الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Sermons المنبريات
 
إلى كفالة طفل يتعلم
Al Adiliyya Mosque, Aleppo جامع العادلية - حلب
23/12/2005
 
ملف نصي   كتاب إلكتروني   استماع ²
بعد أن تحدثنا في الأسبوع الماضي عن الأسلوب وضرورة الحوار، نتحدث اليوم عن جانب آخر نحتاج إليه في ترتيب البيت من الداخل.
هذا الجانب مندرج تحت عنوان العناية بالإنسان؛ فالإنسان هو أصل كل نهضة، وهو منطلق كل حضارة، ومهما تحدث الآخرون عن تنمية في المادة، أو ارتقاء في الاقتصاد، فإنها روافد ومدعمات، أما الأصل فإنه العناية بالإنسان.
ومن أعظم أنواع العناية بالإنسان العناية بتعليمه، فالنهضة لا تبدأ بكلام، ولا ترتكز على مجرد تنظير، لكنها تبدأ بخطوة عملية ولو كانت خطوة واحدة.
وحينما نتحدث عن التعليم ينبغي أن لا نتحدث في مبتدأ الأمر عن الجامعات، إذ الجامعات مكمِّل، والمنطلق في التعليم هو مايسمى بالتعليم الأساسي أي أن المنطلق هو من المدرسة، وقد تأكد بما لا يقبل الشك من خلال إحصاءات ودراسات كثيرة في بلادنا، أن التعليم العام في المدرسة لم ينتج شيئًا، فهو يوما بعد يوم يسير إلى الوراء، ينتج عددًا وكمًا كبيرًا ، لكن من غير نوع، فلا يُحصل أي ارتقاء حقيقي في التعليم من خلال المدرسة التي يشرف عليها القطاع العام.
إذًا مع هذا الواقع لا نستطيع أن نتحدث عن نهضة، لا سيما وأن كل الدراسات الاقتصادية في بلادنا تقول: لا يمكن لنا بسرعة أن ندخل تطويرًا نوعيًا على مدارسنا، لأن المستوى الاقتصادي، وإن كان متناميا لكنه يتنامى بالتدريج، إذًا سنكون حالمين حينما نتحدث عن ارتقاء نوعي في مدارسنا العامة.
وإذا تحدثنا عن مدارسنا الخاصة، وقد فتحت الدولة أبواب التعليم الخاص، فسندخل في أمر آخر هو الطبقية العلمية، فالغني يستطيع أن يدخل ولده في المدرسة الخاصة، ويستطيع أصحاب الأموال إنجاز مشروع ما لتعليم خاص، لكنه سيقتصر على أبناء الأغنياء، وهو أمر لا يتناسب مع النهضة، ولا مع بناء الحضارة، لأن الحضارة لا تقوم على أبناء الأغنياء وحسب، إنما هي حضارة ينطلق فيها الأذكياء دون أن يُنظر إلى غناهم أو فقرهم.
إذًا فما هو الحل؟.
أما وأنّا قد تعودنا أن نتدارس في بيت الله موضوعًا قابلًا للتطبيق، حتى لا نبقى في حدود التنظير الفكري المجرد، فأقول:
أولًا: إن كنا كمجتمع جادّين في إرادة النهضة، وفي إرادة التغيير لابد لنا أن نرفع شعار كفالة طفل يتعلم، فإذا بحث الأغنياء عن مشروع خيّر لن يجدوا مشروعًا خيرًا كمشروع بناء الإنسان الذي يفوق أي مشروع ، والذي يرتقي فوق كل مشروع.
وذلك حين يبحثون عن طفل ذكي فيه الاستعداد ليكون في المستقبل معطاءًا، ثم يتعاونون على كفالته، في تعليم خاص لايقوم على أساس ربحي، كما هو الحال اليوم في أكثر المشروعات التي تتحرك إلى التعليم الخاص.
مشروع كفالة طفل يتعلم هو أفضل من مشروع كفالة طفل يتيم، لأن الطفل اليتيم هو في حكم الحي ، أما الطفل الجاهل فهو في حكم الميت.
وينسب إلى سيدنا علي رضي الله تعالى قوله:
فقم بعلم ولا تطلب به بدلًا فالناس موتى وأهل العلم أحياء
فالحياة هي بالعلم، وبوجود العلم تُحيي نفسًا، وحينما تترك الناس في الجهل، تتركهم في الموت.
بنينا مساجد كثيرة، حتى صار بين الجامع والجامع جامع آخر، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يبنِ إلا مسجدًا واحدًا، وأصبحت لدينا فكرة متأصلة أننا إذا اردنا فعل عمل خيِّر نبني جامعًا، وامتلأت مدن المسلمين بالجوامع لكن من غير أن نجتمع، فالجامع ينبغي أن يكون جامعًا للقلوب، وجامعًا لليد مع اليد، وجامعًا للمال مع المال، وجامعًا للعقل مع العقل، وجامعًا للهمة مع الهمَّة.
أنفرح حينما تعمَّر الأحجار، أم نفرح حينما يبنى الإنسان في الجامع، ويدخل إلى الجامع معمَّرٌ بالعلم!!
إذًا حينما يتبنّى الرجل الغني أو الرجلان أو الثلاثة، كفالة طفل يتعلم، ونشيع هذا الأمر، ولا يكون ذلك إلا في مدرسة تمتلك مقومات النجاح، فما كل مدرسة خاصة تمتلك مقومات النجاح، وما كل من قال أريد أن أبني مدرسة خاصة يفهم ما هي المدرسة التي داخلها توجد مضمونات النجاح والارتقاء.
وحين أتحدث معكم، أستطيع أن أتحدث عن مشروع عام لعلمي أن الذين يسمعون يتجاوزون حدود المسجد ومن فيه، ويصل هذا الحديث إلى الشرق والغرب، ويسمعه كثير من أبنائنا في عالمنا الإسلامي.
ثانيًا: نؤكد أن لا يكون هدف المدرسة ربحيًا بل نهضويًا، فيمكن أن يكون بناء المدرسة من قبل شركة مساهمة تريد فعل الخير، ولا مانع أن يرد إليها ربحٌ يسير، لكنها لا تنشئ المدرسة من أجل الربح، تعتمد على الأموال القليلة، أو يكون البناء من قبل جمعية تجتمع لتكون داعمًا للمدرسة.
ثالثًا: أن يُختار للمدرسة المعلمون والمدرسون بعناية شديدة، بحيث يكون في قلوبهم قصد أداء رسالة تربوية، ليكونوا القدوة في الأخلاق، والمعرفة، والهمة، والأدب... فلا يكفي أن يُختار الأستاذ المتعلم الحائز على الشهادات، بل لا بد أن يختار الأستاذ الذي يجمع بين المعرفة والخُلق والأدب والهمة وقصد الرسالة التي تريد النهضة.
وبعد هذا فإن تقاضي المعلمين الذين يُختارون بعناية أجرًا يَضمن لهم عيشًا كريمًا لا يتنافى مع مقاصدنا، لكن لا يراد أن يكون هذا التدريس وسيلة ثراء لهم.
رابعًا: أن يكون دور المدرسة التربوي مؤديًا لثلاثة أرباع التربية، وأن يبقى للأسرة الربع فقط، لا كما هو الحال في الماضي، فالأسرة في الماضي كانت تقدر على تقديم ثلاثة أرباع، وكان المعلم يقدم الربع من التربية، لكنَّ مشاغل الأسر وانشغال الآباء والأمهات يجعل من رسالة هذه المدرسة رئيسة بحيث تؤدي على الأقل ثلاثة أرباع مشروع التربية للطفل و الطالب والتلميذ.
قال العرب في الماضي:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوَّده أبوه
لكنني قلتُ نحتاج إلى تعديل هذا البيت بما يتناسب مع واقعنا الحاضر لنقول:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما بثَّ فيه معلموه
فهذا يتناسب اليوم معنا أكثر، وقليل من الآباء من يستطيع أن يشارك في التربية، وقليل من الأمهات من تدرك مع الأسف مفهومات التربية.
والسؤال الآن ما هي مقومات النجاح في هذه المدرسة؟
ينبغي أن يكون هذا المشروع قائمًا على التعاون، وقد زرت في بلاد غربية متطورة مدارس خاصة كان يوضع على باب الصف أو إلى جانبه (هذا الصف تبرع به فلان أو ساهم في إعداده فلان)، (مختبر يساهم في إعداده فلان وفلان وفلان).
لماذا لا ندرك أننا إذا تعاونّا نستطيع أن نفعل كثيرًا؟
لماذا لا ندرك أن إنشاء مختبر هو صدقة جارية يفوق في أجره في هذا الوقت الذي يعاني فيه شعبنا من الجهل بناء مائة ألف مسجد؟
متى سندرك مفهوم الصدقة الجارية الموصولة بالإنسان؟.
فإذا قام بأجزاء العمل أفراد يتعاونون يريد بعضهم أن يدخل مساهمًا، ويريد بعضهم الآخر أن يدخل متبرعًا، ويريد بعضهم أن يجعل لنفسه صدقة جارية، ليكون المشروع مشروع شعب، أو مشروع مدينة، أو مشروع تجمع فاضل، عندها نحقق النجاح.
وكيف يكون تنظيم المدرسة التي فيها مقومات النجاح؟.
باختصار، أشير إلى العناوين الكبرى:
أولًا: ينبغي أن يكون بناء المدرسة محققا للشروط الصحية التي يحتاج التلامذة والطلبة إليها من الهواء وضياء الشمس، وربما يستلزم أن يكون هذا البناء خارج المدينة.
ثانيًا: تقوم الوسائل الخاصة المتخصصة التي تناسب عمر الطفولة بنقل التلاميذ، ليكون توصيلهم إلى بيوتهم بالهدوء والروية ، لا من خلال الجنون فيما يُسمى بعالم السرعة، فهناك في العالم ضوابط لسرعة المركبة التي تحمل الأطفال، فهي تمشي كالعروس، لأنها تحمل أكبادنا.
متى نستطيع أن نحول هذه المعاني إلى واقع؟.
عندما نتعاون.
لا نريد مدرسة يقوم بإنشائها الثري الفلاني، فلربما وجدنا ذلك الثري ولربما لم نجده، ولربما وجدناه فأصبح حاكمًا علينا بأفكاره الفاشلة، ولربما وجدنا ثريًا يستطيع أن يفهم مقومات النجاح...
أما حينما نتعاون فتعاوننا ينجز مشروعًا عامًا، ونستطيع من خلاله أن نحدد مقومات النجاح وأن نؤسسها وأن نطبقها.
وقد رأيت في المجتمعات المتطورة مشرفًا تنظيميًا يخرج مع كل حافلة تنقل الطلبة أو التلاميذ من الأطفال، يلبس اللباس المفسفر، ويملك من الصلاحيات أن يوقف السير ليعبر الطريق طفل إلى مـنـزله، يمسك بيده شارة رسمية تقول لجميع وسائل النقل قفوا.
أهم بشر ونحن لسنا ببشر؟ لا والله.
فنحن نملك مقوم الحضارة الإنساني لكننا نحتاج إلى تنظيم، نعاني من الفوضى، ونعاني من الشتات ولا تعاون بيننا.
مشرف تنظيمي يلبس اللباس المفسفر الذي يضيء في النهار وفي الليل، حتى يعبر طفل من مكان إلى مكان، ويمسك بيده شارة يوقف السير من أجل طفل، إنها قيمة الإنسان التي نستمدها من قوله تعالى :
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)[الإسراء :70].
ونستمدها من قوله تعالى :
(الرَّحْمَنُ ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ ، خَلَقَ الْإِنسَانَ)[الرحمن: 1-3]
هذه هي حضارتنا، ومن خلال التعاون نستطيع أن ننجز مثل هذا.
حتى المنبه الصوتي في المدرسة لا يكون بالجرس الذي ترتعد الفرائص منه, بل بالمنبهات الصوتية المتطورة التي تُحفِّز هِمَّة الطفل, وتدعوه إلى الحيوية, وتدغدغ أعماق مشاعره..
وكيف يكون أسلوب التربية والتعليم ؟.
بوجود المعلم القدوة, الذي يكون طفلًا مع الأطفال, يلاعبهم, ويضاحكهم, ويؤانسهم.. حتى تصبح المدرسة حُلُمًا يحلم الطفل به, وتتحول من صورة السجن الذي يكون فيه الجلادون, إلى صورة الروضة التي تزدان بكل جمال..
روى الحاكم في مستدركه عن أنس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الصبيان.
هل نـزل عليه وهو في محرابه؟. هل نـزل عليه وهو يقرأ القرآن؟ هل نـزل عليه وهو يركع ويسجد..؟.
إنه نزل عليه وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يلعب مع الصبيان.
وروى الضياء بسند صحيح عن أنس, قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلاعب زينب بنت أم سلمة, ويقول: (يا زوينب.. يا زوينب..) يغني لها, يقول لها: (يا زوينب.. يا زوينب..).
وكتب عمر بن الخطاب إلى أهل الشام: أن علموا أولادكم السباحة والفروسية.
فلابد أن يكون المعلم حاملًا لهذه المعاني لا جلادًا.
ولابد أن تكون في المدرسة ساحات تخصصية فيها أنواع الرياضات, وهذا هو من صميم ما تُقدمه حضارتنا إلينا.
وقد رأيت في المدارس المتطورة المسبح المخصص للأطفال, الذي يُدربون فيه على السباحة, لأنه لابد من تنمية بدنه.
ولا بد من أن توجد قاعات للمعلوماتية, حتى لا تكون المعرفة منحصرة في الكتاب الذي يمسك الطفل به.
وأن توجد فرص للأناشيد المحببة للأطفال, التي من خلالها تزداد الحيوية.
وينبغي أن تكون أكثر الواجبات والوظائف مما ينجز في المدرسة, أما خارج المدرسة فتكون الواجبات تطبيقات عملية, لا كتابة ولا حفظا, فيتدرب على ما تعلمه.
أما الواجب النظري فقد انتهى في المدرسة.
وأن يوجد المتخصصون من المشرفين التربويين النفسيين, الذين يكونون كالأصدقاء للأطفال, يحلُّون مشكلاتهم, لأن الطفل يبحث عن صديق له ليحل معضلته ومشكلته, وإن لم يوجد هذا العنصر؛ سيبقى الأطفال في عقدهم.
وأن لا يستعمل في حال من الأحوال أي نوع من أنواع الترهيب النفسي أو الجسدي؛ بل يُحذر الطالب الذي لا يتناسب مع المدرسة بسلوكياته مرة ومرتين وثلاثة ثم يُفصل, أما الترهيب النفسي أو الجسدي فلا..
وأن يقوم المشرفون مع الأطفال من التلاميذ والطلبة بزيارات ميدانية للمجتمع, يدخلون فيه المكتبات, ويدخلون فيه المصانع, ويدخلون فيه فعاليات المجتمع المختلفة لترتبط الفكرة التي قرؤوا عنها بالتطبيق.
أما النظام الواحد في اللباس فيبدأ به المعلمون قبل الطلبة؛ حتى لا يرى الطفل أن الأستاذ القدوة فوضويٌ في لباسه وهندامه, فلماذا يُفرض عليه اللباس الموحد وأستاذه لا يلبس لباسًا موحدًا.. عندها سيفكر أن الخروج من الانتظام إلى الفوضوية هو الحُلُم, وحين يكبر سيتخلص من هذا القيد الذي هو لباسه الموحد.
فكل أستاذ ينبغي أن يلبس الصدّارة البيضاء, وإذا نظرت إلى كل المعلمين في المدرسة؛ تجدهم في الانتظام القدوة, لا في مجرد الكلام والتنظير.
وأن لا يُستخدم في التعليم إلا الأسلوب الماتع الجاذب للطفل, وأن تُستخدم فيه كل وسائل الإيضاح.
وكيف يكون حال الطلبة في المدرسة؟
ينبغي أن يكون عدد الطلبة في شعبة الصف لا يتجاوز في الحد الأقصى عشرين طالبًا.
وأنا أقدم لكم هذا من خلال أعلى الدراسات, وأعلى التطبيقات.
ولكل تلميذ أو طالب خصوصيته, فهو يملك خزانة خاصة به, يضع فيها ما يحتاج إليه, والمفتاح في جيبه, ولدى المدرسة نسخة أخرى منه.
واللباس الموحد الذي يلبسه الأطفال يتناسب مع طموحاتهم, وتطلعاتهم, فلا يكون لباسًا مُنفرًا.
وفي كل مدارس العالم المتطور تُقدَّم للطالب وجبة وقت الظهيرة,
وأن يُحترم رأي الطفل, وتُعتبر شخصيته.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن طفلًا, فقد أخرج البخاري ومسلم:
( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بشراب,فشرب منه, وعن يمينه غلام..- طفل-.. وعن يساره الأشياخ..-أشياخ الأصحاب- ..فقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطب الطفل: (أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟)
أي هل تأذن لي أن أعطيهم قبلك؟
فقال الغلام: لا والله يا رسول الله, لا أؤثر بصيبي منك أحدًا.
أي هذا سؤرك يا رسول الله, ولا أريد أن أعطيه أحدًا, ولا أؤثر بنصيبي منك أحدًا.
فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده. يعني
وضع هذا الشراب في يد هذا الطفل لأنه حقه, الذي لا يتنازل عنه, وكان ذلك الغلام الفضل بن العباس رضي الله عنهما.
وأن يُدرب الطفل على المبادرة, ويُعلم الجرأة حتى تكون له شخصيته.
فقد دخل الحسين بن الفضل وهو صبي صغير على بعض الخلفاء وعنده كثير من أهل العلم, فأحب هذا الغلام أن يتكلم,والعلماء جالسون, فزجره هذا الخليفة وقال: أصبي يتكلم في هذا المقام؟
فقال: إن كنت صغيرًا فلست أصغر من هدهد سليمان, ولا أنت أكبر من سليمان حين قال الهدهد له: (أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ) [النمل: 22]
أين الطفل النموذج هذا, الذي لا يُعلم على الجبن, ولا يُدرب تحت سياط القمع..؟
وآخر أمر أقدمه في مقومات نجاح المدرسة:
المناهج المتطورة.
التي ينبغي أولًا أن تحقق المواكبة للتطور في العالم.
ثانيًا ينبغي أن تتناسب مع ثوابت ثقافتنا وحضارتنا, فلا نكون كالببغاوات نحضر ما يُدرس في مدرسة فرنسية أو بريطانية أو أمريكية دون أن نلاحظ ما فيها.. لا..فلابد من أن نُصفيِّها ونُضيف إليها؛ حتى تتناسب مع ثقافتنا وحضارتنا.
الأمر الثالث والأخير: فهو أن تعتمد المناهج منهج التحفيز للتفكير, وأن تُنبِّه العقل, لا أن تكون على طريقة التحفيظ الفاشلة, التي يُحشى فيها ذهن الطفل بالمعلومات, دون أن يفهم شيئًا, ودون أن يقدر على محاكمة أمر ما, ودون أن يُحوِّل الفكرة إلى تطبيق عملي.
هذه عناوين كبرى, أردت من خلالها يا أمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ أن أضع بعض خطوط تحت المشروع:
(إلى كفالة طفل يتعلم)
ففي مثل هذه المدرسة يستطيع الغني أن يُدخل ولده الذكي, ويستطيع الطفل الفقير الذكي ذو الاستعداد المتميز دخولها حين يأتي رجل أو رجلان من الأغنياء لتطبيق مشروع كفالة طفل يتعلم.
وعندها يُبنى الإنسان, وعندها نستطيع أن نبحث عن جامعة تتناسب مع هذه المدرسة التي تخرَّج منها هذا الغلام أو الشاب.
إنه موضوع عملي قابل للتطبيق أيها الأخوة.
فلعل الله سبحانه وتعالى يجعل منكم رسائل إلى المجتمع, لتتحول هذه الأفكار إلى حالة سلوكية عملية.
وعندها لا نقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العلم فريضة) ونحن لا ندرك كيف تُطبق هذه الفريضة.
(العلم فريضة) لكننا مع الأسف لا نعرف كيف نُطبِّق هذه الفريضة في مجتمعنا.
اللهم رُدَّنا إلى دينك ردًا جميلًا
واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
أقول هذا القول واستغفر الله.


أعلى الصفحة