الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Articles المقالات
 
عودوا.. أو انتظروا الاستبدال
 

تتخبط البشرية (شرقها وغربها ) في مادية لا تعرف من المعاني إلا قليلا ..
وتتماهى أمتي مع تلك المادية العالمية في انحرافاتها بعيدا عن هداية ربها وتنوير نبيها ..
وفي الوقت نفسه تعيش الجهل والتخلف والانحطاط بعيدا عن ميادين البحث العلمي الكائن في مدنياتِ أولئك الذين انبهرت بشذوذاتهم ...
باختصار: أضاعت أمة (إقرأ) دينها ودنياها.
لوكانت تقوم بدورها الرائد في الحضارة الإنسانية عمرانا وتطورا مع محافظتها على سموها الصلاحي والإصلاحي ورقيها المعنوي والروحي لكان لها في هذا الوقت مكانٌ أو اعتبار، ولكنها (مع الأسف) أضاعت الشكل والمضمون.
قال ربها:
" لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ "
فربط آمال الأمة بأرضٍ تسودها العدالة والمساواة مستهدية بكتابٍ منوِّر وميزانٍ عقلي باحث.
وقال جلَّ من قائلٍ:
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم "
فأفهم الأمة خاصةً والعالمَ كافّةً أن البغي والظلم يرتدُّ أثره وتظهر نتيجته سريعا على البغاة والظالمين، لكنّ أمتي كانت الأسرع والأعجل في البغي والخصومة والظلم، ولم يخرج عن البغي والخصومة والظلم الحكّام ولا المحكومون، واشترك في الضلال والضياع الظَلَمةُ والمظلومون.
ودعّم الله تعالى صلاح الأمة بصلاح العبادات والمعاملات، فكنا الأسرع والأعجل في تضييع مضمونات العبادات ومقاصد المعاملات.
وصرنا أسوأ من الأمم السالفة قبلنا حين وجههم إلى عبادة ومعاملة:
مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا
كتب علينا صلاةً بين يديه فجعلناها حركاتٍ فاقدةً للصلة به ليس فيها من سر " يحبهم ويحبونه " شيء ولا من معنى " فلو صدقوا الله " أثر.
وكتب علينا زكاةً تمحو فقر الفقير وعوز المحتاج وتضمن كرامة البشر فامتنع بعضنا، وحولها بعضنا الآخر إلى دوائر مصالحه الشخصية، وبقيت مجتمعاتنا بعيدة عن مقاصد تلك الزكاة.
وكتبَ علينا صوما نرتقي فيه إلى مكارم الأخلاق، ونرتفع به إلى معارج القيم الروحية الحضارية، فصيّرناه عاداتٍ (وفولوكلوراتٍ) ومواسمَ فنون.
وكتب علينا حجا نتعلم فيه العبودية لله ونمحو به كل الفوارق الطبقية على أرض المساواة، فصار مسرحا للطبقية المجترئة ما بين حج ( خمس نجوم ) وحج ( فاقد لكل الكواكب والنجوم ) و"بئر معطّلة وقصرٍ مشيد"
كتب علينا الاجتماع في (صلاةِ جماعةٍ) فما أبقينا فيها من مفهوم تواصل الجماعة شيئا.
وكتب علينا جمع القلوب عليه في (صلاةِ جُمُعَةٍ) فصارت فرصةَ ترويجٍ لسلطنة الحكام، وواجب ركيعاتٍ لا تعرف جمع القلوب على الله ولا تزكيةَ النفوس على بساط العبودية بين يديه !!
كأني فيما أصابنا اليوم أسمع القدر يصيح في وجوه المسلمين:
مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا
لا أريد نقركم التراويح كنقر الديكة
ولا أحب جماعاتكم ولا جُمَعكم ..
عودوا إلى مكانتكم الأصيلة ..
أو انتظروا الاستبدال.
أعلى الصفحة