الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Symposia الندوات
 
معايير الاتحاد الأوربي لجودة الدولة: دراسة نقدية من منظور إسلامي
ملتقى: معايير الجودة في الدولة المعاصرة: رؤية إسلامية
Istanbul- turkey
6-7-8/2/2015
 
ملف نصي   كتاب إلكتروني  
تمهيد:
المعايير وسائل تقييم وتقويم، وقد سعى المعاصرون لوضع معايير جودة في المؤسسات الاقتصادية، ثم معايير جودة في التعليم، وبدؤوا متأخرين بوضعها في السياسة.
ومن نماذج معايير الجودة للدولة الحديثة المعايير التي وضعها (الأوربيون) عند تأسيسهم للاتحاد الأوربي.
كانت معاهدة ماستريخت عام 1992 منطلقا لتأسيس الاتحاد الأوربي.
البون كان شاسعا في أوربا بين غربها الرأسمالي، وشرقها الشيوعي، لكن الغربيين كانوا يتهيؤون لإلغاء الحدود فيما بينهم، فوقعت خمس دول أوروبية (بلجيكا، فرنسا، ألمانيا الغربية، لكسمبرغ، وهولندا) اتفاقية شِنْغِنْ Schengen في 14 حزيران / يونيو 1985، لإلغاء المراقبة على الحدود بين تلك البلدان. ثم وقع على الاتفاق بعد ذلك وبالتتالي عبر الزمن 30 دولة، وهي دول الإتحاد الأوروبي وثلاثة أعضاء خارج الإتحاد الأوروبي (أيسلندا والنرويج وسويسرا)، وتنفذه 15 دولة حتى الآن.
بسقوط سور برلين 1989 زال المعسكر الشرقي، وأصبحت إمكانية اتحاد أوربا بشقيها الغربي والشرقي موجودة.
وبسبب التفاوت الكبير في مستوى الدول الشرقية والغربية وضع الغربيون معايير جودة للدول الشرقية الراغبة في الانضمام إلى الاتحاد.
وضعت عام 1993 في كوبنهاغن أول معايير الانضمام إلى الاتحاد الأوربي، عرفت بـ (معايير كوبنهاغن). وهي معايير جودة للدولة في السياسة العامة والتشريع والاقتصاد، واتخذت شرطا لعضوية الاتحاد الأوربي، ثم تم تطويرها لاحقا في معاهدة أمستردام 1997وما تلاها من معاهدات.
في هذا البحث نقوم بدراسة الأسس الرئيسية لتلك المعايير من منظور إسلامي، لتضاف في ملتقى معايير الجودة للدولة المعاصرة إلى الدراسات المقارنة والناقدة في هذا الملتقى.

البحث:

١: المعايير الأوربية لجودة الدولة:
١-١: معاهدات الاتحاد الأوربي:
- اتفاقية شِنْغِنْ Schengen لإلغاء المراقبة على الحدود بين البلدان المشاركة. وقعت في الأصل في 14 حزيران / يونيو 1985، من خلال خمس دول أوروبية (بلجيكا، وفرنسا، وألمانيا الغربية، ولكسمبرغ، وهولندا). ورغم توقيعها لكن التنفيذ كان في 26 آذار / مارس 1995، وأصبحت بلجيكا، وفرنسا، وألمانيا، والسويد، وهولندا، والبرتغال، وإسبانيا، أول الدول في تنفيذ ما اتفق عليه.
- معاهدة ماسْتْرِخْت Maastricht عام: 1992 في السياسة العامة للاتحاد الأوربي.
- إعلان كوبنهاغن København عام: 1993 المتضمن ما يعرف بمعايير كوبنهاغن (السياسية – الاقتصادية – التشريعية) .
- معاهدة امستردام في 2 أكتوبر 1997، ودخلت حيز النفاذ في 1 مايو 1999 وقد أدخلت هذه المعاهدة تغييرات كبيرةً في معاهدة الاتحاد الأوروبي، التي تم توقيعها في ماسترخت في 1992.
- معاهدة نيس التي وقعتها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في 26 فبراير 2001، ودخلت حيز التنفيذ في الأول من فبراير 2003.
- الدستور الأوروبي، عام 2004.
- رفض المواطنون في فرنسا وهولندا الدستور الأوربي عام 2005.
- معاهدة لشبونة يوم 13 كانون الأول 2007 لإصلاح مؤسسات الاتحاد الأوروبي، فحلت محل الدستور الأوروبي، وكان من المؤمل أن تصبح المعاهدة سارية المفعول بحلول كانون الثاني 2009.
- رفض الإيرلنديون معاهدة لشبونة فشكل ذلك ضربةً لخطط الإتحاد من أجل إصلاح مؤسساته وهياكله.
- ارتفاع عدد الدول الأعضاء أوجب تعديل شروط صنع القرار فظهر توزيع جديد للأصوات المخصصة لكل دولة في المجلس، لتحقيق الأغلبية اللازمة لسير العمل بعدما أصبحت هيئة صنع القرار مهددة بالشلل.
- أصبحت معاهدة لشبونة سارية المفعول في ديسمبر 2009. وقد حددت المبادئ والأساليب لتطور النظام المؤسسي بتوسع الاتحاد الأوروبي ودخول دول من أوروبا الوسطى والشرقية.( )

١-٢: معايير كوبنهاغن (لجودة الدولة) وما تلاها من تعديلات:
١-٢-١: الأسس الكبرى للمعايير:
• سياسيا: وجود مؤسسات مستقرة تكفل الديمقراطية، وسيادة القانون وحقوق الإنسان.
• اقتصاديا: وجود اقتصاد سوق فاعل قادر على مواجهة الضغوط التنافسية داخل الاتحاد الأوروبي.
• تشريعيا: قبول قوانين الاتحاد الأوروبي، وأهدافه الرئيسية في الوحدة السياسية والاقتصادية والنقدية( ).
١-٢-٢: ملخص المعايير:
١-٢-٢-أ: سياسيا:
 تحقيق الديمقراطية النيابية من خلال:
• قدرة المواطنين على المشاركة السياسية على قدم المساواة، وفي صنع القرار على كافة مستويات الحكم بدءًا من المحليات وحتى أعلى مستوى في نظام الحكم .
• الحق في إنشاء الأحزاب السياسية دون اي عائق.
• حرية إجراء الانتخابات بشفافية ونزاهة.
• حرية الصحافة وحرية النقابات المهنية، والجماعات غير الحكومية (جماعة الضغط) ومنظمات المجتمع المدني، وحرية الفكر والرأي والتعبير.
 بناء سيادة القانون بما يضمن:
• أن تكون السلطات التنفيذية مقيدة بالقوانين.
• استقلال المؤسسة القضائية عن السلطة التنفيذية.
• تفكيك قواعد الاستبداد حال وجودها.
 احترام حقوق الانسان بما يحقق:
• إلغاء التشريعات المنافية لحقوق الانسان.
• ضمان الحق في الحياة.
• ضمان الحق في محاكمة عادلة مستقلة وغير متحيزة وعدم تطبيق القانون بأثر رجعي مع تطبيق القانون لصالح المتهم.
• ضمان الحق في التحرر من العبودية أو السخرة.
• ضمان الحق في عدم التعرض للتعذيب أو العقوبات أو المعاملات غير الانسانية.
• ضمان حرية التفكير والعقيدة الدينية.
 احترام حقوق الأقليات لاسيما:
• حق التعبير عن الهوية داخل إطار الدولة .
• حرية المحافظة على الممارسة الثقافية .
١-٢-٢-ب: اقتصاديا:
• وجود نظام اقتصادي فعال يعتمد على نظام السوق.
• إصلاح النظام المصرفي والمالي ليتكيف مع آليات أسعار الصرف الأوربية والنظم المعمول بها في دول الاتحاد الأوربي.
• إصلاح المؤسسات والمرافق العامة بما يتفق مع المقاييس الموجودة في الاتحاد الأوربي .
• بناء سوق محلية قادرة على تحمل تبعات الانفتاح والضغوط التنافسية وقوى السوق المرتبطة بالسوق الداخلية الأوربية
• مكافحة الفساد والرشوة في جهاز الدولة .




١-٢-٢-ج: تشريعيا:
وضع تشريعات وسن قوانين تتناسب مع التشريعات والقوانين الأوربية التي تم وضعها وتبنيها منذ تأسيس الاتحاد الأوربي. ( )

٢: الدراسة النقدية:
نستعرض في هذه الدراسة أسس المعايير الأوربية، ونعرض تقييمها من منظورنا الإسلامي، وما يقابلها من البدائل الحضارية الإسلامية.
٢-١: المعايير السياسية الأوربية (في منظورنا الإسلامي):
٢-١-١: الديمقراطية النيابية:
 بين الديمقراطية والشورى:
لم تعتمد الدول الأوربية على (الديمقراطية التقليدية المباشرة)( ) ، ولكنها اعتمدت (الديمقراطية الليبرالية)( )، وفيها:
o يشارك مجموع المواطنين المؤهلين السلطة السيادية في صنع القرار.
o تمارس السلطة السياسية بشكل غير مباشر من خلال ممثلين منتخبين، أو ما يعرف بالديمقراطية التمثيلية.( )
o تحكم الأكثرية السياسية.
o يحمي الدستور الأقليات ويحافظ على التوازن بين مصالحهم ومصالح الأكثرية.
وهي تطور ألغى الاستبداد السلطوي، وأزال (الارستقراطية) النخبوية.
لم يكن يوجد في عام 1900 نظام ديمقراطي ليبرالي واحد يضمن حق التصويت وفق المعايير الدولية، ولكن في العام 2000 كانت 120 دولة من دول العالم أو ما يوازي 60% من مجموعها تعد ديمقراطيات ليبرالية( ).
لكن الذي أبدعه الغرب بالتأكيد ليس شيئا مقدسًا يجب اتباعه وتقليده من غير نظر، بل هو تجربة إنسانية يمكننا أخذ ما يناسب منها وترك ما لا مناسبة فيه .
وقد عاب المفكر (طه عبد الرحمن) على {مقلدة المتقدمين} إسقاط المفاهيم الإسلامية التقليدية كمفهوم (الشورى) ومفهوم (الأمة) على المفاهيم الغربية الحديثة كـ (الديمقراطية) و (الدولة) ورأى أنهم بهذا يردون المفاهيم المنقولة كالديمقراطية إلى المفاهيم المأصولة كالشورى، فينتهون بمحو خصوصية المفاهيم المنقولة، التي ستفقد قيمتها وجدواها التي أسست لأجلها.
وعاب على {مقلدة المتأخرين} إسقاط المفاهيم الغربية الحديثة كـ (العلمانية ) على المفاهيم الإسلامية المأصولة كمفهوم ( العلم بالدنيا ) المستمَد من حديث (أنتم أعلم بأمور دنياكم) فيردون المفاهيم المأصولة إلى المفاهيم المنقولة وينتهون بمحو خصوصية المفاهيم المأصولة كما انتهى من سبقهم إلى محو خصوصية المفاهيم المنقولة.اهـ( )
إن خصوصية الشورى تشترط في (الانتخاب التمثيلي) أن يكون الاختيار مقيدا بالاختصاص واستقامة السلوك فيمن يُنتخبون (للحل والعقد).
فشرط الاختصاص منوط بالمستوى العلمي، والخبرة، والحكمة، وأن يكون ذلك مؤيدًا بدلائله، ومعلوما للناس.
أما استقامة السلوك فدلائلها المروءة والنـزاهة والعفة وعدم الاشتهار بالانحراف.
وهذا الانتخاب التمثيلي النوعي مفقود في الديمقراطية الليبرالية الغربية.
 المرجعية في الديمقراطية والشورى:
في الديمقراطية يُحَكَّم العقل ويُرجع إليه، وهو فيها المعيار والعلة الغائية لكل شيء، والعقل البشري هو المشرّع الذي يصنع القوانين ويضع منها ما يتماشى مع المصالح والميول.
والعقول البشرية تختلف ميولها في الأزمنة والأمكنة المختلفة. ولذلك تتهم الديمقراطية اللبرالية بهوس تجديد القوانين.
أما الشورى فإنها تنتج تشريعا فرعيًّا يبحث في المصالح والمنافع والمفاسد بفسحة واتساع، مهتديا بحقائق التشريع الأصلي المنـزل بالوحي.
وعند هذه النقطة تتباين (الديمقراطية الليبرالية) مع الشورى، لأن الأولى تعتمد (العَلمانية) منهجا، ولا مجال فيها للكلام على الله، ومهما اختلفت سماتها من الفصل بين الدولة والدين إلى الإلحاد وإنكار الإله؛ فإنها في كل الأحوال تبقى وضعيةً عقلية بشرية، أما الشورى فإنها مهما كانت تعمل بحرية و سعة لكنها تبقى معترفة بعبوديةٍ واحدةٍ لصانع الكون ومنظّمه، قال تعالى: (هَا أَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [3: 66] آل عمران
 المباينة في السمات بين الديمقراطية والشورى:
o القيمةَ العليا التي يسعَى نظام الشورى لتحقيقها هي (العدالة)، بينما القيمة العليا للنظام الديمقراطي هي (الحرية).
o مصدر السيادة في النظام الديمقراطي هو الشعب (مصدر بشري) أما مصدر السيادة في نظام الشورى فهو الله( ).
o المستحسن والمستقبح في النظام الديمقراطي ليس ثابتا، بل يتغير بتغير القوانين التي تنسجها حريات العقول، أما المستحسن والمستقبح في نظام الشورى، فيستند إلى تحسين الوحي أو تقبيحه أو ما يتفرع في الاستنباط عن الوحي من القياسات أو المقاصد أو الاستحسانات.
o غاية النظام الديمقراطي الوصول إلى إرضاء الجمهور، ولو كان ذلك منسجما مع نزعة عرقية أو قومية أو مزاجية عدوانية، أما نظام الشورى فإن إرضاء الناس وتحقيق منافعهم ومصالحهم مع كونه مطلبا لكنه متفرع عن إرضاء الله.
o يرعى النظام الديمقراطي المصالح المادية الدنيوية فقط، أما نظام الشورى فإنه يسعى إلى حفظ المصالح الدنيوية والدينية.

٢-١-٢: بناء سيادة القانون:
عرف الإعلان الفرنسي للحقوق والحريات الحريةَ الفردية بأنها "القدرة على عمل كل شيء لا يضر بالآخرين" وأنه لا يجوز تحديد ممارسة الحقوق الطبيعية لكل إنسان إلا بالقانون( ) فسيادة القانون على المجموع وحدها هي التي تضمن التقييد الإيجابي للحريات، ولا بد لضمان تحقيق ذلك من توازناتٍ سعى النظام الوضعي الغربي إلى إيجادها منعا لطغيان السلطات بعضها على بعض.
والتركيبة الوضعية الغربية لتوازن السلطات تحت مظلة سيادة القانون تتكون من الآتي:
• استقلال السلطة التشريعية التي من المفترض أنها على اتصال بالرأي العام في المجتمع، وتستمد قوتها من قوة ذلك الرأي العام.
• استقلال السلطة التنفيذية اعتمادا على ما تملكه من قوة مادية، مالية أو أمنية وعسكرية.
• استقلال السلطة القضائية اعتمادا على التوازن بين سلطتي التشريع والتنفيذ، فالسلطة التنفيذية تعين القضاة وتوفر لهم رواتبهم وتهيئ لهم مقارّ العمل وعماله وأدواته، والسلطة التشريعية تضع القوانين التي يطبقها القضاء، والقاضي يطبق قوانين السلطة التشريعية، ويعتمد على السلطة التنفيذية في تنفيذ أحكامه. فالتصور الغربي لفكرة الفصل بين السلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية) يردُ من التصور الفلسفي للنظام الوضعي العلماني، فحيث يكون النظام القانوني نظاما وضعيا وجب أن تقام أبنيته ومؤسساته على توازنات بحيث أن كلا منها يحد سلطة الأخرى ويقيدها( ).
في نظام الشورى الإسلامي الذي استخدم قرونا لم تكن هناك حاجة لإيجاد مثل هذه التوازنات التي تحدّ من السلطات.
فالسلطة التشريعية درجتان:
o درجة أولى هو تشريع الوحي.
o ودرجة ثانية يتم فيها استنباط حكم من أصول الدرجة الأولى من التشريع أو من مقاصده، أو استحسانٌ من ظلاله.
والذي يراجع التاريخ الإسلامي سيجد أن تشريع الدرجة الثانية، لم يكن من سلطات الدولة أصلا، بل لم يكن للدولة أي سلطان عليه، فكلما ظهرت في البيئة العلمية قوة استنباطية كانت تنتج تفريعاتٍ اجتهاديةً جديدة.
فوظيفة الشورى التي تنظمها الدولة عبر الاختصاصيين العدول ليس لها أن تمنع الاستنباط، بل تأخذ منه ما يناسب (باعتقادها) المستجدات، وتستنبط استنباطا جماعيا إذا لم تجد في المستنبطات ما يحل المعضلات.
في كل الأحوال فالسلطة التشريعية البشرية من الدرجة الثانية مستقلة في حالتها الشعبية العلمية، ومستقلةٌ بسلطان عدالتها وخشيتها من الله تعالى في حالتها الشورية المنتخبة (أو المعينة إذا لم يكن تعيينها مشبوها).
والسلطة القضائية في التاريخ الإسلامي يتحقق استقلالها من كونها غير خاضعة في اجتهادها وأحكامها للسلطة التنفيذية.
السلطة التنفيذية تملك تعيين القضاة، لكنها لا تملك أحكامهم ولا توجه اجتهادهم.
والقضاء يختار أو يجتهد باستقلال تام من مساحات التشريع ذي الدرجة الثانية، وله أن يجتهد في التعزير باستقلال تام.
والسلطة التنفيذية خاضعة للقضاء ومنضبطة بتشريع الدرجة الأولى.
فلم تكن الدولة التاريخية بحاجة إلى توازنات الدولة الحديثة الوضعية.
كما أن التاريخ الإسلامي ينقل وجود قوتين رقابيتين في الدولة كان لهما فضل في تحقيق نزاهة كل سلطة واستقلالها، وهما (الحسبة) و (ديوان المظالم).
فالحسبة هيئة رقابية داعمة لتقويم الانحراف في المجتمع، عرفها الماوردي بأنها "أمر بالمعروف إذا ظهر تركه، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله"وكان المقصود منها تعقب ما يظهر في المجتمع من الانحرافات، من غير تدخل (للمحتسب) في الآليات التنفيذية الراجعة إلى الإثبات والتحقيق في (القضاء) والتطبيق التنفيذي لدى (سلطة التنفيذ).
بل إن الغزالي رحمه الله جعل الحسبة واجبا اجتماعيا نقديا على الجميع يشترك جميع الشعب فيه، نقدا وتصويبا .
أما (ديوان المظالم) فكان جهازا رقابيا منظما يضمن الاتصال المباشر بالجمهور غايته كشف الانحراف في جميع أجهزة الدولة( ).
وبما تقدم فإن الدولة (ذات المرجعية الإسلامية) بشروطها المذكورة وزخمها الرقابي غنية عن توازنات الدولة الوضعية، مع تحقق سيادة القانون فيها تشريعا وتنفيذا.
٢-١-٣: احترام حقوق الانسان:
٢-١-٣-أ: نص الإعلان الرسمي لميثاق حقوق الإنسان في الاتحاد الأوربي:
يعلن البرلمان الأوربي والمجلس الأوروبي واللجنة الأوروبية النص الرسمي التالي كميثاق للحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي.
تحرر في نيس في السابع من ديسمبر 2000
عن البرلمان الأوروبي
عن مجلس الاتحاد الأوروبي
عن اللجنة الأوروبية
تمهيد
إن شعوب أوروبا – وهي تنشأ اتحاداً أوثق فيما بينها – تعتزم التشارك في مستقبل آمن قائم على القيم المشتركة.
وإدراكاً لتراثه الروحي والأخلاقي – يتأسس الاتحاد على القيم العامة التي لا تتجزأ للكرامة الإنسانية والحرية والمساواة والتضامن؛ على أساس مبادئ الديموقراطية وسلطان القانون، ويضع الفرد في القلب من أنشطته بالاعتراف بالمواطنة للاتحاد، وبخلق مساحة للحرية والأمن والعدل.
يسهم الاتحاد في المحافظة على تنمية هذه القيم المشتركة، بينما يحترم تنوع ثقافات وتقاليد شعوب أوروبا، وكذلك الهويات القومية للدول الأعضاء، وتنظيم سلطاتها العامة على المستويات القومية والإقليمية والمحلية، وينشد تشجيع التنمية المتوازنة والمستمرة، ويضمن حرية الحركة بالنسبة للأشخاص والسلع والخدمات ورأس المال، وحرية إقامة علاقات الصداقة.
ومن أجل هذا الهدف – يكون من الضروري تقوية حماية الحقوق الأساسية في ضوء تغيرات المجتمع، والتقدم الاجتماعي، والتطورات العلمية والتكنولوجية بجعل تلك الحقوق أكثر وضوحاً في الميثاق.
ويجدد هذا الميثاق تأكيده – بالاحترام الواجب لسلطات ووظائف المجتمع والاتحاد، ومبدأ المشاركة في القرار – على الحقوق الناشئة على وجه الخصوص عن التقاليد الدستورية والالتزامات الدولية المشتركة بين الدول الأعضاء، والمعاهدة بشأن الاتحاد الأوروبي، ومعاهدات المجتمع، والاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والمواثيق الاجتماعية التي يتبناها المجتمع والمجلس الأوروبي، وقانون الدعوى لمحكمة العدل للمجتمعات الأوروبية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
إن التمتع بهذه الحقوق يستلزم مسئوليات وواجبات نحو الأشخاص الآخرين والمجتمع الإنساني وأجيال المستقبل.
ولهذا يقر الاتحاد بالحقوق والحريات والمبادئ الواردة فيما يلي:
الفصل الأول:
مادة 1
الكرامة الإنسانية
الكرامة الإنسانية مقدسة، ويجب احترامها وحمايتها.
مادة 2
الحق في الحياة
1- كل شخص له الحق في الحياة.
2- لا يحكم على أي شخص بعقوبة الإعدام أو يتم إعدامه.
مادة 3
حق الشخص في السلامة
1- لكل شخص الحق في احترام سلامته البدنية والعقلية.
2- في مجال الطب وعلم الأحياء – يجب احترام ما يلي على وجه الخصوص:
- الموافقة الحرة والمعلومة للشخص المعني – طبقاً للإجراءات التي يضعها القانون،
- حظر الممارسات التي تتعلق بتحسن النسل – وخاصة تلك التي تهدف إلى انتقاء الأشخاص،
- حظر جعل جسم الإنسان وأجزائه مصدراً للكسب المالي،
- حظر الاستنساخ التناسلي البشري.
مادة 4
حظر التعذيب والمعاملة أو العقوبة غير الإنسانية أو المهينة
لا يخضع أي شخص للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة غير الإنسانية أو المهينة.
مادة 5
حظر الاسترقاق والعمل بالإكراه
1- لا يجوز استرقاق أي شخص أو استعباده.
2- لا يجوز أن يطلب من أي شخص أن يؤدي عملاً قسراً أو كرهاً.
3- يحظر الاتجار في البشر.
مادة 6
الحق في الحرية والأمن
لكل شخص الحق في الحرية والأمن.
مادة 7
احترام الحياة الخاصة والحياة العائلية
لكل شخص الحق في احترام حياته الخاصة وحياته العائلية وبيته واتصالاته.
مادة 8
حماية البيانات الشخصية
1- لكل شخص الحق في حماية البيانات الشخصية التي تتعلق به.
2- يجب أن تعامل مثل هذه البيانات على نحو ملائم لأغراض محددة، وعلى أساس موافقة الشخص المعني، أو على أساس مشروع يحدده القانون، ويكون لكل شخص الحق في الوصول إلى البيانات التي تم جمعها وتتعلق به، وحق الحصول عليها صحيحة.
3- يخضع الإذعان لهذه القواعد لرقابة هيئة مستقلة.
مادة 9
الحق في الزواج والحق في تكوين أسرة
يكفل الحق في الزواج والحق في تكوين أسرة وفقاً للقوانين المحلية التي تحكم ممارسة هذه الحقوق.

مادة 10
حق الفكر والضمير والديانة
1- كل شخص الحق في حرية الفكر والضمير والديانة، ويشمل هذا الحق الحرية في تغيير الديانة، أو العقيدة، وحرية إعلان الديانة أو العقيدة والتعبد والتعليم والممارسة وإقامة الشعائر، إما بمفرده، أو بالاجتماع مع الآخرين، وإما بشكل علني أو بشكل سري.
2- إقرار الحق في عدم الاشتراك في الحروب وفقاً للقوانين المحلية التي تحكم ممارسة هذا الحق.
مادة 11
حرية التعبير والمعلومات
1- لكل شخص الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء، وتلقي ونقل المعلومات والأفكار، دون تدخل من السلطة العامة وبصرف النظر عن الحدود.
2- تحترم الحرية وتعددية وسائل الإعلام.
مادة 12
حرية التجمع وحرية تكوين الاتحادات
1- لكل إنسان الحق في حرية التجمع السلمي وحرية الاتحاد على كافة المستويات – وخاصة في المسائل السياسية والتجارية والنقابية والمدنية والتي تتضمن حق أي إنسان في تكوين والانضمام إلى النقابات المهنية لحماية مصالحه.
2- تسهم الأحزاب السياسية على المستوى النقابي في التعبير عن الإرادة السياسية لأعضاء النقابة.
مادة 13
حرية الفنون والعلوم
تكون الفنون والبحث العلمي حرة من القيود، وتحترم الحرية الأكاديمية.
مادة 14
الحق في التعليم
1- لكل إنسان الحق في التعليم والحصول على التدريب المهني والمستمر.
2- يشمل هذا الحق إمكانية تلقي تعليم إلزامي بالمجان.
3- تحترم حرية إنشاء مؤسسات تعليمية بالاحترام الواجب لمبادئ الديموقراطية، وحق الآباء في ضمان أن التعليم والتدريس لأطفالهم يتفق مع اعتقادهم الديني والفلسفي والتربوي وفقاً للقوانين المحلية التي تحكم ممارسة هذه الحرية وهذا الحق.
المادة 15
حرية اختيار مهنة والحق في الارتباط بعمل
1- لكل إنسان الحق في الارتباط بعمل وممارسة مهنة يختارها أو يقبلها بحرية.
2- لكل مواطن بالاتحاد حرية البحث عن الوظيفة والعمل وممارسة حق الإنشاء، وتوفير الخدمات في أي دولة عضو.
3- يكون لمواطني البلاد الأخرى المصرح لهم بالعمل في أقاليم الدول الأعضاء الحق في ظروف عمل مساوية لتلك الخاصة بمواطني الاتحاد.
مادة 16
الحق في إدارة عمل تجاري
يتم إقرار حرية إدارة عمل تجاري وفقاً لقانون المجتمع والقوانين والممارسات المحلية.
مادة 17
الحق في الملكية
1- لكل إنسان الحق في امتلاك واستخدام والتصرف في توريث ممتلكاته التي حصل عليها بشكل قانوني، ولا يجوز حرمان أي شخص من ممتلكاته إلا للمصلحة العامة، وفي الحالات وبموجب الشروط التي ينص عليها القانون، ويخضع ذلك للتعويض العادل الذي يدفع له في الوقت المناسب تعويضاً عن خسارته، ويجوز أن ينظم القانون استخدام الممتلكات بما تقتضيه المصلحة العامة.
2- تتم حماية الملكية الفكرية.
مادة 18
الحق في اللجوء
يكفل حق اللجوء بالاحترام الواجب لقواعد اتفاقية جنيف بتاريخ 28 يوليو 1951، وبروتوكول 31 يناير 1967 الذي يتعلق بوضع اللاجئين وطبقاً للمعاهدة التي تنشأ المجتمع الأوروبي.
مادة 19
الحماية في حالة الفصل أو الترحيل أو التسليم
1- تحظر حالات الترحيل الجماعي.
2- لا يجوز فصل أو إبعاد أو تسليم أي شخص إلى دولة إذا كان هناك خطر شديد بتعرضه لعقوبة الإعدام، أو التعذيب، أو المعاملة أو العقوبة غير الإنسانية المهينة.
الفصل الثالث: المساواة
مادة 20
المساواة أمام القانون
يتساوى الجميع أمام القانون.
مادة 21
عدم التمييز
1- يخطر أي تمييز قائم على أي سبب مثل الجنس أو العرق أو اللون أو الأصل العرقي أو الاجتماعي أو السمات الأجنبية أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر أو الانتساب إلى أقلية قومية أو بسبب الممتلكات أو الميلاد أو الإعاقة أو السن أو التوجه الجنسي.
2- في نطاق تطبيق المعاهدة التي تنشئ المجتمع الأوروبي، والمعاهدة بشأن الاتحاد الأوروبي ودون الإخلال بالأحكام الخاصة لتلك المعاهدات – يحظر أي تمييز على أساس الجنسية.
مادة 22
الاختلاف الثقافي والديني واللغوي
يحترم الاتحاد الاختلاف الثقافي والديني واللغوي.
مادة 23
المساواة بين الرجال والنساء
تكفل المساواة بين الرجال والنساء في كافة المجالات بما في ذلك الوظيفة والعمل والأجر، ولا يمنع مبدأ المساواة المحافظة على أو تبني الإجراءات التي تكفل مزايا معينة لصالح الجنس الأقل تمثيلاً.
مادة 24
حقوق الطفل
1- يكون للأطفال الحق في الحماية والرعاية كما تتطلب مصلحتهم، ويجوز لهم أن يعبروا عن وجهات نظرهم بحرية، وتؤخذ وجهات النظر هذه في الاعتبار بشأن المسائل التي تخصهم وفقاً لأعمارهم ونضجهم.
2- في كافة الأفعال التي تتعلق بالأطفال – سواء اتخذتها السلطات العامة أو المؤسسات الخاصة – يجب أن تؤخذ مصالح الطفل في الاعتبار الأول، ويكون لكل طفل الحق في الحفاظ على علاقة شخصية واتصال مباشر مع والديه على نحو منتظم ما لم يكن ذلك يخالف مصلحته.
مادة 25
حق كبار السن
يقر الاتحاد ويحترم حقوق كبار السن في أن يحيوا حياة كريمة ومستقلة، والمشاركة في الحياة الاجتماعية والثقافية.
مادة 26
اندماج الأشخاص ذوي الإعاقة
يقر الاتحاد ويحترم حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الاستفادة من الإجراءات التي وضعت لضمان استقلالهم وتكاملهم الاجتماعي والمهني والمشاركة في حياة المجتمع.
الفصل الرابع: التضامن
مادة 27
حق العمال في الحصول على المعلومات والتشاور داخل نطاق الالتزام
يكفل للعمال أو ممثليهم – المعلومات والتشاور في الوقت المناسب في الحالات وطبقاً للشروط التي ينص عليها قانون المجتمع، والقوانين والممارسات المحلية.
مادة 28
الحق في عقد الصفقات والعمل الجماعي
يكون للعمال وأصحاب العمل – أو منظماتهم الخاصة بهم – طبقاً لقانون المجتمع والقوانين والممارسات المحلية – حق التفاوض وإبرام الاتفاقات الجماعية على المستويات الملائمة، وفي حالة تعارض المصالح يكون لهم الحق في اتخاذ إجراء جماعي للدفاع عن مصالحهم بما في ذلك الإضراب.
مادة 29
حق الحصول على خدمات التوظيف
لكل إنسان الحق في الحصول على خدمات توظيف مجانية.
مادة 30
الحماية في حالة الفصل التعسفي
لكل عامل الحق في الحماية ضد الفصل التعسفي – طبقاً لقانون المجتمع، والقوانين والممارسات المحلية.
مادة 31
ظروف العمل العادلة
1- لكل عامل الحق في ظروف عمل تحترم صحته وسلامته وكرامته.
2- لكل عامل الحق في تحديد الحد الأقصى لساعات العمل، وفترات الراحة اليومية والأسبوعية، وفترة سنوية مدفوعة الأجر.
مادة 32
حظر عمل الطفل وحماية الشباب أثناء العمل
يحظر تشغيل الأطفال، ولا يجوز أن يكون الحد الأدنى لسن الالتحاق بالعمل أقل من الحد الأدنى لسن التخرج في المدرسة، دون الإخلال بمثل هذه القواعد مثلما يكون مناسباً للشباب وباستثناء القيود المحدودة، ويجب أن يتمتع الشباب الذين يلتحقون بالعمل بظروف عمل مناسبة لأعمارهم، ويجب حمايتهم ضد الاستغلال الاقتصادي، وأي عمل من المحتمل أن يضر بسلامتهم أو صحتهم أو نموهم البدني أو العقلي أو الأخلاقي أو الاجتماعي، أو يتعارض مع تعليمهم.
مادة 33
الحياة العائلية والمهنية
1- تتمتع الأسرة بالحماية القانونية والاقتصادية والاجتماعية.
2- للتوفيق بين الحياة العائلية والحياة المهنية – يكون لكل إنسان الحق في الحماية من الفصل لسبب يتعلق بالأمومة، والحق في إجازة أمومة مدفوعة الأجر، وإجازة بعد الولادة، أو تبني طفل.
مادة 34
الضمان الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية
1- يقر الإتحاد ويحترم الحق في إعانات الضمان الاجتماعي، والخدمات الاجتماعية التي توفر الحماية في حالات مثل الأمومة، والمرض، وإصابات العمل، والعوز أو الشيخوخة، وفي حالة فقد الوظيفة وفقاً للقواعد التي يضعها قانون المجتمع والقوانين والممارسات المحلية.
2- يكون من حق أي شخص يقيم ويتنقل بشكل قانوني داخل نطاق الاتحاد الأوروبي الحصول على إعانات الضمان الاجتماعي والمزايا الاجتماعية وفقاً لقانون المجتمع والقوانين والممارسات المحلية.
3- لمكافحة الحرمان الاجتماعي والفقر – يقر الاتحاد ويحترم الحق في الحصول على المعونة الاجتماعية، ومعونة الإسكان من أجل ضمان حياة لائقة لكل أولئك الذين يفتقرون إلى الموارد الكافية وفقاً للقواعد التي يضعها قانون المجتمع والقوانين والممارسات المحلية.
مادة 35
الرعاية الصحية
لكل إنسان الحق في الحصول على الرعاية الصحية الوقائية، والحق في الاستفادة من العلاج الطبي، بموجب الشروط التي تضعها القوانين والممارسات المحلية، ويكفل مستوى عال من حماية صحة الإنسان في تحديد وتنفيذ كافة سياسات وأنشطة الاتحاد.
مادة 36
الحصول على خدمات المنفعة الاقتصادية العامة
يقر الاتحاد ويحترم الحصول على خدمات المنفعة الاقتصادية العامة كما تنص القوانين والممارسات المحلية، وفقاً للمعاهدة التي شرعها المجتمع الأوروبي، من أجل تنمية التماسك الاجتماعي والإقليمي للاتحاد.
مادة 37
الحماية البيئية
يجب إدراج وضمان مستو عال من الحماية البيئية وتحسين الجودة البيئية في سياسات الاتحاد وفقاً لمبدأ التنمية المستمرة.
مادة 38
حماية المستهلك
تضمن سياسات الاتحاد مستوى عال من حماية المستهلك.
الفصل الخامس: حقوق المواطنين
مادة 39
الحق في التصويت والترشيح في انتخابات البرلمان الأوروبي
1- يكون لكل مواطن في الاتحاد حق التصويت والترشيح في انتخابات البرلمان الأوروبي في الدولة العضو التي يقيم فيها بموجب نفس الشروط التي تطبق على مواطني تلك الدولة.
2- يتم انتخاب أعضاء البرلمان الأوروبي بالتصويت العام المباشر في اقتراع حر أو سري.
مادة 40
الحق في التصويت والترشيح في الانتخابات البلدية
يكون لكل مواطن في الاتحاد حق التصويت والترشيح في الانتخابات البلدية في الدولة العضو التي يقيم فيها بموجب نفس الشروط التي تطبق على مواطني تلك الدولة.
مادة 41
الحق في الإدارة الجيدة
1- يكون لكل شخص الحق في أن تعالج شؤونه بنزاهة، وعلى نحو ملائم، وفي خلال وقت معقول من قبل مؤسسات وهيئات الاتحاد.
2- ويشمل هذا الحق:
- حق كل شخص في الاستماع إليه قبل اتخاذ أي إجراء غير ملائم قد يؤثر عليه.
- حق كل شخص في الحصول على المستندات الخاصة به، مع احترام المصالح المشروعة للسرية المهنية والتجارية.
- التزام الإدارة بإبداء أسباب قراراتها.
3- يكون لكل شخص الحق في أن يعوضه المجتمع عن أي ضرر تسببه مؤسساته أو موظفيها عند أداء واجباتهم وفقاً للمبادئ العامة المشتركة بين قوانين الدول الأعضاء.
4- يجوز لأي شخص أن يكتب لمؤسسات الاتحاد بإحدى لغات المعاهدات، ويجب أن يتلقى رداً بنفس اللغة.
مادة 42
الحق في الحصول على المستندات
يكون من حق أي مواطن بالاتحاد، وأي شخص طبيعي أو معنوي مقيم أو له مكتب مسجل في دولة عضو الحصول على مستندات البرلمان الأوروبي أو المجلس أو اللجنة.
مادة 43
محقق الشكاوى
يكون من حق أي مواطن بالاتحاد وأي شخص طبيعي أو معنوي مقيم أو له مكتب مسجل في دولة عضو أن يرفع إلى محقق الشكاوى بالاتحاد قضايا سوء الإدارة في أنشطة مؤسسات أو هيئات المجتمع، باستثناء محكمة العدالة، والمحكمة الابتدائية اللتان تعملان بصفتهم القضائية.
مادة 44
الحق في تقديم التماس
يكون من حق أي مواطن بالاتحاد وأي شخص طبيعي أو معنوي مقيم أو له مكتب مسجل في دولي عضو أن يقدم التماساً للبرلمان الأوروبي.
مادة 45
حرية الحركة والإقامة
1- لكل مواطن بالاتحاد الحق في الحركة والإقامة بحرية داخل إقليم الدول الأعضاء.
2- يجوز منح حرية الحركة والإقامة – وفقاً للمعاهدة التي شرعها المجتمع الأوروبي – لمواطني الدول الأخرى المقيمين بشكل قانوني في إقليم دولة عضو.
مادة 46
الحماية الدبلوماسية والقنصلية
لكل مواطن بالاتحاد الحق في الحماية – في إقليم دولة أخرى يكون مواطناً فيها وليس بها تمثيل – من قبل الجهات الدبلوماسية أو القنصلية لأي دولة عضو طبقاً لنفس الشروط التي تطبق على مواطني تلك الدولة العضو.
الفصل الخامس: العدالة
مادة 47
الحق في وسائل فعالة ومحاكمة عادلة
يكون من حق أي إنسان تنتهك حقوقه وحرياته التي يكفلها قانون الاتحاد الحق في وسائل فعالة أمام المحكمة، وفقاً للشروط التي تضعها هذه المادة، ويكون من حق أي إنسان محاكمة عادلة وعلنية في خلال وقت معقول من قبل محكمة عادلة ومستقلة ينشئها القانون مسبقاً، ويكون لأي إنسان إمكانية المشورة والدفاع والتمثيل، وتتاح المعونة القانونية لأولئك الذين يفتقرون إلى الموارد الكافية بالقدر الذي تكون مثل هذه المعونة لازمة لضمان الوصول إلى العدالة.
مادة 48
افتراض البراءة وحق الدفاع
1- كل شخص يتهم يفترض أنه برئ وحتى يثبت أنه مذنب طبقاً للقانون.
2- يكفل احترام حقوق الدفاع لأي شخص يوجه له اتهام.
مادة 49
مبادئ الشرعية وتناسب الجرائم والعقوبات
1- لا يعتبر أي شخص مذنباً بأي جريمة بسبب أي فعل أو إهمال لم يكن يشكل جريمة بموجب القانون المحلي أو القانون الدولي حين ارتكابه، ولا تفرض عقوبة أشد من التي كانت واجبة التطبيق وقت ارتكاب الجريمة، وإذا نص القانون على عقوبة أخف – بعد ارتكاب الجريمة – تطبق تلك العقوبة.
2- لا تخل هذه المادة بمحاكمة وعقاب أي شخص عن أي فعل أو إهمال كان – وقت ارتكابه – مجرماً طبقاً للمبادئ العامة التي تقرها الدول.
3- يجب أن تتناسب شدة العقوبات مع الجريمة.
مادة 50
الحق في عدم المحاكمة أو العقوبة مرتين في إجراءات جنائية عن نفس الجريمة
لا يكون أي شخص عرضة للمحاكمة أو العقوبة مرة أخرى في إجراءات جنائية عن جريمة تمت تبرئته أو إدانته بالفعل بشكل نهائي داخل نطاق الاتحاد طبقاً ووفقاً للقانون.
الفصل السابع: أحكام عامة
مادة 51
1- توجه أحكام هذا الميثاق إلى مؤسسات وهيئات الاتحاد – مع وضع الاعتبار الواجب لمبدأ المشاركة في القرار – وإلى الدول الأعضاء فقط عند تنفيذ قانون الاتحاد، وبناء على ذلك يحترمون الحقوق، ويتقيدون بالمبادئ، ويشجعون على تطبيقها وفقاً لسلطاتها.
2- لا ينشئ هذا الميثاق أي سلطة أو مهمة جديدة للمجتمع أو الاتحاد أو يعدل السلطات والمهام التي تحددها المعاهدات.
مادة 52
نطاق الحقوق المكفولة
1- يجب أن ينص القانون على أي تقييد بشأن ممارسة الحقوق والحريات التي يقرها هذا الميثاق، ويجب احترام جوهر تلك الحقوق والحريات، وفقاً لمبدأ التناسب – يجوز وضع القيود فقط إذا كانت لازمة وتفي بشكل حقيقي بأهداف المصلحة العامة التي يقرها الاتحاد، أو الحاجة لحماية حقوق وحريات الآخرين.
2- تمارس الحقوق التي يقرها هذا الميثاق والتي تقوم على أساس معاهدات المجتمع أو المعاهدة بشأن الاتحاد الأوروبي بموجب الشروط وفي نطاق القيود التي تحددها تلك المعاهدات.
3- بقدر ما يتضمن هذا الميثاق من حقوق والتي تتطابق مع الحقوق التي تكفلها اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية – يكون مفهوم ونطاق تلك الحقوق هو نفس المفهوم والنطاق الذي تضعه الاتفاقية المذكورة، ولا يمنع هذا الحكم قانون الاتحاد من أن يوفر حماية أوسع.
مادة 53
مستوى الحماية
لا يفسر أي شئ في هذا الميثاق على أنه يقيد أو يؤثر بشكل معاكس على حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي يعترف بها – في مجالات تطبيقها – قانون الاتحاد، والقانون الدولي، والاتفاقيات الدولية التي يكون الاتحاد أو المجتمع أو كافة الدول الأعضاء طرفاً فيها بما في ذلك الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ودساتير الدول الأعضاء.
مادة 54
حظر إساءة استخدام الحقوق
لا يفسر أي شئ في هذا الميثاق على أنه يتضمن أي حق للمشاركة في أي نشاط أو للقيام بأي فعل يهدف إلى هدم أي من الحقوق والحريات التي يقرها هذا الميثاق أو إلى تقييدها إلى حد أكبر من التي ينص عليها فيه.( )
٢-١-٣- ب: ملاحظات على بند حقوق الإنسان:
o بنيت الرؤية الفلسفية لحقوق الإنسان في التصور الغربي على فكرة (الحق الطبيعي) التي تعني أن الإنسان ولد ومعه حقوق طبيعية غير ممنوحة من سلطة أعلى، فهي (في التصور الغربي) حقوق طبيعية موجودة بذاتها، وعلى الإنسان أن يبحث عنها.
ولم تنضج أو تستقر نظرية الحقوق الطبيعية.
وتقوم الرؤية الإسلامية لمفهوم حقوق الإنسان على مبدأ (التكريم الإلهي)، فهذه الحقوق منحة من الله، وليست حقوقًا طبيعية ذاتية، وهي ممنوحة للإنسان اختبارا وتكليفا، فهي هبة الله وهي أيضا محل مسؤولية ومساءلة.
o حقوق الإنسان في التصور الغربي حقوق تتم المطالبة بها، لكنها في الرؤية الإسلامية ضرورات وواجبات؛ وعلى الإنسان أن يطلبها ويتمسَّك بها ويسعى إليها( ).
o حقوق الأقليات في الرؤية الإسلامية واجب تكليفي جاءت النصوص النبوية به (ألا من ظلم معاهدًا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفسه فأنا خصمه يوم القيامة - رواه أبوداود) (من قتل معاهدا لم يُرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً- صحيح البخاري).
o لا شك أن أوربا قطعت أشواطا كبيرة للوصول إلى اتفاقيات حقوق الإنسان ( في الحرية والتعليم والعمل والرعاية والأمن والصحة وحفظ البيئة ... الخ ) لكن تلك الحقوق (في القوانين الغربية) ما تزال بنظرنا قاصرة وتعاني من بعض التناقضات، فهناك اضطراب في حقوق المرأة حيث يبالَغ فيها في حق الزوجة وتنسف في حق الأم، واضطراب في العلاقة التربوية بين الطفل ووالديه، وتجاوز عن المجرمين القتلة باسم حق الحياة، وإفساحٌ للشذوذ الجنسي باسم حرية الاختيار، وسماحٌ بإيذاء الشعور الإنساني بالعدوان على مقدساته باسم حرية التعبير.
o تراجع الغرب في ممارساته المعاصرة عن تطبيق ما اعتمده في بعض اتفاقيات حقوق الإنسان، فانتشر الاحتجاز الاحتياطي باسم الحرب على الإرهاب، ومورس التجسس على الاتصالات والمراسلات بنفس الذريعة، ووضعت كاميرات المراقبة في كل مكان حتى كادت الخصوصية الشخصية أن تكون مفضوحة لجميع الأجهزة الأمنية.



٢-٢: المعايير الاقتصادية الأوربية (في منظورنا الإسلامي):
٢-٢-١: الاقتصاد الغربي والقيم الخُلقية:
يقول العاملون في النظام الاقتصادي الوضعي إن علم الاقتصاد لا علاقة له بالأخلاق، فلا يمكن للاقتصادي أن ينسب لنفسه أي حق خاص في تقرير القيم الأخلاقية التي ينبغي أن تسود في المجتمع•
والاقتصاد الوضعي الغربي يستمد وجوده من مبادئ خاصة به لا تراعي للأخلاق وزنًا، فعين الفاعلين الاقتصاديين في الغرب تنكب على الربح كغاية لا كوسيلة( ).
وقد أصّل المفكر طه عبد الرحمن ذلك حين بين أن التطبيق الغربي للاقتصاد الحديث يقتصر على العقلنة الأداتية، أما التطبيق الإسلامي له فتتسع عقلنته ولا تنحصر في الأدوات، بل تنفُذُ في كل مجالات الحياة ومستويات السلوك وتؤثر في الفكر والعلم والدين والأخلاق والقانون والسياسة، كما أن التطبيق الغربي يعتني بالتفاصيل في الجوهر والبنية فقط، بخلاف التطبيق الإسلامي الذي يعتني ( مع تفصيلات الجوهر والبنية) بالتوظيف الموجه، إذ لابد من بيان الوظيفة وسياقها الذي أقيمت له. وهو يرى أن نتائج التطبيق الاقتصادي الغربي لا يمكن أن تؤدي في مجال التنمية إلا إلى علاقات المصلحة المادية الخالصة، ويبقى مقصود التنمية منحصرا في تحقيق الزيادة المادية. ولن يعمل الاقتصاديون الغربيون على المستوى العالمي إلا بمبدأ السوق بلا قيد، ومبدأ التنافس بلا شرط، والربح بلا حد، ولن يكون أحدٌ في المجتمعات الضعيفة قادرا على وقف ذلك التسيب الاقتصادي.
ويرى (طه عبد الرحمن) أن الاقتصاد الإسلامي يعتمد مبدأ ابتغاء الفضل (الذي ليس هو الخيرَ المادي فقط بل هو الخير الذي تتحقق به الفضيلة ماديا أو معنويا) . ويرى ذلك ارتقاء من رتبة التنمية إلى رتبة التزكية بتكامل المقوم الاقتصادي مع المقومات الأخرى الخُلقية والروحية للتنمية( ) أي أنه اقتصاد قِيَمي.
٢-٢-٢: الاقتصاد الغربي والنظام الربوي:
لا شك أن من أهم محاور الاقتصاد الغربي استثمارات البنوك التي تعتمد نظام الإقراض الربوي، وهو نظام يحول المتعاملين إلى مجموعة كبيرة من المدينين، ويشكل الربا التراكمي عليهم عبئا كبيرا، يكرس نوعا من أنواع الظلم الاجتماعي، وتُقابلُ ذلك في الاقتصاد الإسلامي واقعيةٌ وعدالة في الربح وإنصاف بين الأطراف المتعاملة•
٢-٢-٣: مرتكزات التحليل الاقتصادي الغربي:
التحليل الاقتصادي الغربي باعتباره فكرا إنسانيا صرفا يقوم على محاولة فهم الأسس التي تحكم الواقع.
أما الاقتصاد الإسلامي فلا يكتفي بمحاولة فهم الواقع بل يرتكز التحليل الاقتصادي فيه على الضوابط المستفادة من نصوص الوحي.
كما يعاب على الفكر الاقتصادي العلماني أنه فكر هرمي لا يجيز الاستواء بين عناصره، وأنه فكر مصلحي لا يخدم إلا أغراض القوى المهيمنة( ).
ويرى المفكر طه عبد الرحمن أن الحلقة الاقتصادية في الفكر الاقتصادي العلماني تقع في ثلاث آفات:
o آفة اختزال الأخلاق في المنفعة والمصلحة الذاتية.
o وآفة تعميم مبدأ التسليع، بحيث إن كل شيء في هذا الاقتصاد الغربي مُعَرَّضٌ لمقياس السلعة والعرض والطلب.
o وآفة الانقياد لمسار العولمة، عولمة البؤس وعولمة الاستهلاك.
o ويرى أن هذا الفكر الاقتصادي تبلور في ثلاث حلقات تشكل سلسلة واحدة، وهي:
o الحلقة الإعلامية التي تقدم الجانب السياسي على الجانب الاجتماعي كما تعمل على إضفاء المشروعية للقوى السياسية الحاكمة.
o والحلقة الاقتصادية التي تقدم الجانب الاقتصادي على الجانب السياسي وتعمل على جلب المشروعية للقوى الاقتصادية المهيمنة.
o وأخيرا الحلقة المعلومية التي تقدم الجانب المعلوماتي على الجانب الاقتصادي( )•
وأنّ الاقتصاد الغربي يعاني من أزمة الصدق (الشرخ بين القول والفعل) وأزمة القصد (غياب الهدف والمقصد) ويتبنى السببية والآلية في التفسير.

٢-٣: المعايير التشريعية الأوربية (في منظورنا الإسلامي):
أغرب معايير الجودة للدولة في الاتحاد الأوربي أنه جعل التشريعات الأوربية معيار جودة تشريعي.
وهذا يشي بأن الفكر العلماني الغربي فكر وحداني لا يقبل مشاركة فكر آخر معه.
لماذا يَرفض السياسيون الغربيون ويحارِبون بشدة أي تجربة معاصرة في أي مكان من العالم لتطبيق التشريعات والقوانين الإسلامية مهما كانت مرنة وواقعية ومتطورة؟
أسباب هذا الموقف الوحداني الرافض والمعادي:
o قد يكون في الأصل نابعا من ردة الفعل العنيفة نحو انحرافات الكنيسة، ثم تمثّل في قطيعة تامة مع كل دين.
o وقد يكون بسبب العصبيةِ القومية أو العداء التاريخي الذي يصحبه خوفٌ من زوالِ الهوية الغربية بالإسلام، وتجريدِ أوربا من خصوصياتها.
o وقد يكون بسبب معرفة تميز الدين الإسلامي الجامع بين المادة والروح، والتنظيم والأخلاق، والواقعية والإيمان. وهو يرسخ العدالة والمساواة بحق بين الناس، فلا يبقى للمطامع والمصالح الاستغلالية مكان بوجوده فتفرغوا لحربه. اللهم لا أن يكون في المساحة الخلقية العامة البعيدة عن الممارسة السياسية.
ولا بد من التساؤل في هوامش المعايير التشريعية الوضعية الغربية:
o لماذا اشترط الأوربيون العَلمانيون لانضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوربي الاعتراف بالبطريركية الأرثوذكسية في اسطنبول على أنها مسكونية عالمية، وليست خاصة بأرثوذكس تركيا؟
o ما تفسير قول الرئيس الفرنسي الأسبق، فرنسوا ميتران للملك المغربي الحسن الثاني حين طلب منه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فقال له: (يستحيل قبول بلد مسلم في الاتحاد)( )
o لماذا ربطت أوربا قبول عضوية تركيا المسلمة في الاتحاد باعترافها المباين للحقيقة أنها قامت بعمل إرهابي تاريخي هو إبادة أرمينيا عام 1915 ؟
o نصت المادة 21 من ميثاق حقوق الاتحاد على منع أي تمييز قائم على أساس الدين أو العقيدة .
ونصت المادة 22 على احترام الاختلاف الثقافي والديني واللغوي. فلماذا تتخوف أوربا من وجود دولة إسلامية داخلها؟

الخلاصة:
إن أوربا قطعت شوطا كبيرا في التطور البشري، فتخلصت من مظاهر متعددة للاستبداد، وثارت على الاتجار بالدين، وما تزال تمر في ارتدادات ردود الأفعال على تاريخ مفعم بالألم، ولذلك وضعت للدولة معايير الجودة في السياسة والاقتصاد والتشريع، لكنها بسبب اختيارها للعلمانية منطلقَ حياة وقعت في معاييرها تلك في أزمة الاستناد إلى الموازين المادية المجردة، واعتماد مبادئ المصلحة المادية الخالصة، وهي وإن حاولت الارتقاء بحفظ الحقوق لكنها لم ترق إلى مستوى التوازن والعدالة في العلاقات البشرية، وهي وإن قفزت في التنمية قفزات بعيدة، لكنها ما تزال بحاجة إلى التزكية والدعم بقيم الفضيلة، وما تزال عاجزة عن قبول الإعانة الإلهية التي أُكرمت بها الإنسانية في مبادئ التشريع.
إننا ونحن نبحث عن معايير الجودة للدولة المعاصرة بحاجة ماسة إلى الانتفاع من التجربة المادية الغربية، لكننا بحاجة إلى إبداعٍ في وسائل ارتقاء المجتمع في التزكية، بما يتناغم مع الارتقاء المادي المنشود.


المصادر المراجع
القرآن الكريم
• http: //ar.wikipedia.org
• كتاب روح الحداثة لمدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية، طه عبد الرحمن، المركز الثقافي العربي. الطبعة: الأولى 2006
• النظم السياسية و القانون الدستوري، عبد الغني بسيوني عبد الله
• شبكة الألوكة ، العلاقة بين النظام السياسي الإسلامي والنظام السياسي الديمقراطي دراسة تحليلية مقارنة
• مجلة الوعي الإسلامي الكويتية ، القيم بين الاقتصاد الغربي العلماني والاقتصاد الإسلامي بقلم: حسن الأشرف بن بلعيد- المغرب
• الأهرام، السياسة الدولية، العضوية المستحيلة - محمد عبد القادر خليل - 10 مارس 2013.
• مؤتمر: الإسلام والغرب في عالم متغير، مؤسسات الـدولة في النظـم الإسلامية والغربية المستشار طـارق البشــري.








ملحق بالبحث
(صراع العلمانية والمسيحية في أوربا)

١- ثار المتدين المسيحي الألماني فريدريك نيتشه على المسيحية حتى قال عنها إنها اللعنة الكبرى والوصمة الخالدة في جبين البشرية، ووصف أخلاقها بأنها أخلاق العبيد الجبناء، ووصف الإله الذي تعلم وصفه في الكنيسة بأنه منحطّ وبالغ الشحوب، وبالغ الضعف، ولم يتحمل رؤية إله يضحي بولد له لغفران خطايا المذنبين، وكان يرى ذلك شكلا مثيرا للاشمئزاز، بربريا، لأنه تضحية ببريء، وقال: بأي شيء يفيد إله لا يعرف الغضب والإنتقام والحسد والسخرية والمكر والعنف؟ ثم قادته صدمته مما تعلمه إلى إعلان موت ذلك الإله، وكان بأفكاره الجنونية بعد ذلك سببا لظهور النازية والفاشية، حتى انتهى الأمر به إلى الجنون .

٢- تعريف النظام العلماني: في قاموس Larousse: "هو النظام الذي تُقصى فيه الكنائسُ عن ممارسة السلطة السياسية أو الإدارية، وخصوصًا في مجال التعليم."

٣- ما فعلته فرنسا الثائرة على المسيحية:
قانون الجمعيات للعام 1901 وقانون فصل السلطات للعام 1905
في مجال التعليم:
• احتكار الدولة تسمية الرتب الوظيفية في مجال التعليم
• إلغاء التعليم المسيحي في المدارس الرسمية
• إبعاد رجال الدين المسيحي عن التعليم العالي
• إعادة هيكلة المجلس الأعلى للتعليم الرسمي، بحيث تمَّ استبعاد رجال الدين المسيحي منه؛ وإصدار مرسومين ضد الرهبانيات الدينية غير المرخَّصة (وقد رافقت هذا إجراءاتٌ بوليسية ضد مقرَّاتها):
- يقضي المرسوم الأول بأن يتفرَّق اليسوعيون وأن يُخلوا أماكنَ سكنهم في غضون ثلاثة أشهر وبأن يُخلوا المؤسَّسات المدرسية في غضون خمسة أشهر. (الغاية من هذا المرسوم، برأي جول فيري، هو: "نزع روح الشبيبة الفرنسية من بين أيدي اليسوعيين.")
جول فيري (1832-1893): وزير التعليم العام (1879-1883)، يرتبط اسمُه بتشريع مدرسي ينص على إلزامية التعليم الابتدائي ومجانيته وعَلمانيته.
- يدعو المرسوم الثاني الرهبانيات غير المرخَّصة إلى الحصول على الترخيص في غضون ثلاثة أشهر، وإلا عرَّضتْ نفسَها للطرد (وبهذا تمَّ تشتيت 6000 رجل دين و261 مؤسسة دينية غير مرخَّصة).
• إصدار قانون "حرية التعليم" الذي أقرَّه مجلس الشعب بأغلبية 362 صوتًا مقابل 159 والذي يشمل:
- إلغاء "رسالة التزكية" من الأسقف التي كان الكاهن بموجبها يخوَّل التعليم؛
- رفض المساهمة في التعليم الرسمي أو الحر وعدم السماح لأيِّ فرد ينتمي إلى رهبانية دينية غير معترَف بها بإدارة أية مؤسَّسة، لا من قريب ولا من بعيد؛
- قانون مجانية التعليم وإلزاميته في المدارس الابتدائية الرسمية؛
- إلغاء التعليم الديني في المدارس الرسمية (تمَّ استبدال تعبير "التعليم الأخلاقي والمدني" بتعبير "التعليم الأخلاقي والديني")؛
- صدور مرسوم بنزع الصليب من المدارس الرسمية.
- إغلاق جامعات التعليم اللاهوتي الكاثوليكية.
- إصدار قانون بوضع المدارس الرسمية تدريجيًّا بين أيدي العَلمانيين، على أن يكون جميع أعضاء الهيئة التدريسية تدريجيًّا من العَلمانيين أو المُعَلْمَنين خلال عشرة أعوام
- تحريم التعليم ورئاسة منصب مديرية التعليم على أعضاء الرهبانيات
- إلغاء المنح الدراسية لطلاب العلوم الدينية
- إلغاء وظيفة "المشرف الروحي" في المدارس.
في مجال الخدمة العسكرية:
• تحريم مشاركة عناصر الجيش في المناسبات الدينية، تَبِعَه توضيحٌ يحظِّر عليهم ارتداء اللباس الرسمي في تلك المناسبات
• إقرار الخدمة العسكرية الإلزامية لرجال الدين أسوةً بغيرهم .
وفي المجالات الأخرى:
• إلغاء بند الدين في الاستمارات الرسمية
• إلغاء القانون الذي كان يحرِّم العطلة الأسبوعية يوم الأحد
• عَلْمَنَة المستشفيات ومؤسَّسات دفن الموتى وحتى المقابر وذلك بإزالة الطابع الديني عنها؛
• صدور مرسوم بنزع الصليب من قاعات القضاء/المحاكم (تمَّ إنزال الصليب بموجب قرار من البلدية)، وقد تمَّ التأكيد على هذا مجددًا في العام 1904
• إلغاء الصلوات عند افتتاح دورة البرلمان
• إحياء قانون ناكيه Loi Naquet في خصوص الطلاق
• إصدار قانون يمنع رؤساء العائلات التي سبق لها أن حكمت فرنسا من الإقامة فيها
• إصدار قانون ضريبي حول أوقاف الأخويات الدينية
• إلغاء مركز "المشرف الديني" في المستعمرات
• إلغاء منصب "المشرف الروحي" في المستشفيات
• صدور قانون الجمعيات (ذات الغايات غير الربحية) للعام 1901 الذي لحظ بنودًا خاصة بالرهبانيات الدينية، وفيه:
- على الأخويات القائمة رفع طلب ترخيص (إلى مجلس الدولة) في غضون ثلاثة أشهر من صدور هذا القانون تحت طائلة اعتبارها غير شرعية وحلِّها
- يُمنَع على أية رهبانية دينية ممارسة نشاطها في غياب هذا الترخيص
- يُحظر حق التدريس على كلِّ عضو في الرهبانيات الدينية
- يُمنَع الكهنة من التوجُّه إلى روما بناءً على طلب من البابا.
وقد نجم عن هذا القانون ما يلي:
• تمَّ (في العام 1901) تقديم 600 طلب ترخيص لتأسيس رهبانيات دينية، وقد رَفَضَها البرلمان كلَّها
- حُلَّت الرهبانيات الدينية غير المرخَّص لها، مما دفعها إلى الهجرة خارج فرنسا.
أعلى الصفحة