الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Symposia الندوات
 
الأخلاق الطبية عند العرب
_ محاضرة في ندوة الطب العربيفي الدعوة
حلب- مديرية الثقافة
2/10/2006
 
ملف نصي   كتاب إلكتروني  
لئن كانت الأمم الأخلاق كما قالوا، فإنَّ الطبَّ في حضارة الأمة يمثِّلُ رمزًا من رموز طهارتها ونقائها، وتمثل أخلاقُه معيارا دالًّا على مدى ارتقائها أو انحطاطها الخلقيّ، فقد كان العلماءُ يعتبرون الطبيب حاكمًا على النفوس والأجسام، والملوكَ حكّامًا على المصالح والأموال[1].
على أنَّ الأخلاق الطبيةَ لا تظهر في ساحة الواقع إلّا باجتماع أمور ثلاثة:
1- العلمِ بالطب.
2- القانونِ الذي يضبط الممارسة.
3- التربيةِ الخلقية المستندةِ إلى الإيمان.
ويرجع تميز الأخلاق الطبية عند العرب في حضارتهم إلى اجتماعها معا، لا سيما في عصر النهضة الذهبي.
1- العلم:
بعد الانفتاح العلمي بالترجمة على الحضارات المجاورة لا سيما اليونانية، ازدهر الطب العربي الإسلامي، ثمَّ تميز فيما بين القرن الرابعِ والسادسِ الهجريين في الممارسة الطبية عما وصل إليه اليونانيون بمزايا منها:
1- إضافةُ المنهجِ التجريبي إلى المنهج الاستدلالي اليوناني، فاختبروا تجريبيا صحة ما وصل إليهم مترجَما[2]..
2- إضافة المبتكرات الجديدة.[3]
وقد كانت الأصول الإسلامية للطب العربي توجه إلى الاستزادة من الخبرة الطبية، فحين التقى النبي r بطبيبين أرادا علاج مصابٍ جريحٍ سألهما: (أيكما أطبُّ؟)[4]
وقال r: (لا حكيم إلا ذو تجربة)[5].
ومنع ممارسة الطب ممن لا علم له به، فقال r: (من تطبَّب ولم يُعلم عنه طبٌّ فهو ضامن)[6].
وقد أوصى الطبيبُ ابنُ الكَحّال تلميذه أن يكون مكبًّا على الاشتغال في العلوم، ومعاشرا للعلماء [7]
2- القانون:
كانت القوانين القديمة الضابطة لأخلاقيات الطب تتراوح بين الإفراط والتفريط، خلافًا للقوانين العربية الإسلامية، التي نظمت السلوك الطبي بتوازن.
ففي الماضي كان الطبيب عند قدماء المصريين يعاقب بالإعدام إذا خالف الكتاب المقدس في الطب[8].
وفي شريعة حمورابي كانت تُقطعُ يدُ الطبيب الذي يتسبب بفقد بصرِ سَيِّدٍ حُرٍّ [9]، ويُعاقب بالحبس إذا تقاضى أجراً فوق ما هو مُقرَّر له فيها. [10]
وعند اليونانيين حدَّ أرسطوطاليس عقوبةَ القتل للطبيب الذي يعطي دواءً خاطئًا، فيموتُ بسببه المريض[11].
وفي الإسكندرية صلب الإسكندرُ المقدوني طبيبا عالج صديقَه بالحمية والصوم, فلم يمتثل وأكل وشرب فمات, ورأى الإسكندر استحقاقَ الطبيب لتلك العقوبة لأنه لم يراقب صديقه المريضعالج صديقَه بالحمية والصوم, فلم يمتثل وأكل وشرب فمات, ورأى الإسكندر استحقاقَ الطبيب لتلك العقوبة لأنه لم يراقب صديقه المريض[12].
وكان الرومان يفرقون بين خطأ الطبيب من الطبقة الراقية الذي كانت عقوبته النفي, وخطأ الطبيب من الطبقة الوضيعة الذي كانت عقوبته الإعدام[13].
وفي أوربا كان القوط الشرقيون يسلمون الطبيب الذي يموت مريضه إلى أهل المريض ليقتلوه أو يتخذوه عبداً رقيقاً.
أما القوط الغربيون فكانوا لا يدفعون الأجرة للطبيب إلا إذا
أعلى الصفحة