الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Articles المقالات
 
إلى متى نُعامل كالبُله والسذّجِ والمغفلين؟
في الدعوة
 
ملف نصي   كتاب إلكتروني  
من المؤكد أن التسامح حقيقة متوهجة بالحيوية في ديننا، ومن المؤكد أننا لا نحمل في قلوبنا البغضاء للعالم، ومن المؤكد أن ديننا يأمرنا بالإحسان إلى من يخالفنا في الاتجاه أو المعتقد إذا لم يكن محاربًا لنا ومقاتلا.
ومن المؤكد أن رسولنا محمدًا صلى الله عليه وسلم هو رحمة للعالمين، وأننا بانتمائنا إليه نصبح رحمة للعالمين.
لكنَّ الآخرين يريدون استثمار ما فينا من هذا التسامح لابتلاع هويتنا.
وتُستخدمُ أدواتُ كثيرة لتقولَ لنا صباح مساء: عليكم بالتسامح فالإسلام تسامح، ولا نسمع من منصفٍ أن الإسلام أيضا هو دين حياة، و أن الإسلام هو دين مجتمع، وأن الإسلام هو دين دولة، وأن الإسلام هو دين اقتصاد، وأن الإسلام هو دين عدالة.
ونعامل كالأطفال أو السذّج الذين لا يبصرون بعقولهم ما يدور من حولهم.
وفي العلن والخفاء يمارس الإقصاء التام لنا، والتغييب لنا عن أي ممارسة فاعلة، أوفعلِ شيء ينفع مجتمعاتنا أو يقلل من تخريب المفسدين.
ويقال للمسلمين: "كونوا ديمقراطيين وإلا فالتخلف هو وصفكم" وعندما يصل المنضبطون بالإسلام، بصناديق الاقتراع والانتخاب إلى نيل الأغلبية البرلمانية، يقال لهم إننا لا نحترمكم ولا نتعاون معكم لأنكم إرهابيون.
وبدورنا نقول لهم كدنا أن نجزم أنها أكاذيبكم المختلقة، التي تصنعونها، لأن مرادكم على ما يبدو في النتيجة هو إزالة هوية الإسلام.فلا ذمة لكم، ولا عهد ولا ميثاق.
وقد توهمتم أنكم باستصغارِ عقولنا، واحتقار اعتبارنا، وتهميش وجودنا، تستطيعون الالتفاف على قضايانا.
ويقولون تعالوا نجلس على طاولة التسامح.
وقال الله سبحانه وتعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا)
فهم يريدون أن نكون دائمًا في حالة من القعود والكسل والسذاجة..
( وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ)
يريدون مشقتنا
( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ، هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)[آل عمران118-1120]
وقال القرآن:
(وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ) [البقرة : 217]
فمع أننا لا نقاتلهم ، ولا ندعو إلى العنف، يقاتلوننا ليل نهار.
(وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا) [البروج : 8] فهذه هي مشكلتنا عندهم
وقال الله سبحانه وتعالى:
(وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم)[البقرة : 109]
وقال الله تعالى وهو أصدق الصادقين:
(مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ) [البقرة : 105].
يجتمعون كلهم على منع وصول أي خيرٍ إلينا.
وقال الله تعالى:
(هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ)
ما الذي فعلناه معكم ؟
ليس لدينا قوة سياسية، ولا قوة عسكرية.
لا نملك إلا ثقافتنا، وأخلاقنا ، ومبادئنا، فلماذا كل هذه الحرب علينا؟.
وقال الله سبحانه:
(وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا)
مجاملة وإظهارًا كاذبًا للمودة.
( وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ)
قالوا لقرنائهم إياكم أن تحسبوا أننا معهم في أي طريق.
( وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)
وقال الله تعالى يعلمنا الأسلوب الأمثل معهم:
(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ)
لأن لدينا منهجًا، ونحن نتحدث بهويتينا في كل شيء.
فاسألونا عن الإسلام في الزراعة نجبكم، و اسألونا عن الإسلام في الصناعة نجبكم، واسألونا عن الإسلام في معاني الطفولة نجبكم، واسألونا عن الإسلام وتكريم المرأة نجبكم، واسألونا عن الإسلام والأسرة نجبكم، واسألونا عن الإسلام والعلم نجبكم، واسألونا عن الإسلام والمختبر نجبكم، واسألونا عن الإسلام والتعليم نجبكم، واسألونا عن الإسلام والشيخوخة نجبكم، واسألونا عن الإسلام والسياسة نجبكم، واسألونا عن الإسلام وأسلحة الدمار الشامل نجبكم، واسألونا عن الإسلام والديمقراطية نجبكم، لأننا نمتلك ثقافة وحضارة وهوية شاملة كبيرة.
(لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ)
فلدينا منهج، ولديكم منهج آخر.
ديننا يقودنا إلى العدالة، والذي تحملونه من الفكر يقودكم الآن إلى الظلم، وقد رأينا ما فعلتموه في العراق ، وما تفعلونه مع القضية الفلسطينية.
وما نتيجة المنتديات العالمية في دافوس وغيرها إلا ظلم الأقوياء وموت الضعفاء....
فما تحملونه إذًا لا يقودكم إلى العدالة، وما نحمله يقود إلى العدالة، لذلك لا يمكن أن نتخلى عن طريق يسوقنا إلى العدالة والرحمة، والإحسان، والبر، إلى طريق لا يسوق إلا إلى الظلم والجور والقسوة والعدوان.
( لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ) لأن الذي استحلى الظلم والمنفعة الشخصية، واستحلى أن يصل من خلال الطريق الملتوي إلى المكاسب، لن يقبل منهجًا فيه الإيثار، والمحبة ، والأخلاق.
لن تقبلوا منهج الحق الرباني ما لم تنسلخوا عن نفوسكم إلى العبودية لله.
أنتم تعبدونَ شهواتكم، ونزواتكم ، ومقاصدَ نفوسكم ، ونحن لا نعبد إلا الله، والفرق كبير بين من يعبد نفسه وبين من يعبد الله، لأن الذي يعبد نفسه لا يرضى بميزان العدالة، ولن يقبل منهج الله تعالى، ونفسه هي الحاكم عنده على كل شيء.
إنه إذا خرج عن عبادة نفسه قد تسقط مكاسبه المجموعة من الاعوجاج، لهذا سيبقى يرفض الصراط القويم.
وقديما لخص علماء التربية القضية فقالوا: " خل نفسك وتعال".
فحين لا تكون عابدًا لنفسك ستتوجه بعفوية إلى عبادة الله، فإما أن تعبد نفسك، وإما أن تعبد الله.
( وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ) وهو التأكيد والترسيخ للمعنى، والبراءة من عبادة النفس.
(وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ) لأنكم لا تقدرون على ذلك مع وقوفكم مع نفوسكم. (لَكُمْ دِينُكُمْ ) الذي هو عبادة الهوى .(وَلِيَ دِينِ) الذي هو عبادة الله.

وبعد هذا ألتفت إلى أمتي المسكينة الغارقة في الحيرة، وشبابنا الذي يكاد أن ينفجر من كثرة طاقاته التي لا توظف إلا في الانفعال فأقول:
يا إخوتي إن الإسلام هو منقذ العالم، وبطل المدنية والإنسانية ، فادخلوا إلى أعماق معانيه وافهموه، فقد آن لكم أن تخرجوا عن السطحية والطقوسية المفرغة.

أولا- علينا أن نتبنى ما نعتقده، وأن يطابق علمنا عملنا، فلن ننجح من غير تفاعل جادٍّ مع حقائق الإسلام والإيمان.
ثانيا- أما آن الوقت الذي يكون فيه لدينا طموحٌ، وقد أراد الله تعالى لنا رتبة السيادة في الكون، وجعل لنا منـزلة الخليفة فيه؟
هل سنبقى كالخراف نأكل في الصباح وننام في المساء، ونسعى في النهار إلى لقمة العيش كما يقولون، ويسير أمامنا الخروف المرياع!؟
ثالثا- إننا بحاجة إلى الترابط والتماسك فقد أضاعنا الشتات.
كسروا يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم أسوار الأحزاب والجماعات، واستظلوا بجماعاتكم وأحزابكم تحت مظلة الإسلام الكبيرة التي ينير جميعَ ما فيها كتابُ الله وسنةُ رسوله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وفهومُ أئمة الدين وعلمائه ومجتهديه.
وانشروا تحت هذه المظلة العظيمة نسيماتِ المحبة والإخاء، وطيبَ الإحسان والأخلاق، وابتسامةَ المؤمن في وجه المؤمن.
رابعا- قدموا من أوقاتكم نصيبًا لدينكم، فقد استغرقت دنياكم أكثر الأوقات.
عندها لن يتعامل معكم الآخرون باحتقار ولا استصغار.
أعلى الصفحة