الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Sermons المنبريات
 
لـيـتـكم تـدرسـون الإسـلام
24/6/2005
 
ملف نصي   كتاب إلكتروني   استماع ²
لئن كان الإنسان عدو ما يجهل, فإن من واجب أهل الإصلاحوالدعوة أن يعرِّفوا مَنْ جَهِلوا بالكنـز الكبير الذي تكرَّم رب العالمين به علىالإنسانية, وواجب الدعاة الأول: الترشيدُ والتعريفُ بدين الله الذي هو فرعٌ عنالتعريف بالله، فمعرفة الآمر الذي تفضل بدينه على عباده تهيئ قلب الإنسان لفهممفردات أمره الذي هو هذا الدين.
وكيف لا يقبلها وما أنزلها الله سبحانه وتعالى إلا لصلاحالإنسانية!
وكيف لا يقبلها والعقل إن تجرد عن الأهواء لن يجد أسمى منهاولا أعلى ولا أحلى!
أقول هذا يا إخوتي من باب الإشفاق على العلمانيين الذينجهلوا الإسلام.
لم يجهلوا اسم الإسلام
ولم يجهلوا الصلاة في الإسلام
ولم يجهلوا أن الإسلام دينُ الأخلاق
ولم يجهلوا أن الإسلام يرقّي روحانية الإنسان
لكنهم جهلوا مفرداتِ إدارةِ الإسلام, وجهلوا مفرداتِمعاملات الإسلام..
وقد قلنا مراراً وتكراراً: إن المثقفين في بلاد الشرقتأثروا من غير تبصر بما حصل في بلاد الغرب.
ذلك أنه في يوم من الأيام أفرز السلوك الشخصي والرأي الخاصالذي لا يعبر عن المسيح ولا عن الإنجيل بل يعبِّـرُ عن صاحبه في الكنيسة...
أفرز سلوكياتٍ خاطئةً فتدخل رجال الكنيسة في وقت من الأوقاتمن خلال آرائهم, واستخدام سلطانهم في قضايا لا خبرة لهم بها..
قرؤوا في إنجيلهم توجيهاتٍ روحيةً تدعو الإنسان إلىالارتقاء بنفسه, ولم يتعلموا فيه دقائق المعاملات، ولا درسوا فيه دقائق علم الإدارة،فانطلقوا من خلال آرائهم الشخصية, واستعمال سلطاتهم الكنسية.
ولم يكن هذا مما يروق للعاقل؛ لأن الإنسان لا يقبل هيمنةالإنسان عليه, فخرجوا بالمقولة التي تقول: (آن الأوان لفصل الدين عن الدولة) يعنونبذلك ما حصل في واقعهم، في تلك المرحلة التي قامت معها الثورة الصناعية والنهضةالعلمية التي تدعو إلى التطوير, فاصطدمت بجهل يريد الهيمنة عليها باسم الدين...
ولما درس بعض المثقفين في بلاد المشرق الإسلامي ثقافة الغرب,ولم يدرس مفردات الإسلام, واخذ الثقافة الغربية بكل ما فيها قَدِمَ إلى بلادالإسلام ليقول: (إن الفصل بين الدين والحياة والإدارة واجب من الواجبات).
ومن منطلق واجبنا..
ومن منطلق عالميتنا..
ومن منطلق الرحمة، الذي يبعثنا لنحمل النور إلى العالم،القريب فيه والبعيد..
ومن منطلق القلب الحريص على سلامة العالم تأسيًا بمن قالالله في حقه:
(حَرِيصٌ عَلَيْكُم) التوبة: 128.
أقول: لابد لنا أن نتحرك من العنوان إلى المضمون، ولابد لناأن ندخل في التفصيلات، والغرب يُعنَون بالتفصيلات، ويقولون: إن الشيطان يدخل فيالتفصيلات، ونحن لا نريد للشيطان أن يدخل بالتفصيلات، لهذا كان من الواجب عليكمأيها المثقفون، ومن الواجب على من يسمع ويتأمل ويدرس ويحلل أن يكون منصفاً.
كنا في الماضي نتحدث ونقول للناس: إن الإسلام يحمل علم إدارة,ويقدم علم معاملة, لكنني وجدت في ساحة التعليم والترشيد أننا نكتفي بالعناوين..
لهذا أحببت أن أفصِّلَ من على منبر رسول الله، منبرِ الجمعةالذي هو منبر التثقيف والترشيد, لأقدم بما يسعه الوقت بعضَ النماذجِ من التفصيلاتِالشرعية التي تتحدث في علم إدارة المجتمع أو ما يعرف بالسياسة الشرعية.
وأقول للعلمانيين، هذه بعض النماذج فإن كان لديكم الاعتراضعليها أخبرونا, فإننا نتحدث من منطلق عقلي معكم فيها.
نماذج مما يقدمه القانون الشرعي..
يا من يقول اجعلوا الإسلام في المسجد، والإسلام مساحتهالأرض..
نقول لهم: هذا نموذجٌ من تفصيلات قانوننا الإسلامي الشرعيالذي لا تعرفون عنه شيئاً..
فإن كنتم فيما نقدمه خللاً يرفضه المنطق والعقل، قولوا لناحتى نعتبر أننا قاصروا العقول، حتى نتبنى ما يوجد في العالم أفضل منه.
أولاً: يختلف مفهوم السياسة في الإسلام عن مفهومها في غيرالإسلام بأنها لا تقبل المبدأ الميكافيلي الذي يجعل الغاية تبرر الوسيلة.
فالسياسة في الإسلام لا تقبل الالتوائية ولا تقبل الزئبقية..
السياسة في الإسلام إدارة واعية ملتزمة واضحة مرنة لكنها لاتتجاوز الثوابت والقيم..
واسعة لكنها في سعتها لا تذوب ولا تنصهر في الشر.
عنوان السياسة الشرعية في الإسلام مبيَّن في آية في كتابالله تعالى, هي قوله تعالى:
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِإِلَى أَهْلِهَا ، وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ)النساء: 58.
فعنوان السياسة الشرعية في الإسلام:
أداء الأمانات
والحكم بالعدل.
ولا أظن أن عاقلاً لا يقف مع هواه يناطح في روعة هذاالعنوان.. الذي ينهى عن الخيانة ويأمر بالأمانة...ينهى عن الظلم، ويأمر بالعدل.
فمن أداء الأمانة إلى أهلها في الإسلام- ولا يتجاوز ذلك كونهعناوين فرعية-
- أداء الأمانة للطفولة بحفظ حقوقها من الرعاية الصحيةوالعلمية.
- ومن أداء الأمانة أداؤها للشباب بتأمين ضرورياتهموحاجياتهم من العلوم, والإسكان, وأبواب الكسب.
- من أداء الأمانة أداء الأمانة للمرأة برعاية حقوقها.
- وأداء الأمانة للمتكسبين في التجارة والصناعة الزراعة،بتيسير سبل كسبهم.
- وأداء الأمانة للوطن بالدفاع عن ترابة وما فيه.
- وأداء الأمانة للمظلومين بتوفير القضاء الذي يبت فيمظالمهم من غير تأخير ولا مماطلة.
- وأداء الأمانة للمواطَنَة (النسبة إلى الوطن) برعاية حقوقهذه المواطنة وحرياتها وحقوق التعبير عن قضاياها..
فهذا كله مندرج في أداء الأمانة.
وحينما يدار المجتمع، فهذه مسؤولية إدارة سياسة المجتمع، أنتؤدي حقوق المجتمع إلى المجتمع.
ومن الحكم بالعدل الذي هو الجزء الثاني في العنوان:
- المساواة بين الغني والفقير في كل الأحكام, فلا يكونللغني مزية على فقير، لأن سلطان الحق فوق كل صاحب سلطان.
- والمساواة بين الأمير والأجير.
- وتطبيق القانون على الجميع حتى لو كان من أصحاب المناصب.
- وإزالة كل المحسوبيات..
فهذا كله تفصيل للعنوان.
يذكر التاريخ أن عمر بن عبد العزيز لما كان في مرض موته - وهونموذج من النماذج العملية التي كانت في إدارة المجتمع وتوجيه سياسته يوماً ما،والذي يعبر تعبيراًُ عملياً عن سياستنا الشرعية- كان في مرض موته فقيل له يا أميرالمؤمنين: أقفرت أفواه بنيك (يعني هم جياع) (أولادك وأنت تموت جياع)
أقفرت أفواه بنيك من هذا المال، وتركتهم فقراء لا شيء لهم.فقال: أدخلوهم علي. فأدخلوهم، بضعة عشر ذكراً ليس فيهم بالغ (لأن الأمير عمر بنعبد العزيز مات وهو في شبابه) فلما رآهم ذرفت عيناه, ثم قال: يا بَنِيَّ, والله مامنعتكم حقاً هو لكم, ولم أكن بالذي آخذ أموال الناس فأدفعها إليكم, وإنما أنتم أحد رجلين (أي مستقبلكم مستقبلٌ فيه أحد رجلين) إما صالـحٌ فالله يتولىالصالحين, وإما غير صالح فلا أترك له ما يستعين به على معصية الله, قوموا عني.فقاموا عنه.
يقول الذي يروي هذه الحادثة: أغنى الله تعالى أولاده منبعده.
و في تاريخنا:
دخل أبو مسلم الخولاني على معاوية, فقال: السلام عليك أيهاالأجير. فقالوا: قل السلام عليك أيها الأمير. فقال: السلام عليك أيها الأجير.فقالوا: قل أيها الأمير. فقال: السلام عليك أيها الأجير. فقالوا: قل الأمير. قالمعاوية: دعوا أبامسلم فإنه أعلم بما يقول.
فقال: إنما أنت أجير استأجرك رب الرعية لرعايتها, فإن أحسنتوفَّاك سيدُها أجرك, وإن أنت أسأت عاقبك سيدها.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: من وَلِيَ من أمرالمسلمين شيئاً فولَّى رجلاً لمودة أو قرابة بينهما فقد خان الله ورسولهوالمسلمين.
ومن العنوان, أدخل في باب التفصيلات التي استمدها من كتبالسياسة الشرعية الإسلامية, وقد قلت في لقاءات متعددة: مع كثير من العَلمانيين أوالمتخصصين في الإدارة من غير المسلمين, قلت لهم: ليتكم تدرسون الإسلام, ونحن علىاستعداد أن نبيِّن لكم ما يوجد في كتبنا, وفي قانوننا الشرعي الإسلامي من تفصيلاتخدمها علماؤنا..
ومع الأسف أكثر الشباب في المساجد لديه معرفة بفقه الصلاةوفقه الوضوء, فإذا سألته عن فقه السياسة الشرعية لا يعرف شيئاً عنها..
لماذا لا يدرس هذا في المساجد؟
ولماذا لا يدرس في المدارس؟
ولماذا لا يتخصص به المتخصصون؟
ولماذا لا يتعرف إليه المثقفون؟
فلنتعرف إليه, لأن الإنسان كما قلت في مبتدى الحديث: هو عدوما يجهل.
من التفصيلات التي أختارها لكم ( لأن المجال ليس مجال درسفقه) لكنه ترشيد وفتح باب..
أولاً- الرئاسة يُعيِّنها الناس ولا تُعيِن نفسها.
وهذا جزء من سياستنا الشرعية الإسلامية.
ففي الصحيحين البخاري ومسلم, أن قوماً دخلوا على سيدنا رسولالله صلى الله عليه وسلم, فسألوه الولاية. (أي يطلبون منصباً رئاسياً) (أي ولِّناعلى قومنا, أو على البلد الفلاني) فقال صلى الله عليه وسلم:
(إنَّا لا نُولِّي أمرنا هذا من طلبه.)
فكان ذلك من القواعد الكبرى, وهذا ما يُعمل به في المجتمعاتالمتحضِّرة.
ولقد أخطأ بعض من درس فاستنبط حكماً من قول يوسف عليهالصلاة والسلام: (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)يوسف:55
وما أدرك أن مقام الرسالة الذي يكون فيه من يُوحى إليه مأموراًأن يقول بذلك أمراً من الله، ومقام الرسالة مقام عصمة..
وطلب سليمان ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده..
وذلك هو من خصوصيات الرسالة.
أما بيان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, الذي يبين فيهمنهجنا وسياستنا وقانوننا, فيقول فيه:
(إنَّا) –ولم يقل إني, حتى لا يظن ظان أنه حكم خاص بمن يملكمقاليد الأمور, إنا.. أي نحن المجتمع المسلم, (إنَّا لا نولِّي أمرنا هذا منطلبه.) أي يُختار اختياراً, وعلى قواعد, وشروط..
ثانياً - الشروط والبنود التي يُختار بها صاحب منصب الرئاسة:
وهي بنود موضَّحة, اخترت لكم أيضاً ذكرها وأنا أعرض بعضالتفصيلات:
1- الشرط الأول هو العدالة: أي أن يكون صاحب أخلاق ومروءة.
2- الشرط الثاني هو العلم: بكل ما تعنيه كلمة العلم, فلاينبغي للجاهل أن يُولى على العالم.
3 - الحكمة في الرأي: فإذا لم يكن صاحب حكمة, وكان صاحباستعجال فإنه يقود الأمة إلى هلاكها.
4 - الشجاعة.
5 - سلامة الحواس والأعضاء.
وهذه أيضاً عنوانين فرعية.
فمن وجد في هذه التفصيلات أمراً يتعارض مع العقل والمنطقفليخاطبنا, وليقل لنا: تتبنون أموراً لا قيمة لها.
ثالثاً - المراتب الإدارية التابعة للرئاسة :
واختصر لأسهل عليكم وعلى من يسمعنا, وأنا أعلم أن هذهالخطبة يسمعها قومٌ في الشرق والغرب..
1 - من المراتب الإدارية التابعة للرئاسة الإدارة العامةللشؤون العامة في كل البلاد، أو ما يسمى باصطلاح اليوم: معاونوا الرئاسةومستشاروها, أو في بعض الأنظمة: هيئة إدارة الرئيس.
2 - الإدارة العامة للشؤون العامة في مدينة أو إقليم, وبعضهميسميه الوالي, أورئيس الولاية, وبعضهم يسميه المحافظ.
3 - الإدارة الخاصة للشؤون العامة في البلاد، ومن أمثلتهاالمسؤول عن القضاء في البلاد, واليوم يمثله وزير العدل, والمسؤول عن الجيش فيالبلاد كرئيس أركان الجيش, والمسؤول عن المال في البلاد..
فهي إدارة خاصة لشؤون عامة في البلاد.
4 - الإدارة الخاصة للشؤون الخاصة، كالقاضي في البلد, أومدير المال في المدينة, أو قائد الشرطة..
فلا يوجد في منطق الإسلام حكم فرد, إنما هي إدارات, ومنخلالها يكون صلاح البلد.
وما ستكونونه من تصوُّر يعطي ولو أنموذجاً على ما في كتبناوقانوننا الإسلامي الشرعي الذي يبحث في إدارة المجتمع.
رابعاً – الوزارة:
وقد اشتق اسم الوزارة إما من الوزر وهو الثقل، لأنه يحملالأثقال.
أو من الأزر وهو الظهر, أي أنه يكون مُعيناً.
والوزارة كما في كتبنا الإسلامية نوعان: وزارة تفويض ووزارةتنفيذ.
أما وزارة التفويض فقد ذكرت- على لسان موسى- في قوله تعالى:
(وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْبِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) طه: 29-31.
وهي تساوي اليوم منصب نائب الرئيس، ولا يشترط أن يكون نائبالرئيس رئيساً إلا في بعض الأوقات, وهذا ما عليه الأنظمة المتطورة اليوم في العالم,وهو يسمى وزير تفويض.
وأما وزارة التنفيذ فهي المرادفة لمصطلح الوزارات المعاصر,فكل وزير في وقتنا يساوي بمصطلح السياسة الإسلامية الإدارية وزير تنفيذ.
كيف يختار وزير التفيذ؟
ما هي الشروط؟
أولاً: الأمانة.
ثانياً: الصدق.
ثالثاً: قلة الطمع، حتى لا يقبل الرشوة.
رابعاً: أن لا يكون بينه وبين الناس عداوة، فإذا وجد بينهوبين الناس عداوة منع من الوزارة.
خامساً: قوة الحفظ والذاكرة، ويمكن لنا في وقتنا هذا أننجعل الوسائل التدوينية والتوثيقية من الأمور المعينة والمساعدة.
سادساً: الذكاء والفطنة.
سابعاً: أن لا يكون ديدنه الشهوات, فينصرف عن الحق إلىالباطل.
لأن الهوى حين يسيطر على الإنسان يعميه.
قال صلى الله عليه وسلم: (حبك الشيء يُعمي ويُصم)
ووجدت هذا النص موجوداً في النسخ الحاضرة من الإنجيل بينأيديهم.
ثامناً:الخبرة الإدارية، فلا يكون جاء من بيته إلى الوزارة،بل تكون له خبرة قديمة في الإدارة.. (التجربة والحنكة والخبرة الإدارية)..
ويجوز أن يكون هذا الوزير من غير المسلمين كأن يكون مسيحي
وهذا كله أنقله لكم مختصراً من كتب سياستنا الشرعية..
فليقل فيها العقلاء قولهم، ولينظر المتدبرون..
هل نعرض ما تقبله العقول ؟
خامساً: صوت الشعب المعبِّر عنه في القانون الإسلامي الشرعيبالعرفاء:
ويوازي مفهوم العُرفاء اللجان الشعبية أو البرلمانية.
وهو الصوت المعبِّر عن الشعب، الذي له تسميات متعددة، وموصوففي كتبنا بالعُرفاء..
فالعريف هو الذي يمثل صوت الجماعة من الناس عند الدولة،والذي ينظر في دقائق أحوالهم ويتفقدهم فيُوصل إلى السلطة دقائق أحوالهم, فهو علىصلة تفصيلية دقيقة بتلك الجماعة من الناس، على ويصح أن يكون مسيحياً, أويهودياً، أوملحداً,أو وثنياً لأنه ينبغي أن يعبر عن شرائح الناس, فكل يعبر عن الشريحة التي يمثلها..
وأختم بتفصيل أخير وسؤال كثيراً ما يطرحه بعض العلمانيينالذي يشككون بالإسلام.
يقولون: إن ثقافة الإسلام استئصاليه، يعني إن الإسلام لايسمح لغيره.
وهذا هو اتهامهم الكبير..
والجواب لا.. لسنا أصحاب ثقافة استئصالية طالما أن الآخر لايرغب في استئصال الإسلام.
في حالة واحدة فقط يوجد الصدام، حين يريد الآخر استئصالالإسلام، فإذا لم يكن يريد استئصال الإسلام؛ فالإسلام لا يصطدم مع أحد، والأصل فيهذا قوله تعالى:
(لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِيالدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة:8.
وقد صالح المسلمون الوثنيين في مشرق الأرض وتعايشوا معهموهم في أوج قوتهم وحضارتهم.
واقرؤوا التاريخ..
فكيف لا يكون ذلك اليوم!
كيف لا يكون الإسلام داعياً معتنقيه إلى التعايش مع الجميع!
إلا خصوصية واحدة؛ فقد أراد الإسلام في ذلك الوادي غير ذيالزرع, في الحجاز, عند البيت المحرم, أراد أن يكون له خصوصية على وجه الأرض فيمنطقة صحراوية، وهي منطقة مباركة مقدسة..
ولا أظن أن أحداً يمكن أن يقول فيما يتعلق بمبنى الفاتكانأدخلوا ديننا إليه.
وما عدا ذلك فالإسلام متعايش مع الجميع.
ولم ينفرد الإسلام على وجه الأرض بمكان إلا بالحجاز ،وهو المحمول عليه:
(وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً)ص: 36 بإجماعالعلماء.
فلا ينبغي أن يتهم أحد الإسلام بأنه استئصالي أبداً, إنماالإسلام متعايش مع الجميع، ويثبت ذلك ما لا يحصى من الدلائل.
وفي الختام أقول: ليتكم تدرسون الإسلام.
أقول للعَلمانيين: ليتكم تدرسون الإسلام، وليتكم تحاورونأصحاب العلم، لأنكم قطعتم أنفسكم عما فيه نفع لكم ولبلدكم ولمجتمعكم.
اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلاً واجعلنا ممن يستمعون القولفيتبعون أحسنه.
أقول هذا القول وأستغفر الله.
أعلى الصفحة