الموقع الشخصي للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
الطب مهنتي والشعر أغنيتي وعلوم القرآن والسنة ثقافتي والتصوف ذوقي وسجيتي والفكر سلاحي وعلامتي والتربية بنقل الناس من علائق الكون إلى الاستغراق في حضرة الله وظيفتي وتحبيب الخلق بخالقهم فني وهوايتي
 

موقع الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني
 
Masjed Lessons دروس مسجدية
 
باب تحريم الظلم والأمر برد المظالم الحديث الثالث عشر
رياض الصالحين
درس الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني في جامع العادلية بحلب
17/3/2010
 
مشاهدة /video/
ملف نصي   كتاب إلكتروني   استماع ²
الحديث الثالث عشر في باب تحريم الظلم
درس الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني في جامع العادلية بتاريخ 17/3/2010
وعن عَدِي بن عُمَيْرَةَ رضي اللَّه عنه قال : سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول : « مَن اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَل ، فَكَتَمَنَا مِخْيَطاً فَمَا فَوْقَهُ ، كَانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يوْم الْقِيامَةِ » فقَام إَلْيهِ رجُلٌ أَسْودُ مِنَ الأَنْصَارِ ، كأَنِّي أَنْظرُ إِلَيْهِ ، فقال : يا رسول اللَّه اقْبل عني عملَكَ قال: «ومالكَ؟» قال : سَمِعْتُك تقُول كَذَا وَكَذَا ، قال : « وَأَنَا أَقُولُهُ الآن : من اسْتعْملْنَاهُ عَلَى عملٍ فلْيجِئ بقَلِيلهِ وَكِثيرِه ، فمَا أُوتِي مِنْهُ أَخَذَ ومَا نُهِي عَنْهُ انْتَهَى » رواه مسلم .
الذي يُؤخذ من هذا الحديث كثير، لكننا نقف على أمور ثلاثة في هذا الحديث الشريف المبارك:
الأمر الأول: أن أمر المسلمين يقوم على الوضوح، ولا يقوم على ضبابية التعامل، ولا يقوم على العمل من وراء الظهر كما يقولون، الإسلام شمس منيرة، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سراج منير.
وجاء في الحديث: (الإثم ما حاك في الصدر وخشيت أن يطلع عليه الناس) فإذا كان لا يخاف ويرى أن سرّه مثل علانيته، لأنه يستند إلى منهج واضح فهذا على خير، لكن الذي يعمل في الظلام، ويتكتم على ما يعمله فافهم أن تحت هذا التكتم خبثاً يريد أن يغطيه.
لا يوجد أفضل من الوضوح، وكل شيء يتم في الخفاء فهو مردود على أصحابه، فديننا دين واضح وكل ما فيه ينبغي أن يكون قائماً على الوضوح.
الأمر الثاني: الأمانة في المال لاسيما عند العمّال، ومفهوم العمال في الماضي يرادف مفهوم الموظف في وقتنا هذا.
الأمانة هي التي يتميز بها المسلم المراقب لله عن غيره، غير المسلم المراقب لله يخاف من التفتيش والرقابة، يخاف من الهيئات التي تشكلت من المخلوقين، لكن المؤمن المراقب لله الذي قرأ في كتاب الله تبارك وتعالى: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} [التوبة:105] {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} [الشعراء:218] هذا لا يحتاج إلى مراقبة الخلق لأنه غيّب نظر الخلق في نظر الحق.
وأما الموضوع الثالث الذي يلفت انتباهنا إليه هذا الحديث المبارك فهو: كراهية الأصحاب للرياسة وخوفهم من أوزارها وتبعاتها، الذي يطلب الإمارة ليس فيه خير، الذي يطلب التقدم على الآخرين ليس فيه خير، لكن إذا قدّمه الحق وما أراد بنفسه تقديماً، استعمله الحق وما أراد لنفسه أن يكون مستعمَلاً، فإنه يوافق إقامة الله تبارك وتعالى فيُعان في هذا الأمر.
الكلمة التي يحكونها أن: " آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرياسة" هذه كلمة لا تعجبني ولا أراها متوافقة مع منهج القوم، أقول: أول ما يخرج وليس آخر ما يخرج "أول ما يخرج من قلوب السالكين حب الرياسة" وإذا لم يخرج لا يحكِ عن نفسه ويقول: أنا سالك، لأنهم قالوا في المتفق عليه: "خلّ نفسك وتعال" من أين سيأتي معه هذه القاعدة حب الرياسة؟
كل هذه العلل لا يمكن أن تخرج من القلوب إلا عندما تدخل عظمة الله، عندما يدخل تعظيم الله تبارك وتعالى إلى القلوب، وعندما تدخل المحبة، تخرج العلل, لأن الحُب يُذل وكما قالوا:
وشعار أهل العشق ذل نفوسهم.....
بدون محبة تجد الإنسان متكبرًا مثل الديك، بمجرد أن تدخل المحبة إلى قلبه يتململ في الأعتاب، لذلك قال ابن عطاء في حكمه: "لا يخرج الشهوة من القلب إلا خوف مزعج، أو شوق مقلق"
والمقصود بالشهوة: الشهوة بكل أنواعها ، شهوة الرياسة، شهوة الجاه، شهوة السلطان، شهوة المال، شهوة الغريزة...
الخوف المزعج يكون الإنسان فيه مستغرقًا في تعظيم الله، والشوق المقلق يكون الإنسان فيه محترقًا في المحبة، فإذا حصل الإنسان على أحد هذين المعنيين، أو عليهما معاً، عند ذلك أينما كان يكون موفقاً.
نسأل الله سبحانه وتعالى أم يملئ قلوبنا بأنوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونسأله تبارك وتعالى التوفيق إلى كل خير.

أعلى الصفحة