الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Articles المقالات
 
كيف كان أجداد العرب يخاطبون الحكام؟
19/3/2011
 
تاريخنا العربي كان يمثل في كثير من جوانبه العزة والكرامة، ولم يكن العربي يقبل استعباد كبير أو صغير له، وليس الذي نقوله مجرد دعاوي ندعيها أو مفاخر نخترعها، إنما هي حقائق في الممارسات، واقرؤوا ما سأنقله لكم يا سادتي العرب المعاصرين:
قال الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم:
إذا ما المَلُكُ سام الناسَ خسفا ..... أبينا أن نقر الخسف فينا
والمعنى إذا أراد حاكم أو ملك إذلالنا رفضنا ذلك.
وفي العصر الراشدي يأتي أعرابي عربي إلى الخليفة عمر بن الخطاب حاكم الشرق والغرب يومها يطلب منه أن يكسو عياله فيقول له:
يا عُمَر الخيرِ جُزَيت الجنّهْ
اُكْسُ بُنَياتّي وأمّهُنّه
وكُنْ لنا من الزمان جُنّه ...
اُقسم بالله لتفعلَنّهْ
يطلب منه الكسوة ويطلب منه أن يكون لهم ( جنة) أي درعا وحماية من الفقر، ثم يُقسمُ على الخليفة أن ينفذ له ما طلب.
ويريد الخليفة أن يختبر جرأته وأن يتابع الحديث معه قبل تلبيته فيقول له:
إن لم أفعل يكون ماذا
فيقول الأعرابي:
إذاً أبا حفصٍ لأذهَبَنّه
يقول له سأذهب ولن أعود إليك.
فيقول له عمر:
إذا ذهبت ماذا يكون ؟
فيُذكّره الأعرابي بحساب الله تعالى له ويقول:
تكون عن حالي لتُسْألنّهْ
يوم تكون الاُعْطِيات هَنّهْ
ومَوْقِفُ المسئول بيْنَهُنّهْ
إمّا إلى نارٍ وإمّا جَنة
أي سيسألك الله الذي هو أقوى منك عن تقصيرك في حقي في يوم تكون العطايا فيه مستحيلة، والحساب مآله إلى النار أو الجنة.
هنا يهتز الحاكم عمر ويضعف أمام سلطان الله ملك الملوك فيبكي ..
إن خزينة بيت المال فارغة فماذا سيفعل؟
ولكنه لا يتردد فيخلع قميصه الذي يلبسه ويعطيه للأعرابي!
أما في العصر العباسي فنقرأ خطاب أبي العتاهية للخليفة العباسي هارون الرشيد الذي كان يقول للسحابة أمطري حيث شئت فسوف يأتيني خراجك ( أي ربحك) يقف أمامه ويهدده بحساب الله تعالى له قائلا:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تمشي على اليبس
أي تريد نجاتك عند الله ولا تقوم بأسبابها؟
فيبكي هارون ويأخذ من كلامه العظات
هكذا كان أسلافنا في الشجاعة والجرأة، وهكذا كانت استجابات الحكام!
فهل نحن اليوم عرب؟
أعلى الصفحة