة والجزيرة العربية بجاهليتها الأولى قبل بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا سرد فيه استقراء تاريخ, لكن دراية السرد, وفهم الرواية لا يكون إلا بالجمع بين العناصر كلها, والعنونة التي من خلالها ندرك مضمونات الجاهلية الأولى.
ومن العجيب أن تلك المضمونات تشكل مضمونات عالمنا اليوم.
1 - كان الملاحظ فيما قدَّمناه ظلم الحُكَّام المستبديِن, الذين كانوا يظلمون شعوبهم, وينهبون ثرواتهم, ويقمعون حركاتهم, كان ذلك ظاهراً في الإمبراطوريات؛ وظاهراً في الجزيرة العربية؛ من خلال ما كان سائداً لديهم من الإغارة على الجوار, وقطع الطريق على المسافر.
فهو الظلم..
ومن الذي يقول: إن العالم اليوم لا يعاني من الظلم..
ومن الذي يقول: إن العالم المُعاش في هذا اليوم ليس واقع ظلم..
2 - يُلاحظ بؤس الشعوب ومعاناتها: لاسيما من كثرة ما يُفرض عليها من الضرائب, حتى إن الإنسان ربما كان يبيع أولاده ليؤدي ما عليه من الديون والضرائب.
وهذا الواقع واقع البؤس والشقاء، فيمن لا يملكون من مقاليد الأمور شيئاً واقعٌ مُعاشٌ أيضاً، يعيشه العالم اليوم، ومظاهره كثيرة، وإن تباينت مظاهر البؤس بين الدول الغنية والفقيرة، لكن الشعوب كلها تعاني من الشقاء.
3 – من الملاحظ أن من بأيديهم مقاليد الأمور في الجاهلية الأولى ينتفعون بالموارد، موارد الأرض، وموارد الثروة المتعددة، وأن عامة الناس يحرمون من تلك الموارد فلا يوجد شيء اسمه المساواة والعدالة، وهذا هو واقع ملموس في هذه الأيام أيضاً.
4 - ظاهرة إشغال الحكام لشعوبهم التي تجلت إما بالأيدلوجيات كما حصل قديما في نموذج حُكام فارس الذين قتلوا المعارض لأفكارهم، فقتلوا من شعوبهم من كان يعارض الأفكار التي يدعون إليها،التي من خلالها تظهر المزدكية وغيرها في انحرافات لا تمثل التوازن البشري وكان الناس يقمعون قمعاً وتفرض عليهم الأيدلوجيات، ومن العجيب أنه نموذجٌ شرقي متكرر فهو هو النموذج التي عانت منه الشعوب الشرقية حينما فرضت عليها الشيوعية، حين كانت تفرض الأيدلوجيات ويقمع الناس ويحملون عليها حملًا.
إذاً إشغال الحكام لشعوبهم إما من خلال الأيدلوجيات، أو بإشاعة اللهو والميادين الرياضية كما رأينا في ميادين بيزنطة وغيرها وما كان يؤسس له لإشاعة ذلك الإشغال حتى ينسى الناس واقعهم ويتجهوا إلى سفاسف الأمور التي لا تشكل في الحقيقة والواقع المتوازن إلا هامشًا في الحياة لا أصلاً، وهو النموذج الغربي الأولمبي الذي يهتز العالم له ويتعلق الذين لا يوجد لهم انتماء واضح به تعلقاً شديداً.
5 - ظاهرة الجهل والبعد عن الحضارة والعلوم التي ظهرت في أوربة القديمة والهند القديمة.
وهي ظاهرة الجهل في الأمم الضعيفة التي لا تتألق فيها الحضارة، ولا يشرق فيها العلم ولا ترى أولوية البحث العلمي.
وهذه ظاهرة متكررة في كل الشعوب الضعيفة والأمم في واقعنا اليوم.
6 - الخلاعة المبذولة في الأمم الضعيفة والتي ظهرت من خلال النموذج الهندي القديم الذي أشرت إليه، وهو واقع يلتهم العلم اليوم.
7 - ظاهرة شراء الضمائر من الشعوب المقهورة باطناً وظاهراً وانتشار الوشاية ونقل الأخبار عند الضعفاء، والتي أشرت إليها في شعب فارس، وهي ظاهرة منتشرة في الدول الضعيفة الفقيرة التي يشترى فيها الناس وتشترى ضمائرهم.
8 - الانغلاق والانعزالية وعدم الاتصال بالعالم الخارجي في الأمم الجاهلة.
وكان ذلك متجلياً في الجاهلية الأولى في الهند وأوربة القديمة، وهو اليوم واقع الشعوب الفقيرة، من الانغلاق والانعزالية وعدم الاتصال بالعالم الخارجي، وعدم معرفة ما يكون في العالم الخارجي إلا من خلال ما يبث في الأعلام، وهو إعلام خادع كما يعرفه كل المتأملين والدارسين.
9 - في الجاهلية الأولى والثانية: الحروب والخلاف في البيئة المتخلفة.
وكان النموذج لهذا في الجاهلية الأولى أوربة القديمة.
وعندما اجتمعت بعقلاء أوربة في هذه الأيام قالوا نحن لم نؤلف ونُشكل الاتحاد الأوربي، ولم نسع لإيجاد دستوره إلا لنتخلص من الحروب التي طحنتنا في الماضي.
فكلما تخلف الإنسان مال إلى الاختلاف، وكلما اتسعت دائرة نضجه ومعرفته سعى للائتلاف، فالاختلاف شعار الضعفاء وهذا ما نعيشه اليوم بعد ما تجزَّأت الخلافة الإسلامية الواحدة، وعشنا تقطع المساحات الصغيرة التي على كل واحدة منها أمير للمؤمنين.
10- في الجاهليتين: التبعية الثقافية والسياسية عند انعدام لهوية الحضارية.وكان ظاهراً واضحاً في ملوك غسان وفي ملوك الحيرة، فالمملكة العربية في الشام وفي العراق كانتا تعلنان التبعية، وهذا هو واقع دولنا في العالم الإسلامي اليوم، مع أننا نملك أعظم انتماء، ونملك أعظم هوية... لكن هذا الانتماء لا يظهر في بواطننا ولا يتفاعل مع شعورنا فبحثنا عن التبعية، ولو أننا تفاعلنا مع هويتنا، وأدركنا قوة انتمائنا لما بحثنا عن تبعية.
11- التحلل الأخلاقي العام في الجاهليتين قديماً وحديثاً.
إذاً فنحن في الجاهلية الثانية التي زودت بالوسائل التي لم تكن في الجاهلية الأولى، المضمونات واحدة على المستوى الاجتماعي، لكن الفارق أن الجاهلية الثانية امتلكت الوسائل لتي لم تمتلكها الجاهلية الأولى؛ فأصبحت الجاهلية الثانية أقوى من الجاهلية الأولى.
المضمونات هي هي لكن الجاهلية الثانية معززة ومدعمة ومقوّاة بالوسائل الحديثة...
وكما قلت في مقدمة هذه الكلمة : لا نخرج من الجاهلية الثانية إلا إذا فهمنا كيف أَخرج محمد صلى الله عليه وسلم العالم من الجاهلية الأولى.
وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن يملك الوسائل لكنه كان يملك الحق والحق إذا وجد فإنه يدمغ الباطل، تلك حقيقة قررها الله.
إذا وجد الحق زهق الباطل.
لكن لابد من فهم مفردات ذلك الحق الكبرى التي بها أخرج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم العالم من الجاهلية الأولى.
جاء في الحديث الذي أخرجه الترمذي:
(إن الدين بدأ غريباً ويرجع غريباً فطوبى للغرباء الذي يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي).
إذاً لابد من عود على بدء.
وفي سن الترمذي أيضاً يقول صلى الله عليه وسلم:
(مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره)
وأخرج الطبراني حديثاً قريباً لكن بلفظ آخر، يقول فيه صلى الله عليه وسلم:
(مثل أمتي مثل المطر يجعل الله في أوله خيراً وفي آخره خيراً)
مفردات الإصلاح النبوي المحمدي للعالم يتلخص في أمور ينبغي لنا أن نعيَها لنحولها إلى آليات واضحة تطبيقية.
أولاً: العقيدة الواضحة.
فكان صلى الله عليه وسلم يتحرك بين الناس ويقول لهم:
(قولوا لا إله إلا الله تفلحوا).
واليوم نعيش عبودية للمال، وعبودية للجاه، وعبودية للمرأة، وعبودية للنفس، وعبودية للأهواء.. ونعيش عبودية للإنسان، فالإنسان يعبد الإنسان، والإنسان يعبد المصلحة..
فلا يمكن أبداً أن يخرج العالم من جاهليته الثانية إلا حينما يدخل إلى باطنه معنى لا إله إلا الله، ليفهم أن السيد الذي يدير الكون واحد هو الله، وليفهم أنه عبد في المنظومة الكبرى، خاضع لله الواحد ليكون بينه وبين السيد الأعظم الأوحد صلة محبة.(يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) المائدة: 54.
ثانيًا- التجمع المعافى:
الذي بدأه رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم؛ فكان كالجنين الذي يكبر شيئاً فشيئاً.
وهو التجمع المعافى في عقيدته، والمعافى في سلوكه، والمعافى في أخلاقه..
ودار الأرقم كان فيها من الرجال والنساء أربعون.
أربعون كانوا نواة لإصلاح العالم يا إخوتي.
إنه تميز النوع فلم يكن المبدأ مبدأ كمّ لكنه كان مبدأ نوع، فنما هذا التجمع، وإذا لم يكن التجمع معافى سيولد الجنين مشوهاً، فلابد من التجمع المعافى ظاهراً وباطناً في عقيدته، في سلوكه، في أخلاقه.
ثالثًا - كان صلى الله عليه وسلم ينظر نظراً بعيداً فلم يكن صاحب انفعال وقتي.
وهذه هي إشكالية من يحمل الدعوة الإسلامية في هذه الأيام( الانفعال الوقتي) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى أمامه الأصنام تعبد، ويرى أمامه أصحابه يعذبون.. وهو ثابتٌ لا يغير سلوكه، فلم تظهر ردة الفعل الانفعالية التي يعاني منها اليوم شبابنا في عالمنا الإسلامي.
كان ثابتاً واضحاً صاحب منهج، ينظر نظراً بعيداً.
يقول خباب بن الأرت رضي الله عنه شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا : ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا فقال صلى الله عليه وسلم:
(قد كان مِن قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار ثم يوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه، والله – انظروا كيف ينظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المستقبل ويتحدث عن الموعود يقول: (والله ليتممن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون).
رابعًا - بَحَث النبي صلى الله عليه وسلم عن النصرة لذلك التجمع المعافى.
كان ذلك التجمع المعافى يمثل الهجرة؛ فأينما انتقل هذا المولود سيعيش لكنه يحتاج إلى النصرة، فبحث عن النصرة، لتتكامل الهجرة مع النصرة.
وكان ذلك حينما بايعه الأنصار وبذلوا أموالهم بين يديه، وبذلوا نفوسهم، ونصروه ونصروا أصحابه.
حامسًا- التعبير عن المنهج لم يكن بالدعاوي والأقوال لكنه كان بالسلوك والأفعال.
فأمتنا لن تَخرج ولم تُخرج أحداً من الجاهلية الثانية بشعاراتٍ ودعاوي إنما بسلوكٍ وتحقق.
اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلاً واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أقول هذا القول وأستغفر الله.
أعلى الصفحة