الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Articles المقالات
 
الرحلة من النفس إلى الروح
 

حل شهر رمضان المبارك هذا العام بلون جديد لم يعتد عليه المسلمون ...
كانت صدمة الخروج عن المعتاد شديدة على النفوس ...
شهر يصومون فيه داخل البيوت ...
الموائد الجماعية مفقودة ...
التراويح التي تتسابق فيها الجوامع ( إلا من رحم ربي ) أيٌّ منها يختصر الوقت أكثر من غيره لا وجود لها هذا العام ...
الأسواق التي تعج بالألوان والأشكال مغلقة ..
الذي بقي من معتاد النفوس الظلمانية مسلسلاتٌ لا تسمن ولا تغني من جوع ... إثمها أكبر من نفعها ... وسمها ممزوج بدسمها ..
مع وجباتٍ فضائية فيها ما فيها ... وعليها ما عليها ...
أقول:
إنَّ روح الشهر المبارك ومضموناته القدسية هي المقصود يا قوم
ينتفع بهذا الشهر من ينجز الرحلة عن النفس إلى الروح
من أمثلة الرحلة عن النفس إلى الروح وأشكالها:
1- تركُ الكلام على عيوب الناس رغبةً في رضوان الله
2- غضُّ البصر عن كل ما لا يحل النظر إليه إرضاءً لله
3- تركُ ما يهبطُ من الفضائيات ( عشوائيا ) وإمساكُ كتابٍ نافعٍ ( انتقائيا )
4- إخراجُ ما يزيد من المال عن الاحتياج وإطعامُ جياعٍ ومحتاجين
5- الخلوةُ في ذكر الله، والرحيل عن سواه، وذوق حلاوة أنسه
6- تدبَّر المعنى اللغوي لمفرداتٍ قرآنية كانت تمر عليه سابقا من غير فهم، والإبحار في صحف القرآن مع المسابقة في مستوى فهمه لا في عدد( ختمات قراءته )
7- التغلب على النفس التي تمنع صاحبها عن التواصل مع من قطعه
8- الوقوف منفردا في قيام الليل ( التراويح ) في حضرة ربه مع طول السجود والقيام دون الالتفات إلى من يستعجله مِن خلفه
9- كظم الغيظ في لحظات الغضب احتسابا عند الله
10- الاكتفاء برؤية الله تعالى له وعدم الالتفات إلى الرغبة في رؤية الناس
....
هذه أمثلةٌ ونماذج من الرحلة عن النفس إلى الروح
كان الصدّيقُ أبو بكر ينفق من ماله على (مسطح بن أثاثة) فلما تلطخ لسان (مسطح) بحديث الإفك في ابنته أم المؤمنين عائشة وكان ما كان .. ثم طويت قصة الإفك وبرّأ القرآن أم المؤمنين ... امتنعَ الصديقُ أبو بكر عن الإنفاق على (مسطح) كراهيةً منه لما فعله فنزل قوله تعالى:
وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (22) النور
فاستطاع الصدّيقُ أبو بكر أن يرحل عن نفسه وأن يتابعَ الإنفاق من مقامِ روحه رغبةً في رضوان الله.
هذا شهرُ الاختبار يا سادة
فلنبدأ الاختبار ...
ولننظر كلّ يوم من أيام الشهر هل رحلنا عن النفس إلى مقام الروح؟
أم أننا ما نزال مقيدين مكبلين في أصفاد النفوس !!!
أعلى الصفحة