الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Articles المقالات
 
ويسألونك عن كورونا ..
 

لا أتحدث عن مصدره وأسباب انتشاره الوبائي فتلك مسألة تحتاج إلى تمحيص طويل ..
أتحدث عن موضوعين اثنين أذكر أولهما باختصار شديد، وأشرح ثانيهما بما يتيسر.
1- الواجب الشرعي في التدبير الوقائي
2- الفهم الإيماني لوقوع الوباء.

أولا- لا خلاف في وجوب اتخاذ ما أمكن من التدابير الاحترازية الوقائية، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم باجتناب المجذوم والفرار منه ، والجذام هو من الأمراض السارية الوبائية.
وأمر أمته بمضمونات ما يعرف ( بالحجر الصحي ) بقوله:
"إذا سمعتم (بالطاعون) في أرضٍ فلا تقدموا عليها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه"
وحين امتنع الفاروق عمر عن دخول الشام فرارا من طاعونها قال له أبو عبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله؟ فأجابه عمر: نعم نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله.
فلا يجدر بالمتنطعين أن يزاودوا (في وقت الأوبئة ) على قامةٍ ذات علمٍ وفقهٍ كعمر بن الخطاب.

ثانيا- الفهوم الإيمانية في موضوع الشدائد والمصائب والأوبئة:
الناس أقسامٌ أربعة في أوقات المصائب والأوبئة:
- قسمٌ مؤمنٌ بالله تعالى مطيعٌ لأمره مستقيمٌ على منهاجه يصيبه الوباء أو الشدة أو النازلة أو المصيبة فيأخذ بأسباب الوقاية والعلاج فلا ينجو بل يموت صابرا محتسبا فهو في عند الله تعالى إن شاء الله في منازل الشهداء والصالحين.
- قسمٌ مؤمنٌ بالله تعالى مطيعٌ لأمره مستقيمٌ على منهاجه يصيبه الوباء أو الشدة أو النازلة أو المصيبة فيأخذ بأسباب الوقاية والعلاج فينجو من الشدة أو الوباء فيطول عمره ويكون ممن طال امتحانه في الدنيا للثبات على الحق والمفاصلة مع الباطل وديمومة الاستقامة والدعوة.
- قسمٌ متمردٌ على الله تعالى مخالفٌ لأمره مستهزئٌ بمنهاجه ظالمٌ لنفسه مفسدٌ في الأرض مسيء إلى عباد الله يصيبه الوباء أو الشدة أو النازلة أو المصيبة فيموت فتستريح الأرض منه ويسلم من شروره العباد، وحسابه في الاخرة على ربه.
- قسمٌ متمردٌ على الله تعالى مخالفٌ لأمره مستهزئٌ بمنهاجه ظالمٌ لنفسه مفسدٌ في الأرض مسيء إلى عباد الله يصيبه الوباء أو الشدة أو النازلة أو المصيبة فينجو منها فيطول عمره ويمتدّ امتحانه فإما أن يتوب في الدنيا وإما أن يدوم على ظلمه ثُمّ يأخذه الله أخذ عزيزٍ مقتدرٍ وإما أن يؤخر حسابه إلى الاخرة فيكون ممن قال فيهم: "ولا تحسبنّ الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار".
أقولُ هذا حتى لا تؤدلجوا الأقدار ...
نحن معنيون ومكلفون بالسلوك الفردي والمجتمعي ولسنا موكلين بمحاسبة الخلق أو الشماتة بهم ..
محاسَبون على تقصيرنا الحضاري والعلمي والعملي ..
محاسَبون على تشتتنا الجماعي ..
محاسَبون على انحرافاتنا وشذوذاتنا وخروقاتنا للتوازن الكوني ..
مطالَبون بالسعي لتحقيق الأفضل والأنفع والأعدل ..
لكنّ كثيرا منا مع الأسف قد عطل في دائرة نفسه الاجتهاد في التكليف والسعيَ في العلم والعمل وأطلق العنان للنفس في الشماتة ووهم الصلاح.
أعلى الصفحة